بدا رشيد العلمي الطالبي رئيس الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار منسلخا عن ذاته وعن كل تلك الأفكار التي أسمعنا إياها إبان النسخة الأولى من الحكومة البنكيرانية في الجلسات الداخلية والعامة، عندما كان يترافع ضد جماعة وإخوان بنكيران مستدلا في تدخلاته بالأرقام التي تكشفت هول التراجع الاقتصادي في بلادنا، كما تكشف حجم الثقل الاقتصادي الاجتماعي الذي أحدث شرخا كبيرا في صفوف الطبقات الاجتماعية بالاختفاء الفعلي للطبقة المتوسطة وتوسيع رقعة الفقر في بلادنا بالسحق حد التظاهر اليومي في شوراع المملكة من طنجة الى الكويرة ، وحد إشعال الأجساد في صفوف اليائسين واليائسات من مواطنينا ،هؤلاء اللذين فضلوا الرحيل الى جوار ربهم بدل المكوث في فضاء يتحكم فيه سماسرة "الوجيبة" في مراكز القرار الحكومي و الاجتماعي ، الفاسدون الفاسدون الذين عفا عنهم رئيسهم في الحكومة و في اللوبي المحمي بالفعل والقوة، الممارس للفساد القاهر للطبقات المسحوقة في مختلف الواجهات الاجتماعية من أجل أن تظل الطبقات الميسورة جالسة في برجها العاجي تمتص دماء المغلوبين على أمرهم ، لا يمسها أي إجراء في المحاسبة، بالرفض الفعلي لتطبيق قانون الضريبة على الثروة، رغم كل المحاولات التي تبناها مناضلونا في الدفع بذلك من بوابة البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية، لكن حماية الجشع أكبر من أحلام الغيورين عن الوطن، وأكبر من المدافعين عن السلم الإجتماعي وأكبر من كل المعاناة والآلام التي أدمعت عيون العجائز في الجبال والسهول و أحدثت شقوقا في شفاه وأرجل وأيادي صغارنا ونسائنا المرابطين في كهوف الباردة بليالي قاسية، يتنكر لها اليوم رشيد العلمي الطالبي تلبية لهمزة في دماغ يعقوب ، تلك التي تكبير في ذهنه وهو يتهيأ للظفر بكرسي رئاسة البرلمان في الزمن السيئ لبلادنا، وهو الزمن الذي جعل وزير الشؤون العامة و الحكامة مع وقف التنفيذ يستهزئ بشعبنا الفقير الذي دفعه الجوع والقهر -أمام التصاعد الصاروخي لأسعار المواد الغذائية الضارب للقدرة الشرائية للمواطن المغربي- الى التوجه صوب المواد الرخيصة من الدقيق الذي اختلط بياضه بسواده حتى أصبح دقيقا يشبه ترابا تداس عليه أقدام المارة من شعبنا، لكن جمعه من تحت الأقدام أصبح مشهدا عاديا أمام مواطنين ببطون فارغة مهددة بالجوع القاسي، وهم المواطنون اللذين رفعوا الشعار خبزة في وجه حكومة لا تستحيي في مزيد من الاستخفاف و الإستبلاد والإدلال لشعبنا بلغة بنكيرانية يتبناها اليوم صراحة خليفه في التبوريدة ، وهو المدعو وزير الحكامة محمد الوفا الذي قام بالفعل بتنشيط جلسة نهاية دورة أكتوبر البرلمانية، الفارغة من الجدية،و العاملة على تقزيم العمل البرلماني بيد حكومية متسلطة على رقاب النواب والعاملة على تكريس مبدأ بضاعتنا ردت إلينا، وهو الأسلوب الذي ردد على لسان الوزير المجاهد في كتيبة بنكيران، قيد حياته، عضو حزب الاستقلال المطرود الى حيت اليوم يتشبث بسترة بنكيرانه ولي نعمته في الدنيا والآخرة. وهي الكتيبة التي تتعزز اليوم بالفريق الضاحك على ذقون الشعب يقوده رشيد العلمي " الطالباني " مهندس المرحلة المتبقية القادمة في عمر البرلمان من بوابة الدفاع عن حكومة " العام زين" التي ستجده الى جانبها حين تحج الى " السيرك" متأبطة وريقات مفضوحة ومكذبة من لدن شعبنا ولدى بعض المؤسسات المراقبة في بلادنا، والتي لحسن حظنا أن القائمين على إدارتها لا يريدون الإنخراط في كتيبة بنكيران، بل اختاروا قول الحقيقة للشعب المغربي من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وهي الوريقات الذابلة المحتوية على المهزلة الكبرى في تاريخ تدبير الشأن العام في بلادنا، لهذا فهي محتاجة الى زهيق ونعيق ، ذلك الذي يبدو أن "الرفيق أفتاتي" يرفض الانخراط فيه مرة أخرى منذ أن تأبط كتاب "الاختيار الثوري" لشهيدنا المهدي بنبركة وهو يحج لحوار مباشر مع المغاربة، كما هو رفض نابع من اكتشاف أنه مجرد "كار حنكو" لرئيسه وباقي اللاعبين في الكتيبة، لهذا يبدو أن "رشيد الطالباني" مؤهل لذلك بعدما تفاوض بالفعل عن الثمن الذي سيحصل عليه، وهو ثمن لن يشبع نهمه فيه إلا كرسي يضيفه الى باقي الكراسي التي تعاقب عليها في الحكومة والبرلمان . ومن هذا المنطلق بدت تدخلات أعضاء في فرق المعارضة من الفريق الاشتراكي والاستقلالي والأصالة والمعاصرة ، خارج سياق الاشتغال الأغلبي في الحكومة و البرلمان، وخارج أفق التصورات التي تؤسس لدولة الكراسي بالقوانين الوحيدة التنظيمية التي عمل رئيس الحكومة بكثير من الإلحاح على تفعيلها دون قوانين أخرى كان من المفروض أن تنجز من أجل تحقيق ثورة المغاربة الهادئة الممثلة في التصويت على دستور 2011. الشيء الذي يضع كتيبة بنكيران في المجهر الفاضح لكل تحركاتها بالإجهاز على كل مكتسبات المغاربة في الدولة والمجتمع تأسيسا لدولة أخرى متحكم فيها، وهي الدولة المكممة للأفواه، التي تدوس فوق الرؤوس بقتل كرامة المغاربة وحريتهم وعدالتهم و تركيعهم من خلال إدخالهم بالفعل في دوامة البحث عن الخبز المستحيل، وهي الدولة المتحكمة في البطون والأرواح و العقول، لا رؤوس فيها أينعت ، بل فيها نظرات انكسرت، وظهور انحنت للفاعل الجديد في السياسة والمجتمع لكن فعله البنكيراني لا يعود نفعا إلا على من انضم الى الكتيبة ليتبوء مراكز القرار، لهذا تحول رشيد العلمي الطالبي -بسرعة قياسية تعي جيدا اللوجستيك المعمول به في الحصول على المبتغي- الى "رشيد الطالباني" بدون لحية لكن بمنظومة المرافعة المعدة في جلسات الجهاز السري لكتيبة بنكيران الجماعية الإصلاحية الإخوانية،بلغة محامي الشيطان بامتياز.