وجهت صحيفة "التليجراف" البريطانية انتقادا لاذعا للأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" لتراجعه عن موقفه وسحبه دعوة كان وجهها للإيرانيين لحضور مؤتمر "جنيف2 المزمع غدا الأربعاء في مدينة "مونترو" السويسرية. وفي تعليق للصحيفة على موقعها الإلكتروني الثلاثاء قالت إن هذا التراجع السريع وغير المدروس من قبل الأمين العام بما يحمل في طياته من آثار على نتائج محادثات المؤتمر قد يراه اي دبلوماسي حاذق في فنون الدبلوماسية بمثابة دليل دامغ على سذاجة "بان كي مون" عندما يتعلق الأمر بالشؤون السياسية الشائكة لمنطقة الشرق الأوسط. وأشارت الصحيفة إلى أن أي مراقب عن كثب للحرب الأهلية واسعة النطاق في "سوريا" يعرف أن همّ "إيران" الرئيسي كان دائما بقاء نظام الرئيس السوري "بشار الأسد" على رأس السلطة بأي ثمن لما يمثله هذا النظام من كونه الحليف الإقليمي الأهم. واعتبرت الصحيفة البريطانية أن طلب الأممالمتحدة قبول "طهران" توصيات مؤتمر جنيف-1 أمر ميؤوس من تحققه على أرض الواقع، مشيرة إلى أن "طهران" لم تتلق دعوة لحضور جنيف-1 والذي دعا إلى تنحي "الأسد" كجزء من عملية الانتقال في "سوريا". ورصدت "التليجراف" الأنباء المفزعة التي تواترت اليوم عن عمليات تعذيب ممنهجة وقتل جماعي نفذها نظام "الأسد" ضد معارضيه، ورأت أن هذه الأحداث إنما تؤكد على أنه لا نظام "الأسد" ولا داعميه في "إيران" مستعدين لأي تفاوض أو تنازل عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحهم في صراع على البقاء تم التصميم فيه على الانتصار عبر عنف السلاح على أرض المعركة وليس عبر هدوء مؤتمرات تدار في غرف مكيفة. وقالت في هذا الصدد إن هذه الأنباء المروعة التي كشفت عن معسكرات "الأسد" التعذيبية تكشف سذاجة "بان كي مون". ومن جهة أخرى نبهت الصحيفة أنه لا ينبغي أن ننسى تورط الجماعات الإسلامية لاسيما "جبهة النصرة" في ارتكاب فظائع حرب مشابهة كتنفيذ عمليات إعدام جماعي لمقاتلين من قوات النظام وعمليا ذبح ميداني لمسلحين من جماعات منافسة. وأضافت الصحيفة البريطانية إن ما يمكننا أن نأمله من محادثات جنيف-2 هو أن يدرك طرفا الصراع أن ما أهرقته الحرب من دماء بات يكفي، وأن الوقت قد حان لإبرام اتفاق بوقف لإطلاق النار ومن ثم المذبحة. واستدركت الصحيفة قائلة "ولكن في غياب "طهران" ونفوذها على نتائج المحادثات، بفضل موقف الأمين العام من حضورها المؤتمر، باتت هذه الآمال بعيدة المنال أكثر من ذي قبل". وفي سياق آخر رأت "التليجراف" أنه في وقت بلغت فيه المفاوضات الأممية مع "إيران" حول برنامجها النووي منعطفا خطيرا، يبدو من الصعب الوثوق بأية درجة في قدرة "بان كي مون" على إبرام أي اتفاق ينهي مخاوف الغرب من حيازة "طهران" لسلاح نووي. يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة سحب دعوة بحضور جنيف-2 وجهها إلى "إيران" بعد أن أعلنت الأخيرة أنها لا تدعم الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف-1 الذي انعقد في يونيو 2012 والذي يعد أساسا لجنيف-2.