سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ندوة وطنية بمراكش حول القانون التنظيمي لتفعيل رسمية اللغة الأمازيغية: الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء
تزامنا مع عزم البرلمان المغربي مناقشة قانون حماية اللغة العربية نظمت جمعية "أمور ن واكوش" للتنمية والثقافة وجريدة "العالم الأمازيغي" ندوة وطنية بمراكش مساء يوم السبت 22 مارس 2014 حول موضوع: "القانون التنظيمي لتفعيل رسمية اللغة الأمازيغية". اللقاء الذي عرف حضور شباب وفاعلين جمعويين ومهتمين بقضية التعجيل بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ، تميز بمشاركة كل من الوزير السابق للشؤون الخارجية الدكتور سعد الدين العثماني والبرلمانية فاطمة شاهو (تاباعمرانت) والأستاذ الملكي الحسين بن عبدالسلام بهيئة محامي الرباط ومحمد حيمي عن التجمع العالمي الأمازيغي. واعتبرت السيدة أمينة بن الشيخ مديرة جريدة العالم الأمازيغي ورئيسة التجمع العالمي الأمازيغي بالمغرب، التي قامت بتسيير أشغال الندوة، ترسيم المادة الخامسة من الدستور مشروطة بقوانين تنظيمية تعد بمثابة عرقلة أكثر منها أجرأة لتفعيل اللغة الأمازيغية. وفي جانب آخر أكدت على اقتراب نهاية آجال صياغة القانون التنظيمي لتفعيل الأمازيغية كلغة رسمية مما يستوجب على الجميع – تضيف - التحرك الفاعل بهدف تفعيل ترسيم الأمازيغية بمختلف مؤسسات ومكونات الدولة. في مستهل مداخلته أوضح الدكتور سعد الدين العثماني بأن المغرب يشكل الدولة الأولى بشمال إفريقيا التي قامت بإدراج الأمازيغية كلغة رسمية في دستورها ، مشيرا إلى أن هذه القضية ، وبغض النظر عن تفعيلها على أرض الواقع، تعد في حد ذاتها إنجاز ومعطى إيجابي مهم على المغاربة الافتخار به. وقال بأنه من واجب الدولة والمؤسسات الدفع بهذا الترسيم وتنزيل القوانين التنظيمية لتفعيل الأمازيغية كلغة رسمية سيرا على نهج دول كان لها نفس الوضع وتمكنت من تحقيق تقدم في هذا المجال. وأوضح ، في ذات السياق، بأن الدفاع على الأمازيغية كان يتم من قبل من خلال منطق استدلال تاريخي واستدلال هوياتي،ومن منطق الجدل الخ .. ولكن الآن – يضيف - أصبحت هناك اليوم، زيادة على هذه المستندات كلها، وضعية جديدة ومنطق دستوري ينص على أنها لغة رسمية مؤكدا على أنه من واجب الدولة، ومن واجب الإدارات والحكومة والمؤسسات بجميع أنواعها الحرص على تنفيذ وتطبيق هذا المقتضى الدستوري. وقال أنه بالعودة للفصل الخامس من دستور 2011 ، الذي نص على أن اللغة الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، فهذه العبارة في حد ذاتها تنهي نقاشا كان قبل الدستور للتأكيد اليوم على أن الأمازيغية ليست لفئة من المغاربة فقط بل هي لغة رسمية لجميع المغاربة ، وهي بذلك أيضا إرث ورصيد مشترك لجميع المغاربة بدون استثناء ،مشيرا إلى ضرورة اعتبار ورش النهوض بالأمازيغية ورش مشترك لجميع المغاربة لا يجب التنازع بشأنه بين مختلف الأطياف بل الحرص على التوافق بين كل الأطراف بهدف صياغة قانون تنظيمي لتفعيل رسمية الأمازيغية. وشدد العثماني على ضرورة الابتعاد عن العشوائية والارتجالية فيما يتعلق بتفعيل ترسيم الأمازيغية، من قبيل تلك التي طبعت قضية تدريس الأمازيغية، معتبرا إياها بغير الموفقة، على اعتبار أنها ركزت في البداية على التعليم الابتدائي وأسقطت التعليم العالي، حيث كان من الضروري ،بحسب رأيه ضرورة اعتماد وإدماج الأمازيغية بداية في التعليم العالي في انتظار توفير الأطر اللازمة لذلك . وفي جانب آخر أوضح بأن هذا القانون مرتبط بتفعيل مراحل الطابع الرسمي للأمازيغية ،وكذا بكيفية إدماجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية ،وأيضا في أن تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها بصفتها لغة رسمية. وقال بضرورة