حكاية الدار البيضاء مع وسائل النقل الحضري تشبه إلى حد كبير المسلسلات المكسيكية أو التركية التي تبثها هذه الأيام قنوات القطب العمومي، فما إن يظن المشاهد أن الحلقة الأخيرة اقتربت حتى يظهر مستجد جديد يؤجل هذا الأمر إلى وقت لاحق، وهو ما ينطبق بشكل كبير على مشكل النقل في العاصمة الاقتصادية. فبعدما روجت السلطات العمومية لفكرة قدرة "الطرامواي" على حل الإشكال المرتبط بالنقل الحضري، وأن الدار البيضاء ستدخل زمنا جديدا في طريقة التدبير الحضري عبر تكامل هذه الوسيلة مع حافلات النقل الحضري، وخاصة حافلات شركة "نقل المدينة"، فإن ذلك لم يخرج إلى حيز الوجود. وما تزال فئة واسعة من عموم البيضاويين تعاني كثيرا من قلة وسائل النقل الحضري، فعدد الحافلات الموجودة حاليا لا يسد الخصاص المهول، كما أن أحياء ومناطق كثيرة غير مرتبطة بشبكة النقل الحضري، وهو ما يجعل سكانها يستعينون بالعربات المجرورة والخطافة. وقال مصدر ل"المساء" إن الطريقة التي يتم بها تدبير مشكل النقل الحضري لا يمكنها أن تؤدي إلى نتائج طيبة وستستمر معاناة المواطنين من قلة وسائل النقل، خاصة في ما يرتبط بالحافلات والطاكسيات، وأكد أن "الطرامواي" لا يمكنه بأي حال سد الخصاص، لأنه محدود في أحياء معينة. واعتبر المصدر نفسه أن الدار البيضاء في حاجة ماسة، حاليا، إلى أفكار جديدة لإعادة النظر في طريقة تدبير ملف النقل، الذي يعد واحدا من الملفات التي يمكن أن تقلل من حدة الشعور بالاستياء لدى عموم المواطنين، وخاصة الذين يضطرون إلى استعمال الحافلات والطاكسيات. فقبل 2004، وأثناء الحديث عن ضرورة دخول البيضاء إلى تجربة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري ظل العمدة محمد ساجد ونوابه في المكتب المسير، آنذاك، يؤكدون على أن هذه الخطوة بإمكانها أن تحل القضايا المرتبطة بالنقل، خاصة أن العاصمة الاقتصادية كانت غارقة في أزمة خانقة بعد إفلاس الوكالة المستقلة للنقل الحضري بسبب العجز المالي الذي عانت منه لسنوات طويلة، إلا أنه ظهر جليا أن هذه الخطوة لم تكن كافية لمصالحة البيضاويين مع وسائل تنقلهم الجماعية. ورفع مجموعة من سكان المناطق المحيطة أصواتهم احتجاجا على عدم وجود خطوط لحافلات النقل الحضري، إضافة إلى الاستياء العارم الذي يشعر به الطلبة أثناء كل موسم دراسي، إلى درجة أن بعضهم حاصر، هذه السنة، حافلات النقل الحضري في البرنوصي، بمبرر أنها لا تفي بالغرض، مطالبين بتعزيز الأسطول. ولأن تجربة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري والطرامواي والطاكسيات والعربات المجرورة لم تتمكن من حل إشكالية النقل في أكبر مدينة بالمغرب، هاهي السلطات العمومية تستعد لإنجاز مشروع جديد ويتعلق الأمر "بالميترو العلوي"، وفي هذا السياق، قال مصدر "المساء" "لعل هذا المشروع يساهم في تخفيف حدة أزمة النقل في الدارالبيضاء". وكانت أزمة النقل حاضرة في برنامج تغطية الأولويات لجهة الدار البيضاء الكبرى، حيث جرى الحديث عن تخصيص 200 مليون درهم لاقتناء حافلات جديدة للنقل العمومي، بهدف تحسين جودة تجهيزات النقل، وهو الأمر الذي أثار بعض ردود الفعل، على اعتبار أن شركة "نقل المدينة" هي التي يجب عليها اقتناء هذه الحافلات، ولا يجب أن يتم ذلك على حساب جيوب دافعي الضرائب.