سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مأساة إنسانية حقيقية.. 35 أسرة تعيش خارج التاريخ قرب مدينة فاس: زيارة العلم للموقع اثارت سخط أجهزة السلطة التي خربت الممتلكات البسيطة عوض معالجة الأوضاع المزرية
* مواطنون يتخبطون في الفقر والأمية يعيشون في خيام مرتقة بالأثواب البالية وأكياس البلاستيك والخيش * الأبناء ينقطعون عن الدراسة بسبب بعد المدارس وانعدام الشروط المشجعة على التمدرس على بعد حوالي عشر كلومترات من مدينة فاس، العاصمة العلمية للمملكة، تعيش 35 أسرة مغربية، حياة خارج التاريخ،في ظروف غير إنسانية تسحق فيها الكرامة والكبرياء..رجال ونساء وشيوخ وأطفال يصارعون الزمن من أجل العيش فقط، يتخبطون في الفقر والأمية،يعيشون في خيام مرتقة بكل أنواع أسمال الأثواب البالية وأكياس البلاستيك والخيش وغيرها.. الخيام تأوي الإنسان وكل أنواع الحيوانات الأليفة في نفس الوقت..الخيام مكان للنوم وللطبخ ولأشياء أخرى ...إنها صورة حقيقية وليس من نسج الخيال، تلك التي تشكلها المساكن أو بالأحرى الخيام المرتقة في تجمع سكاني بدائي موجود فوق تراب دوار سيدي الوافي .. لا يمكن للإنسان إلا أن يصاب بالصدمة وهو يكتشف هذا التجمع السكاني، الذي يعيش حياة منبوذة في غياب أبسط شروط الحياة الإنسانية، بدون تجهيزات أساسية، بدون ماء بدون كهرباء، بدون مرافق صحية، بدون مرافق اجتماعية.. وليجتهد المجتهدون لمعرفة كيف يعيش أفراد هذه الأسر حياتهم اليومية..كيف يصومون شهر رمضان ..كيف يفرحون بالأعياد.. كيف ينامون .. كيف يقضون حاجاتهم البسيطة.. كيف تربي الأمهات أبناءهن ..كيف يطبخن ..كيف ..كيف ؟؟؟ الأبناء غير قادرين على متابعة دراستهم، نظرا لبعد المدارس، وانعدام الشروط المشجعة على التمدرس، كيف سيقومون بإنجاز تمارينهم المدرسية في المساء، وهم يعيشون في خيام مهترئة إلى جانب الدواجن في غياب الكهرباء؟؟ الأسر التي تعيش شبه عزلة، لا تطالب بالمعجزات، إنها ترغب فقط في توفير الظروف البسيطة للعيش الكريم، الماء والكهرباء، ووسائل التمدرس والتطبيب .. ويتساءل المواطنون في هذا "التجمع السكاني البدائي" بحسرة شديدة عن الأسباب الحقيقية التي تجعل المسؤولين لا يهتمون بأوضاعهم،حيث لا يتم تذكرهم سوى أثناء الاستحقاقات الانتخابية والدستورية وفي عمليات إحصاء السكان.التقت جريدة العلم أسر الإدريسي والمحمدي وجمولة والغوال، وكان صوتها واحدا هو انتباه السلطات المختصة إلى معاناتهم، والمطالبة برفع الظلم الاجتماعي عنهم .. تطوعت الأخت فدوى الكاتبة العامة لجمعية أوربة لمحاربة الهشاشة لولوج الخيام التي تحتضن النساء والأطفال الرضع، بعد مهلة خرجت وعيناها مغرورقتان بالدموع، تردد عبارات "اللهم إن هذا منكر.. هذا ظلم ..هذه حكرة ..هؤلاء المواطنون يعيشون قمة المهانة "..توضح الأخت فدوى قائلة "داخل الخيمة "المسكن الافتراضي"، يتقاسم المواطنون ذل العيش مع الأغناموالدواجن، في نفس المكان هناك "الفرن" المطبخ الافتراضي، وقاعة الجلوس والأكل الافتراضية، وقاعة النوم الافتراضية، الرضع يتكومون فوق التراب في خرق بالية إلى جانب الفرن والأواني المنزلية البسيطة والدواجن ..." يقول الإدريسي المواطن الثلاثيني "إننا نعيش منذ أكثر من ثلاثين سنة كالمنبوذين في هذا المنطقة الجرداء، نسكن في خيام مرتقة بالأثواب البالية، نعاني من حر الصيف وقر الشتاء، المسؤولون لا تهمهم أوضاعنا المزرية، يتم التعامل معنا وكأننا كائنات فضائية، محرومون من كل شيء، شبكة المياه تمر بجانبنا إلا أننا محرومون من الماء الشراب، ونضطر إلى استعمال ماء الوادي إلى جانب الدواب، أما شبكة التطهير والمرافق الصحية والتطبيب والتمدرس فحدث ولا حرج ... هربنا من الجفاف والفقر، فسقطنا في الذل والمهانة .." أما المحمدي فيردد وهو في حالة غضب " لا أحد ينتبه إلينا إلا كأصوات في الاستحقاقات الانتخابية.. إننا نعيش مظاهر الظلم بمختلف أنواعها، إننا نعيش درجة ما قبل الآدمية، لا فرق بيننا وبين الحيوانات، وتزداد الأوضاع سوء خلال فصل الشتاء، حيث نضطر إلى التعايش مع البرك المائية والوحل داخل الخيام الرثة. إننا نطالب الدولة بحمايتنا من ظلم المسؤولين، ومساعدتنا على بناء مساكن تحفظ كرامتنا،واستفادة التجمع السكاني من خدمة النظافة، وتوفير الماء والإنارة العمومية.إننا نريد الحياة الكريمة التي أكد عليها دستور 2011 الذي صوتنا عليه من أجل احترامه وتنفيذه، وليس من أجل استعمال مضامينه كشعارات لدغدغة العواطف ... ".