استحضار مسألة أخرى تتعلق بالفقرة السادسة والتي يقول فيها الدستور بضرورة إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية مشيرا إلى أنها فقرة مهتمة على وجه الخصوص بحماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية وكذا مختلف التعبيرات الثقافية المغربية ،وباعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. وأوضح أن هذا المجلس يضم كل المؤسسات المعنية بهذا المجال في الوقت الذي حدد فيه قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبته. وأشار إلى أن هناك علاقة فيما بين ترسيم اللغة الأمازيغية و المجلس الوطني للغات ملفتا الانتباه إلى أن هذه تعد من بين النقط التي ينبغي أن يكون فيها نقاش عميق لبلوغ تنسيق فيما بين هذين الورشين. و سجل العثماني ملاحظاته بخصوص القانون التنظيمي للأمازيغية الذي أعده الأستاذ الحسين ملكي، وكذا القانون التنظيمي المعد من طرف التجمع العالمي الأمازيغي معتبرا ذلك بالعمل الجيد لتفعيل رسمية الأمازيغية شريطة ألا يكون مفصلا للغاية. وختم مداخلته بالقول بأن هذه المناقشة والمشاركة الفاعلة بالنقاش العمومي ،فيما يخص ترسيم اللغة الأمازيغية ،عليه أن يكون قبل وأثناء وبعد اعتماد القانون التنظيمي على اعتبار أن هذا الأخير يعد مرحلة ومحطة من المحطات حيث لا يجب الانتظار بل المشاركة في العمل مادام أن الدستور يحث على ذلك ، والسلطات المعنية ملزمة بأن تتشاور مع مختلف الفاعلين في جميع الأوراش. وفي تدخل جد مركز تحدثت البرلمانية فاطمة شاهو "تاباعمرانت" عن واقع اللغة الأمازيغية في المؤسسات الرسمية مؤكدة على ضرورة توفر إرادة حقيقية لدى مختلف الفاعلين لصياغة وتفعيل القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل رسمية الأمازيغية والمجلس الأعلى للغات والثقافة ،وألا يقتصر ذلك على إطار أو تنظيم واحد. وألحت على ضرورة تصحيح مجموعة من المفاهيم ذات الصلة باللغة والثقافة والهوية والتاريخ وضرورة استحضارها في المجهود الذي يروم تفعيل رسمية اللغة الأمازيغية. وأثارت شاهو قضية منع الحديث بالأمازيغية داخل قبة البرلمان مشددة على ضرورة توفير وسائل الترجمة من وإلى هذه اللغة. وأكد السيد محمد حيمي عضو التجمع العالمي الأمازيغي في مداخلته بأنه يجب على القانون التنظيمي للأمازيغية أن يراعي الشمولية مشيرا إلى أن القضية الأمازيغية ينبغي أن ينظر إليها في شمولية أكبر لأن لها توابث متمثلة في الأرض واللغة والإنسان . وأشار إلى أن هناك مجوعة من القوانين التنظيمية الخاصة بإصلاح العدالة والجهوية الموسعة في وقت ما زال فيه القانون التنظيمي للأمازيغية لم يتم التفكير فيه. وقال بأن أهداف التجمع العالمي للأمازيغية هي إعطاء الصبغة الأمازيغية بمنطقة شمال إفريقيا . وفيما يتعلق بالهدف الخاص بالمقترح التنظيمي للغة الأمازيغية أوضح أنه يروم التطوير والمحافظة على الثقافة والهوية والحضارة الأمازيغية. وقال بأن هذا المشروع قد تم وضعه في إطار متطلبات الحركة الأمازيغية حيث تمت الموافقة بالإجماع في المؤتمر العالمي المنعقد سنة 2013 حيث الحرص على تطبيق أهدافه وقانونه التنظيمي بدول المنطقة المغاربية وبحسب الإمكانيات القانونية المتاحة. وتحدث بشكل مفصل عن السياق الذي جاء فيه مقترح القانون التنظيمي المتعلق بشروط تنفيذ الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وكذا الأهداف المتضمنة في المشروع طبقا لمقتضيات ومبادئ عامة من قبيل تثبيت كيفية إدماجها في التعليم وفي جميع ميادين الحياة العامة ،و كذا تحديد القواعد العامة لاستعمالها وتطويرها وتنميتها وحمايتها وتعزيز الوحدة الوطنية وتنمية الثقافة الأمازيغية وميدان استعمالها واستخدامها في الميدان القضائي وفي القطاع الخاص وفي الفضاء العام والسمعي البصري والمجال الفني .. . من جهته