أعلنت الجزائر عن تدابير إضافية لتعزيز الرقابة على الشريط الحدودي المشترك مع المغرب حيث انطلقت الأشغال التقنية والميدانية لرفع عدد مراكز المراقبة المشتركة بين الجمارك و الدرك إلى 154 مركز مع نهاية السنة الجارية . و بررت المصالح الأمنية قرارها القاضي بدعم الحضور العسكري الأمني بالمنطقة الحدودية إلى مسعى الحكومة للتخفيف من نشاط التهريب و الحد مما تصفه بتسلل العناصر الارهابية و الأسلحة القادمة من المغرب . على أن متتبعين يشككون في صحة و مصداقية التبريرات المقدمة من طرف المصادر الرسمية الجزائرية ، و يرجعون خيار التصعيد السياسي الميداني الذي تلجأ اليه الجزائر كردة فعل على الانتقادات المغربية الموجهة للنظام الجزائري بعد رفضه الاستجابة في أكثر من مناسبة للنداءات المتكررة الصادرة عن المغرب في شأن تطبيع العلاقات بين البلدين و فتح الحدود المغلقة منذ 14 سنة . و تحاول السلطات الجزائرية امتصاص هامش مبادرة التطبيع و التآخي التي ينفرد بها المغرب ، و المتحلية بالشجاعة والواقعية الكافية لوضع النظام الجزائري في مواجهة مسؤولياته الأخلاقية والسياسية والتاريخية لترديد نفس أسطوانة المخاوف المتجددة من الخطر القادم عبر الحدود المشتركة و تسويقه للرأي العام الجزائري كمسوغات مغلفة بتقمص دور الضحية المستهدف في كرامته و أمنه و اقتصاده من طرف مسار حدودي يظل طوال أشهر السنة بغض النظر عن وضعه السياسي الرسمي مجالا مستباحا للعابرين السريين و حمولاتهم في كلا الاتجاهين . و تفيد المعطيات الوافدة من ممتهني التهريب بالشريط الحدودي أن مختلف الاجراءات الحمائية والردعية التي انتهجتها السلطات الأمنية الجزائرية منذ قرابة الستة أشهر لا تعدو في واقع الأمر أن تشكل حملات موسمية مخصصة للدعاية الاعلامية المخدومة , و تضيف ذات المصادر أن السلطات الجزائرية مقتنعة بالمخاطر الاجتماعية و العواقب الأمنية الخطيرة المترتبة عن خيار التصعيد في مواجهة نشطاء التهريب بالمدن و التجمعات السكنية الجزائرية القريبة من الحدود , و تستدل في هذا التصور بالاحتجاجات الصاخبة والمواجهات العنيفة التي تواجه خلالها و في أكثر من مناسبة مواطنون جزائريون متضررون من تدخلات الجمارك و الدرك الجزائريين لردع عمليات تهريب و التي بلغت الصيف الماضي حد الهجوم الجماعي على مركز الحدود الجزائري العقيد لطفي و تخريب منشآته كرد فعل على إعتقال مهرب جزائري . و فيما يتعلق بمبرر الحد من تسلل الجماعات الارهابية و الأسلحة من المغرب ، فهي لا تشكل في العمق إلا ذرائع واهية لا تستقيم بأي وجه مع حقائق الأمور , بالنظر إلى أن ما تقدمه السلطات الأمنية الجزائرية من اعترافات جاهزة لمسلحين تائبين حول علاقاتهم بخلايا نشيطة لا يعدو أن يكون محاولة مفضوحة لتصوير الجار المغربي كمسؤول "جاهز و مباشر" عن مسلسل العنف و التقتيل الذي ما زالت شظاياه ملتهبة بالعديد من مناطق الجزائر , و هو ما تسعى آلة البروباغندا الستالينية للمخابرات الجزائرية من ورائه الى تحويل أنظار الجزائريين عن محنهم و مآسيهم الاجتماعية والسياسية اليومية و تركيز كبريائهم الوطني للمزيد من الحقد و الكراهية لأعداء وهميين رابضين وراء المسارات الأربعة لحدود بلد المليون شهيد. و بقدر ما تبدو أن صفقات تحديث ترسانة و تجهيزات الفرق الأمنية الجزائرية المراقبة للحدود فشلت فيما قبل ليس فقط في الكف من عبور شحنات الوقود والتمر الجزائري في إتجاه الغرب و شاحنات الخضر و الفواكه والألبسة و قطعان المواشي التي تسلك الاتجاه المعاكس ، بل لم تثبت حتى فعاليتها الأمنية في الحد من فلول جماعات المهاجرين السريين الأفارقة المنتهكين لحرمة التراب المغربي تحت أنظار قوات الدرك الجزائري على الرغم من أن المغرب يترفع عن استغلال هذه القضية الانسانية للضغط على الجزائر و مساومتها بالشكل الذي تتفنن فيه حكومة الأشقاء على الابتداع المسترسل لسيناريوهات نقطة تقاطبها الوحيدة هي المزيد من العزلة و قطع الأرحام لتبرير استمرار نظام يعشق خوض الحروب الدونكيشوطية الفارغة .