تحل غدا الذكرى السبعون لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في مبادرة وطنية رائدة أطلقها حزب الاستقلال الذي تأسس على قاعدة الحزب الوطني لتحقيق المطالب الذي أنشئ في سنة 1937 منبثقا عن كتلة العمل الوطني التي تأسست في سنة 1934، وتتزامن هذه الذكرى الوطنيةالخالدة مع إطلاق برنامج حزب الاستقلال عن إحياء الذكرى الثمانين لتأسيس النواة الأولى للحزب والشروع في الدراسة الاستشرافية برسم العشرية المقبلة (2014 2024)، في ارتباط عضوي بين الماضي والحاضر والمستقبل، استلهاماً من الأول، وانشغالاً بالثاني، واستشرافاً للثالث، وفي وفاء للقيم وللمبادئ وللثوابت، وفي التزام بخدمة الوطن بالمنهج العلمي، والعقيدة الوطنية، وبالوعي الوطني الذي يدرك متطلبات الواقع، ولا يتنكر للرصيد النضالي الذي راكمه الروادُ الاستقلاليون من الماهدين الأوفياء الذين ناضلوا من أجل تحرير الوطن أرضاً وفكراً وإرادة. وتحل هذه الذكرى التاريخية لتخلد الحدث الكبير الذي صنعه حزب الاستقلال قبل سبعين سنة، في الوقت الذي يخوض الحزب معركة تجديد البناء الدستوري، وإرساء قواعد دولة الحق والقانون، والحفاظ على المكتسبات، وصيانة حقوق الشعب، وحماية الوحدة الترابية بقيادة جلالة الملك، ووضع الأسس لبناء المستقبل الآمن المزدهر، مع الانفتاح على آفاق العصر والاستفادة من التجارب الرائدة للدول المتقدمة اقتصاديا وعلمياً وتكنولوجياً، والولوج إلى مجتمع المعرفة، بتطوير المنظومة التعليمية من جميع جوانبها، وتوفير الفرص أمام المواطنين والمواطنات للتربية والتعليم والتكوين والتأهيل والتدريب ومواكبة التطورات التي تعرفها هذه الميادين، مع النهوض بالبادية من شتى النواحي، والدعم المستمر للتنمية الشاملة المستدامة وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي أطلقتها الأممالمتحدة. وتحدو حزب الاستقلال الإرادة القوية لبلوغ هذه الأهداف ولخوض هذه المعارك السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنمائية، من موقعه في طليعة الصف النضالي، استمراراً للدور الذي نهض به ولايزال من أجل الدفع بعجلة التقدم الشامل للوطن ولكسب رهان النهوض المتكامل المتوازن في جميع المجالات، ووفاءاً للقيم المثلى التي تأسست على قاعدتها الحركة الوطنية المتواصلة دون انقطاع من سنة 1934 إلى سنة 1944 مروراً بسنوات الكفاح ومعارك ثورة الملك والشعب التي انطلقت في سنة 1953 وبما استجدّ من مراحل النضال السياسي خلال العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي، الذي بلغ أوجه في العقد السابع الذي نظمت فيه المسيرة الخضراء في سنة 1975 بقيادة جلالة الملك الحسن الثاني، وانتقالاً إلى العهد الجديد بقيادة جلالة الملك محمد السادس الذي رسَّخ مفهوم الملكية الدستورية ودولة الحق والقانون بالدستور الجديد الذي وضع المغرب على الطريق الموصلة إلى الديمقراطية الحق، والعدالة الحق، والحرية الحق. ومن هذه الذكرى المجيدة نستمدّ الحوافز الدافعة إلى مواصلة العمل الوطني من أجل بناء الوطن القوي والمجتمع المتضامن والوحدة الوطنية المتراصة واستكمال الوحدة الترابية الجامعة، ومنها نستلهم المعاني السامية التي تعطي للوطن القيمة العالية وتجعل المواطن يشعر بالانتماء الذي هو قيمة مثلى من القيم التي ناضل من أجلها صنّاع الحدث التاريخي الذي دشن المغرب به عهداً جديداً في تلك الحقبة الحرجة، وآن لنا أن ندشن به اليوم عهداً جديداً من خلال التطبيق العملي الكامل المتكامل غير المنقوص للدستور واحترام إرادة هذا الشعب العظيم الذي من حقه أن يعيش حرّاً في وطن حر. إنها ذكرى المجد والسموّ وجلائل الأعمال الخالدة، نحييها اليوم في ظل استشرافنا للمستقبل وفي إطار منهجي علمي غطَّى جميع المجالات، واستوعب المشاكل التي تعاني منها البلاد، وقدم بدائل عملية وحلولاً مدروسة ورؤية متكاملة.