في خطوة لتهدئة الأوضاع المتدهورة في المدينة، تعهدت السلطات الجزائرية بإجراء تحقيقات بشأن تجاوزات لعناصر الشرطة خلال تصديها للمواجهات المذهبية والعرقية المندلعة منذ أزيد من شهرين في غرداية جنوبي البلاد. وقال وزير الداخلية الجزائري الطيب بلعيز في تصريح للصحافيين على هامش جلسة للبرلمان "فتحنا تحقيقات في هذه الاتهامات، لمعرفة ما إذا كانت هناك تجاوزات قام بها بعض رجال الشرطة في غرداية". وأضاف ذات المسؤول أنه "إذا توصلت التحقيقات إلى إثبات تجاوزات بالفعل فلابد من اتخاذ عقوبات إدارية، وإذا كانت هذه الأفعال تشكل جرائم فلابد من إحالة هؤلاء على العدالة لتقوم بما تراه مناسبا وفقا للقانون". واعتبر الوزير الجزائري، أن أية تجاوزات يقوم بها عناصر الشرطة هي سلوكيات معزولة وفردية، لا تحسب على جهاز الأمن والشرطة. وكانت القيادة العامة للأمن الجزائري قد أعلنت يوم الأحد الماضي، عن توقيف ثلاثة من عناصر الأمن والشرطة وإحالتهم على التحقيق على خلفية تسجيل مصور يظهرهم في حالة اعتداء غير مبرر على مواطن خلال الأحداث التي شهدتها المدينة. واعترف المسؤول الجزائري أن الوضع في غرداية وبلداتها بريان والقرارة، مازال حذرا، وقال: "40 بالمائة من المدارس والمؤسسات التربوية فقط التي فتحت أبوابها أمس في غرداية، والأمور بدأت تستتب بفضل جهود قوات الأمن والخيرين من عقلاء المنطقة". وتوصلت عناصر الشرطة بعد تحقيقات، إلى تحديد هوية مسؤولين مزعومين عن وفاة شاب خلال المواجهات، بعد الاعتداء عليه بالضرب والجرح المفضي إلى الوفاة باستعمال أداة حادة،وأوقفت 57 شخصا منذ بداية أعمال التخريب في مدينة غرداية حبست 20 منهم بتهم التجمهر المسلح، وتخريب ممتلكات عمومية وخاصة، والتحريض على القتل والاعتداء على أعوان الأمن. وتشهد مدينة غرداية منذ شهرين مواجهات بين السكان العرب الذين يتبعون المذهب المالكي، والسكان الأمازيغ الذين يتبعون المذهب الأباضي، وأعمال تخريب ونهب في العديد من المساكن والمحلات التجارية وحرق واحات النخيل وتحطيم السيارات، وقتل شابان وأصيب 100 شخص بجروح، بينهم عدد من عناصر الشرطة، قبل أن يتدخل الجيش عبر نشر ثلاثة آلاف عنصر من وحدات الدرك. ونظم ناشطون وسط العاصمة الجزائرية أمس الثلاثاء، وقفة تضامنية مع سكان غرداية، رفعوا خلالها لافتات تندد بتصاعد العنف في المدينة، وتدعوا إلى نبذ التفرقة الدينية أو العرقية والحفاظ على الوحدة الوطنية. وتبرأت المجالس العرفية للسكان الأمازيغ في غرداية في بيان صدر اليوم من ناشطين من المنطقة، كانوا دعوا إلى تدخل دولي لحماية السكان الأمازيغ مما وصفوه انحياز السلطات وقوات الشرطة للسكان العرب. وكان الناشط السياسي كمال فخار الدين قد تبنى الدعوة إلى تدخل دولي للضغط على الحكومة الجزائرية، كما دعا إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أبريل.