سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انسجام بين رؤية الفريق الاستقلالي النيابي وخبراء فرنسيين حول استطلاعات الرأي السياسية من أجل تقنين يضمن المصداقية ويحول دون استغلال النتائج او خدمة توجهات او الإساءة للحياة السياسية
أحال الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب على لجنة الداخلية مقترح قانون يتعلق بإنجاز ونشر استطلاعات الرأي الخاص بالاستفتاءات والانتخابات في المغرب. وورد في تقديم المقترح ان استطلاعات الرأي أداة فعالة في التأثير على توجهات الرأي العام ولاختياراته ما جعل عددا من الدول تعمد الى تقنين استطلاع الرأي وتنظيمه قانونا لضمان مصداقيته وعدم استغلال نتائجه في أغراض تبقى بعيدة عن خدمة الأغراض النبيلة. وفي هذا السياق يوضح الفريق الاستقلالي ان مبادرته تستهدف ضبط عمل المؤسسات المكلفة باستطلاعات الرأي وإحاطتها بظروف ملائمة تضمن لها الممارسة القانونية وسلامة وظيفتها خدمة للحياة السياسية لا إساءة لها، والابتعاد عن الخلفيات المبطنة والنوايا المبيتة كما سبق ان حدث حين أقدمت جهة معروفة على نشر نتائج استطلاع للرأي يجهل المغاربة مضمونه والمراحل التي قطعها والعينات التي شملها الاستجواب، مما خلف ردود فعل متباينة وطرح عدة تساؤلات في الموضوع. وحدد الفريق الاستقلالي الأهداف في سد الفراغ التشريعي وضبط المراحل والعناصر المتصلة بالعملية وإحداث لجنة وطنية تتولى مهام المراقبة، وكذا إعمال عقوبات في حال مخالفة المقتضيات القانونية. ويقع مقترح القانون في 16 مادة، وتفيد الاولى منه ان المقتضيات تسري على كل ما يتعلق بإنجاز ونشر وبث اي استطلاع للرأي في المواضيع السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والقانونية والدينية، ولا يمكن إنجازها الا من طرف مؤسسات متخصصة ومعتمدة حسب القوانين الجاري بها العمل (المادة 3). اما المادة الرابعة فتفصل في بيانات اسم وصفة المؤسسة والأشخاص المستجوبين وتواريخ وأمكنة الاستجوابات، كما تودِع الملف لدى اللجنة الوطنية شهرا على الأقل قبل إنجاز استطلاع الرأي. وتنص المادة 7 من مقترح القانون انه "يمنع نشر اوبث او اي تعقيب على نتائج كل استطلاع للرأي داخل الشهر الذي يسبق يوم التصويت المحدد لإجراء أية عملية انتخابية"، مثلما "يمنع استعمال نتائج كل استطلاع للرأي خلال الحملة الانتخابية سواء في الخطابات الانتخابية او الوثائق المعدة للتوزيع او من خلال المواقع الإلكترونية"طبقا للمادة 8. اما اللجنة الوطنية فيكون من مهامها التأكد من موضوعية وحياد ونزاهة اي استطلاع للرأي في المواضيع المحددة أعلاه (المادة 9)، وتتكون اللجنة من قاض من الدرجة الاستثنائية يعينه رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وقاض من نفس الدرجة يعينه رئيس المجلس الأعلى للحسابات، وعضوين يمثلان المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري والمجلس الأعلى العلمي، وعضوين من جامعة محمد الخامس متخصصين في العلوم السياسية، وعضوين من مديرية الإحصاء وعضو من المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي متخصصين في مادة المعاينة. وتَعتبر المادة 11 "باطلا وغير قابل للنشر او البث كل استطلاع للرأي يتم إنجازه خلافا لمقتضيات هذا القانون" و" تأمر اللجنة المؤسسات المنجزة والناشرة لكل استطلاع للرأي يكون فيه خرق للمقتضيات القانونية بنشر توضيحات تصحيحية بشأنه" (المادة 12). اما المادة 14 فتقول "يعاقب بالحبس من 6 اشهر الى سنة وبغرامة مالية من 100 ألف الى 300 ألف درهم كل مخالفة للمقتضيات"، بينما "يحق لكل متضرر من إنجاز ونشر اي استطلاع للرأي ان ينصب نفسه طرفا مدنيا للمطالبة بتنفيذ وتطبيق هذا القانون. كما يحق لكل شخص طبيعي او معنوي يعتبر نفسه متضررا من اي استطلاع للرأي ان يقدم دعوى قضائية لأجل تطبيق هذا القانون والمطالبة بالتعويض المدني طبقا لأحكام المسطرة المدنية" ( المادة 15). الانشغال من استطلاعات الرأي لا يقتصر على المغرب بل يمتد كذلك الى فرنسا حيث استدعت لجنة استطلاعات الرأي في 17 يناير الماضي المسؤولين عن اهم مؤسسات استبيان الرأي للتباحث حول دقة العينات التي اختاروها لرصد الآراء حول الانتخابات البلدية. وفي سياق ذلك كتب كل من جان إيف دورغمان أستاذ العلوم السياسية بمونبليي ومؤسس مرصد التحول السياسي وجيروم سان ماري رئيس معهد الانتخابات وأستاذ في جامعة باريس دوفين مقالا تحت عنوان "لماذا تمثيلية استطلاعات الرأي نسبية؟" ويقولان بغض النظر عن التشكيك في النوايا ومحاولة التاثير على الراي العام ينتصب سؤال المنهجية أمام مؤسسات استطلاع الرأي. فقد ركز عدد منها على الفئة العمرية 18-24 سنة علما ان نسبة تسجيلهم في اللوائح الانتخابية ضئيلة ومعدل مشاركتهم في الاقتراعات محدودة وبالتالي فان الإشكالية لا تُطرح فقط على المستوى العلمي بل ايضا على المستوى السياسي، وبالنسبة لهذه الفئة دائماً فهي تمثل في المدن الكبرى مثل بوردو ومنبوليي وتولوز نسبة 20 في المائة لكنها على مستوى التسجيل في اللوائح تمثل 7 في المائة ولا يصوت ضمن هؤلاء سوى 3 في المائة. وبذلك يصح التساؤل من تمثل وهل لها مصداقية في استطلاع الرأي حول المحطات الانتخابية؟ جانب آخر يتعلق بهذه الفئة وهو انها تصوت غالبا للجبهة الوطنية او لمكونات اليسار. لذلك كيف يمكن تفسير استطلاع رأي تساهم فيه نسبة واسعة من الشباب اقل من 24 سنة ونسبة قليلة من الكبار وهم الذين يتوجهون الى صناديق الاقتراع بكثافة؟ ويعتبر الكاتبان ان هذا خطأ منهجي له تأثير على الرأي العام وعلى المناخ السياسي.