أكد الأستاذ الملكي الحسين بأن دستور 2011 شرف كبير للمغرب وللهوية المغربية باعتباره خطوة جد متقدمة في موضوع الأمازيغية مشيرا إلى أن هذا المشروع يهم الجميع عرب وأمازيغ. وحذر ممن يحاول التفرقة بين الطرفين معتبرا هذا النقاش مغلوط لأن هناك من يمارسه إما لكونه يفهم ذلك أو يقصد المغالطة بهدف بث التفرقة حيث هناك مجموعة من الجرائد وجهات في الإعلام مازالت لم تدخل لها بالبال قضية الأمازيغية موضحا الفرق والتكامل فيما بين العربية والعروبة والإسلام. وبعد استحضار فصول الدستور المغربي وخطب جلالة الملك حول الأمازيغية أوضح الأستاذ ملكي بأن كل كلمة في الدستور المغربي لها معناها وهي في ذلك لم توضع اعتباطا. وقال بأن الأمازيغية ورش استراتيجي للدولة المغربية سيكون لها دورها في المستقبل والذي لا يمكن أن تؤديه غدا أو بعد غد بل بعد عشرات السنين، مما يستوجب – يضيف - أخذ الوقت في صياغة القانون التنظيمي للأمازيغية على النحو المطلوب وبما يجعل الأمازيغية تلعب دورها مستقبلا . وتحدث عن المفهوم الوارد في الدستور حينما يتحدث عن المجلس الوطني للغات والثقافة موضحا أن اللغات متعددة والثقافة واحدة. وأكد على أن اللغة الأمازيغية واحدة والتعدد والغنى هو في المعجم اللغوي الذي تعرض للضغط من طرف العديد من القوى الاستعمارية مشيرا إلى أن الأداة هي ارض المغرب جبالا وأحجارا ووديانا وبشرا. وعند حديثه عن التأخير الذي طال موضوع الأمازيغية أكد على أن التريث وعدم التسرع مطلوبين في معالجة قضية تفعيل رسيمة الأمازيغية، من أجل البناء على أسس قوية. وتحدث في جانب آخر متسائلا :" ألا تستحق الأمازيغية ،على غرار لجنة العدل والهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة وكذا الهيئة العليا لإصلاح مدونة الأسرة ..، أن تكون لها هيئة عليا تكون فيها مختلف التخصصات والتكوينات والتوافقات والتي تسمح بإنجاز مسألة فيها توافق. وهل يحق للحكومة وحدها أن تضع قانون الأمازيغية وهي طرف إلى جانب البرلمان وكذا المجلس الاقتصادي وصاحب الجلالة الذي سيقول كلمته". وأكد بأنه لا يتفق مع من يقول بأن القضية الأمازيغية قد بدأت مع الحركة الثقافية الأمازيغية حيث سبقتها الحركة الوطنية المسلحة والمقاومة الجهادية المسلحة التي ساهم فيها جميع الشهداء ،من رجال ونساء وأطفال ،بدمهم وبأموالهم وثرواتهم حيث كانت شعاراتها بالأمازيغية أضف إلى ذلك الثرات في الأدب والشعر والتعريف بأركان الصلاة والوضوء. وتوقف بالشرح والتفصيل للحضور عند العبارة الواردة في الدستور والمتعلقة بلفظ "مستقبلا" مشيرا إلى أن أول خطاب لجلالة الملك ،في افتتاح أول دورة برلمانية للفترة التشريعية الحالية، ركز فيها جلالته على ثلاثة أوراش أساسية وإستراتيجية وهي الأمازيغية والجهوية والسلطة القضائية ،والتي يمتد بناءها أكثر من خمسين سنة وليس فقط في عهد حكومة واحدة. وفي جانب آخر تساءل عن الرابط والقاسم المشترك فيما بين الجيل الثالث والجيلين الرابع والخامس في بلاد المهجر المتحدثين بإحدى اللهجات الأمازيغية ولغة بلد الإقامة مشيرا إلى أنه من الروابط التي ستكون أساسية لفائدة المغرب هي المتمثلة في الإسلام والأمازيغية. وشكلت المداخلات أرضية خصبة للنقاش من طرف الحضور حيث كان التركيز حول عدة جوانب ذات صلة بالموضوع وفيما يتعلق ببعض التصريحات المعادية لإنصاف الأمازيغية وأيضا بدور وموقف حزب العدالة والتنمية في القضية باعتباره يرأس الحكومة الحالية. تبقى الإشارة إلى أن الملتقى شكل مناسبة لمواصلة مبادرة حملة مليون توقيع لتفعيل ترسيم الأمازيغية في المغرب والتي انخرط فيها الحاضرون ،وهي الحملة والرامية الضغط على الحكومة والبرلمان وبقية مؤسسات الدولة لدفعها للعمل من أجل تفعيل ترسيم الأمازيغية عبر صياغة القانون التنظيمي بالشكل المطلوب من دون أي تماطل.