في خطوة تنم عن مسعى لتقزيم و منافسة المكانة الروحية للمملكة المغربية بمنطقة الساحل الافريقي أعلنت وزارة الشؤون الدينية بالجزائر عن تنظيم الملتقى الدولي الثالث حول الفاتح الاسلامي عقبة بن نافع بمدينة بسكرة شرق الجزائر بداية شهر مارس المقبل تحت شعار " الحواضر العلمية الجزائرية وإفريقيا ". و يتضمن برنامج الملتقى محاور متعددة تنضح بالأهداف غير المعلنة للملتقى و هي مزاحمة الحظوة الروحية للمملكة بدول الساحل الافريقي و الحد مما يعتقد النظام الجزائري أنه توظيف للسلطة الدينية للمملكة للتموقع بمالي و خدمة المصالح العليا للمملكة بمنطقة الساحل بالورقة الدينية . ملتقى الجزائر يركز في ورقته التقديمية بشكل كبير على الروابط الروحية بين الجزائر والبلدان الإفريقية و يستحضر في هذا السياق نفوذ الطرق الصوفية و الزوايا (التيجانية، والقادرية، والرحمانية.) في تبرير و تسويق الروابط الحضارية بين الجزائر و الدول الافريقية الأخرى في مواجهة الروابط الروحية للمملكة مع مجموع هذه الدول التي تسعى الجزائر لاستقطاب علمائها و أقطابها الدينيين للملتقى لتوفير الهالة الدينية للنظام الجزائري الذي لا يخفى على أحد أن رئيسه بوتفليقة ذو الأصول الوجدية المغربية سعى في أكثر من مناسبة الى التقرب من الزوايا النشيطة بالجزائر ووظفها لأغراض سياسية و إنتخابوية. و كانت الصحف المقربة من الجنرالات بالجزائر قد أولت قبل أسبوع إهتماما بالغا لتقرير منسوب لمعهد أمريكي متخصص في رصد التوازنات الجيواستراتيجية الجهوية ورد فيه أن أن المملكة المغربية تراهن على العامل الديني لفرض تموقعها بمنطقة الساحل، وخاصة على الحدود المشتركة بين الجزائرومالي. و من البديهي الجزم بأن الجزائر ترفض بالمطلق أي شريك يزاحمها في مزاعمها بكونها القوة الاقتصادية و العسكرية الرئيسية في المنطقة . قبل خمس سنوات إستغلت الجزائر الانقلاب العسكري بموريتانيا لاستمالة شيوخ الطريقة التيجانية بهذا البلد ووظفت الانتماء المذهبي للرئيس المخلوع ولد الشيخ عبد الله للطريقة لتجنيد شيوخ ومقدمي الطريقة بموريتانيا و السينغال و تعبئتهم بمختلف الاغراءات لحضور ملتقى دولي لرواد الطريقة التيجانية بمدينة الوادي في محاولة يائسة لسحب البساط من تحت أرجل المملكة المغربية التي تعتبر منذ قرون موطن إشعاع الطريقة و محج عشرات الألاف من مريديها بمختلف بقاع العالم . في شهر يونيو من سنة 2007 نظم بفاس التي تضم ضريح مؤسس الطريقة سيدي محمد التيجاني ملتقى دولي ضم أهم أقطاب الطريقة في العالم و جمعا حاشدا لمنتسبيها , بعدها بأيام ستخرج وزارة الشؤون الدينية بالجزائر ببلاغ غريب و مستهجن يستنكر ما يدعي أنه مزاعم للسلطات المغربية بأن طريقة التصوف التيجانية مغربية المنبع من منطلق أن شيخ الزاوية المذكورة جزائري المولد و أن الطريقة كانت و ستبقى جزائرية الأصل في إشارة لملتقى الوادي الذي سهرت الجزائر على التعبئة لانجاحه ضدا على المملكة . صراع الزوايا و الطرق سيأخد طيلة الخمس سنوات الأخيرة أبعادا يتقاطع بين زواياها الروحي و السياسي و سيكسب المغرب جولات ديبلوماسية متعددة بمنطقة الساحل في حين ستركز الجزائر على توظيف ورقة الارهاب و حرب شمال مالي لزعزعة الموقف المغربي باستمالة باريس و واشنطن الى ترتيبات الحرب على الارهاب القاعدي بشروط جزائرية تسعى الى إستبعاد الرباط من أي مساهمة في ترتيبات الحرب لاجتثات خلايا الارهاب بمنطقة الساحل التي تشكل هاجسا أمنيا يقلق باريس و واشنطن على وجه الخصوص خاصة في ضوء التسريبات التي تتحدث عن خطة تدخل عسكري جديد و محاولة الجزائر إستباق هذا التدخل بتحقيق مكاسب ديبلوماسية على حساب الرباط