الدار البيضاء مدينة المتناقضات بكل المعاني وفي كل القطاعات، العاصمة الإقتصادية التي يحلم سكانها بالمدينة المالية العالمية لازالت تتخبط في أبسط المشاكل، المدينة التي تتمنى الساكنة مضاهاة العواصم المالية لازالت فقيرة جدا سواء في البنية التحتية أو القطاعات الحيوية التي من شأنها الرفع من المستوى الإقتصادي والإجتماعي. فقطاع النقل لازال في حاجة إلى خطة تدبيرية تطبعها الحكامة الجيدة والتسيير المعلقن، فمنذ تاريخ 12/12/2012 أي منذ انطلاق العمل بالوسيلة الجديدة للنقل الطرامواي، ظن الجميع بأن مشكل النقل قد زال من هموم المواطنين الذين يستعملون النقل الحضري، وسيتم القضاء على كل الوسائل البدائية، لكن هذه الطموحات خيبت الظن، فالطرامواي رغم أنه خلق دينامية جديدة وحيوية من نوع خاص، فإن مشكل النقل الحضري لازال مطروحا بحدة. الجماعة الحضرية للدار البيضاء فوتت حافلات النقل الحضري لشركة مدينة بيس على أساس حل المشكل من أصله، وتهافت على الفوز بالصفقة عدد من الأشخاص الذين يعرفون الأموال الطائلة التي يدرها قطاع النقل بالدارالبيضاء، هذه الشركة لم تف بالتزاماتها تجاه المواطنين أولا، ثم اتجاه الجماعة الحضرية والسلطات المحلية باعتبارهما سلطة الوصاية، وخصصت لهذه الشركات عشرات الملايير من الدراهم بل مئات الملايير من الدراهم، على أساس تحسين الخدمات حتى يستفيد منها المواطن البيضاوي، بل عملت الشركة على تحسيس المواطنين بأنها تسير في الإتجاه الصحيح من خلال نشر صور لمواطنين من مختلف الشرائح الإجتماعية بأن شركة مدينة بيس في تحرك تام، وعلى الرغم من الإعلانات والإشهارات فالواقع يكذب ذلك،الحافلات المهترئة هنا وهناك،حافلات تطير أسقفها وسط الشارع، وأخرى تحترق بالشارع العام بمبرر بأن أعطابا لحقت أجهزتها ومحركاتها،وأخرى تقف وسط الطريق بسبب الأعطاب وتعرقل حركة السير، وهلم جرا من الأحداث التي تسبب فيها هذه الحافلات كحوادث السير الخطيرة بفعل تقادم المحركات،ثم إن الإدارة تعترف بخطورة هذه الأحداث وكأنها لاتتحمل المسؤولية فيها كما وقع مؤخرا في الحافلة التي احترقت وسط الشارع العام الذي لولا الأقدار الإلهية لوقع ما لم يكن في الحسبان، والإدارة كعادتها تبكي وتشكو دائما من الفقر والتهديد بالإفلاس في حالة عدم تدخل السلطات المعنية لتقديم الدعم المادي،الجماعة والجهة والسلطات المحلية يقدمون كل الدعم المطلوب من أجل إنقاذ هذا اقطاع الحيوي،لكن بدون رقيب ولاحسيب وبدون محاسبة أو معاقبة، وفي الوقت الذي تدعي فيه الإدارة الفقر نجد بأن أحد مدرائها يكتري سيارة على حساب الشركة يفوق 15ألف درهم للشهر،وتدر أموالا طائلة للشؤون الإجتماعية،وإلى أشياء أخرى سنتناولها في القادم من الأيام عن وضعية شركة مدينة بيس بمشاركة كل الفرقاء. الدارالبيضاء مدينة المتناقضات لأننا لازلنا نجد وسيلة نقل بالعربات المجرورة بكل أنواعها،مثل الكوتشي الذي يمتلئ عن آخره بالركاب ولاأحد يفكر في العواقب،هذه الوسيلة تستعمل في الربط بين أماكن لاتعرفها خطوط الحافلات وسيارات الأجرة الكبيرة،وتربط بين أحياء شعبية مكتظة بالساكنة ومقرات عملهم. العربات المجرورة بالحصان هي الأخرى تساهم في نقل المواطنين من وإلى مقرات عملهم وسكناهم،هذه الظاهرة أي النقل عبر الكوتشي والعربات المجرورة منتشرة بكثرة في الأحياء الكبيرة كعمالة ابن مسيك وسيدي عثمان مولاي رشيد والبرنوصي زناتة. الخطافة ظاهرة لايمكن القضاء عليها في غياب أي تحرك على مستوى توفير الوسائل الضرورية لنقل المواطنين،والغريب في الأمر أن رجال الأمن يعتقلون أصحاب الخطافة سواء على متن سيارات عادية أو هوندا،ويستمعون إلى الراكبين في محاضر قانونية لتحرير مخالفات،وكأن الأمر بين أيدي هؤلاء المواطنين الذين يتوجهون بهم إلى مقر الدوائر الأمنية للإستماع إليهم وتضييع الوقت عن عملهم الذي قد يطرد منه بسبب التأخير أو الغياب. أصحاب الدراجات الثلاثية أصبحوا ينشطون كثيرا في نقل المواطنين أوقات الدروة وأوقات توقف الحافلات بسبب الأعطاب أو التأخير أو الإزدحام،والجميع يعرف حقيقة هذه الدراجات التي لاتتوفر فيها شروط السلامة،ولاتتوفر على أية وثيقة تسمح له بنقل المواطن،ناهيك عن الدراجات النارية العادية التي تساهم هي الأخرى في عملية النقل،هذه الفئة تقف أمام أبواب سوق الجملة للخضر والفواكه وسوق السمك والمجازر الجديدة،كل هذه القطاعات تابعة إداريا لعمالة مولاي رشيد سيدي عثمان،وتعرف ظاهرة نقل المواطنين عبر الدراجات النارية العادية نشاطا ملحوظا لايعرف الإنسان عواقبها. السؤال المطروح متى سنخرج من أزمة النقل الحضري؟ومتى يمكن للبيضاويين التباهي بوسيلة نقل تزيل عنهم همومه،ومتى تتحرك الجهات المسؤولة لردع المتلاعبين بمصالح المواطنين كما هو الشأن بالنسبة لشركة مدينة بيس التي تهدد الناس بالإفلاس،ومن العيب والعار أن يضخ مجلس جهة الدارالبيضاء مئات الملايير من أجل اقتناء حافلات لانعرف من سيتكلف بشرائها. إن وضعية النقل بالدارالبيضاء تتطلب من الجهات المسؤولة بذل المزيد من الجهود من أجل إيجاد صيغة ملائمة بهدف تحسين خدمات النقل بالعاصمة الإقتصادية،لأنه أصبح من غير المقبول ونحن في الألفية الثالثة أن ينتقل المواطن عبر العربات المجرورة أو الدراجات النارية العادية.