يفتتح البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين يومه الجمعة الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة بكلمة رئيسي مجلس النواب والمستشارين ، وذلك طبقا لأحكام الفصل 65 من الدستور. وإذا كان مجلس المستشارين لازال يعيش مرحلته الانتقالية منذ المصادقة على دستور 2011 وفقا لأحكام الفصل 176 من الدستور وما تطرحه هذه المرحلة الانتقالية التي طال أمدها من إشكاليات فقهية ودستورية وقانونية ، فإن مجلس النواب سيعرف هذه الدورة التي تتزامن مع منتصف الولاية التشريعية 2011 -2016 ، انتخاب رئيس المجلس وأعضاء المكتب ورؤساء اللجان النيابية الدائمة ومكاتبها لما تبقى من هذه الفترة النيابية كما ينص على ذلك الفصل 62 من الدستور في فقرته الثالثة . وبمقتضى المادة 17 من النظام الداخلي لمجلس النواب ، فإن انتخاب الرئيس يتم عن طريق الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة للاعضاء الذين يتألف منهم المجلس في الدور الأول ، وبالأغلبية النسبية في الدور الثاني ، ماعدا إذا كان المرشح للرئاسة واحدا، فبالاغلبية النسبية في دورواحدة . أما بالنسبة لمكتب المجلس ، فينتخب أعضاؤه الثلاثة عشر على أساس التمثيل النسبي لكل فريق وفقا لأحكام الفقرة الرابعة من الفصل 62 من الدستور. وكذلك الشأن بالنسبة لانتخاب رؤساء اللجان النيابية الدائمة التسعة بعد إضافة لجنة مراقبة المالية العامة كما نص عليها النظام الداخلي المعدل في المادة 55 منه ، على أساس أن يتم تخصيص رئاسة لجنتين على الأقل للمعارضة النيابية تكون من بينها وجوبا اللجنة المكلفة بالتشريع كما تنص على ذلك المادة 58 من النظام الداخلي للمجلس تطبيقا لأحكام الفصلين 10 و69 من الدستور الذي بمقتضاه يضمن الدستور، بصفة خاصة، للمعارضة رئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب . كما أن البرلمان مطالب خلال هذه الدورة بتفعيل أحكام الفقرة الثانية من الفصل 101 من الدستور التي بمقتضاها تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها بعدما تم التنصيص عليها في النظام الداخلي لمجلس النواب في بابه السابع عندما نص في المادة 211 على تخصيص جلسة سنوية خلال النصف الأول من دورة أبريل لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها. وفي نفس السياق ، ستكون الحكومة مطالبة خلال هذه الدورة من خلال رئيسها بعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام البرلمان في اجتماع مشترك لمجلسي النواب والمستشارين برئاسة رئيس مجلس النواب كما تنص على ذلك الفقرة الأولى من الفصل 101 من الدستور ، هذه الحصيلة التي تكون موضوع مناقشة من طرف أعضاء البرلمان دون أن يليها تصويت . ويبقى على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية العمل على التفعيل السليم لأحكام الدستور بخصوص جلسات الأسئلة الشفهية الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة وفقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 100 من الدستور التي بموجبها يقدم رئيس الحكومة الأجوبة على هذه الأسئلة خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة ، وذلك بعدما عرفت هذه الجلسات تعثرات حالت دون تحقيق الأهداف المتوخاة من هذه الآلية الجديدة لمراقبة العمل الحكومي بما يضمن إعطاء هذه المراقبة مدلولها الحقيقي يصبح معها البرلمان بالفعل منبرا حقيقيا للتعبير عن انشغالات واهتمامات وتطلعات المواطنين وانتظاراتهم بدل ان تتحول جلساتها الشهرية إلى تصفية حسابات سياسية ومزايدات سياسوية تكرس الصورة النمطية لجلسات الأسئلة الشفهية . وينتظر أيضا أن تكون هذه الدورة ساخنة على المستوى التشريعي لاستكمال المرحلة التأسيسية فيما تبقى من عمر الحكومة بإنجاز المخطط التشريعي ، بما فيه القوانين التنظيمية المكملة للدستور والتي يجب أن تعرض مشاريعها على البرلمان قصد المصادقة علىها داخل الولاية التشريعية الحالية ، طبقا للفصل 86 من الدستور ، بالإضافة إلى القوانين التأسيسية المتعلقة بمؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية المستدامة والديمقراطية التشاركية، وكذا النصوص المرتبطة بملائمة الترسانة القانونية مع أحكام الدستور وتوجهاته ومع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ، علاوة على النصوص التشريعية التي لازالت تنتظر الدراسة والبت بمجلسي البرلمان وصل عددها إلى 228 نصا تشريعيا منها 54 مشروع قانون و174 مقترح قانون ، الأمر الذي يطرح إشكالية حقيقية تتمثل في تسريع وثيرة المناقشة والمصادقة على النصوص التشريعية المعروضة على أنظار البرلمان وكذا الظاهرة المزمنة المتمثلة في التعامل السلبي مع المبادرات التشريعية التي يتقدم بها أعضاء البرلمان ضدا على أحكام الدستور التي جعلت من البرلمان السلطة التشريعية وخصصت وجوبا يوم واحدا على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين كما ينص على ذلك الفصل 82 من الدستور في فقرته الثانية. فهل سيتمكن البرلمان خلال هذه الدورة من ربح رهان تحسين العمل النيابي على مستوى التشريع والرقابة بما يضمن التفعيل السليم للدستور ؟