الأرقام التي تقدمها الحكومة على لسان وزير الداخلية تحت قبة البرلمان، أرقام لا تستقيم مع المنطق السليم، فالحكومة تصرح بأن مجهوداتها الأمنية تكللت بنتائج حسنة، وتبرر الأرقام التصاعدية بأنها أرقام عادية بالنظر إلى ازدياد عدد السكان. فقد كشف وزير الداخلية محمد حصاد أخيرا بمجلس النواب أن 600 مغربي قتلوا عمدا خلال سنة 2013 بسبب الجريمة، وأكد أن هذا الرقم يبقى محدوداً مقارنة مع دول أخرى حيث سجلت جرائم القتل انخفاضا مقارنة مع سنة 2012 بنسبة 2%. وربما أن هناك خللا في تدبير الملف الأمني، فالإدارة العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي كل منهما يقوم بجهود ملموسة لا ينكرها أحد، ويتجلى ذلك من خلال الفرق الأمنية المتنوعة من فرق التدخل السريع، والصقور ومكافحة الشغب والخيالة وما إلى ذلك، كما أنها تقوم بعمليات استباقية في مجال مكافحة الجريمة، وربما فإن الخلل الموجود يكمن في غياب آليات التنسيق إضافة إلى نقص في تفعيل العمليات الاستباقية. الجرائد اليومية لم تعد تجد الحيز الكافي لنشر أنواع الجرائم التي تحدث ليل نهار في مختلف ربوع البلاد. فهذه سلا تحولت إلى ساحة للقتال حيث يشهر المجرمون وقُطّاع الطرق سيوفهم الحادة في واضحة النهار يهددون بها المواطنين في الشوارع وفي بيوتهم وداخل سياراتهم ووسط متاجرهم. وهذه مكناس التي تصاعدت بها نسبة الجرائم وتفنن المجرمون في عمليات قطع الطريق والسطو على الممتلكات ومهاجمة الأبناك والشركات، مثلها مثل ما يقع في فاس ومراكش وأكادير وتمارة وطنجة. لقد تطور الاجرام إلى تكوين مافيات تسطو على السيارات بطريقة الأفلام الهوليودية، حيث يعمد المجرمون إلى ايقاف السيارات وسط الدارالبيضاء في واضحة النهار للسطو على محتوياتها وتعنيف أصحابها وتهديدهم بالسيوف إلى جانب مافيات مختصة في سرقة السيارات الفارهة وتغيير معالمها وبيعها أو استعمالها في نقل أطنان المخدرات بل انتقل نشاط هذه المافيات إلى البحر والجو. ففي عرض الشواطئ المغربية نسمع أخباراعن قوارب يتم ضبطها محملة بأطنان من كل أصناف المخدرات. وهذه طائرات خاصة تجوب أجواء شمال المغرب لنقل المخدرات وقد سقط بعضها في مناطق الشمال والغرب. وهذه أطنان من الحبوب المهلوسة التي يتم تسريبها كل ساعة من الجزائر بمباركة من المسؤولين الجزائريين، بل إن بعض المهربين كشفوا أن الجيش الجزائري يقف وراء تشجيع تهريب هذه المواد إلى المغرب لتخدير الشباب والقضاء على قدرته العقلية لدرجة أن معظم الجرائم التي تحدث تكشف أن الفاعلين يتناولون هذه الأقراص قبل القيام بعملياتهم الاجرامية.