خرقت الرجاء البيضاوي في بطولة العالم للأندية التي تستضيفها بلادنا هذه الأيام كل أصول الضيافة ، ونزلت بمطارقها على كل من أوكلاند سيتي النيوزيلاندي ، ومونتيري المكسيكي ، وأضافت إليهما نادي أتليتكو مينيرو البرازيلي بنجمه الكبير رونالدينيو . الرجاء ضربت أصول الضيافة عرض الحائط ، فكان لها كلام آخر غير الذي كانت تتمناه هذه الفرق ، التي تعتبر صاحبة الدار ، إذ لم يكن يشارك في هذه البطولة سوى أبطال القارات ، لكن الفيفا لاحظ أن الجماهير المحلية في الدولة المنظمة لا تعير أي اهتمام لهذا الحدث الكروي الكبير لعدم وجود ناد محلي يمثلها في المسابقة ، فقررت إقامة دور تمهيدي لبطل الدولة المضيفة مع بطل الأوقيانوسيا أضعف القارات، تفتتح به المسابقة ، وكان البطل المحلي يخرج عادة في المباراة الأولى أو الثانية ، ولكن الرجاء البيضاوي أبطل هذه المعادلة وسجل سبقاً تاريخياً من الصعب تكراره بتأهل البطل المحلي للدولة المنظمة للمباراة النهائية . ما فعلته الرجاء في بطولة كأس العالم للأندية الحالية يشبه إلى حد بعيد ما كان قد فعله منتخب الدانمارك سنة 1992 في كأس أوربا للأمم ، عندما تمت استضافته آنذاك عوضا عن منتخب يوغوسلافيا التي كانت مشتعلة بالحروب ، فتم تجميع لاعبيه من على الشواطيء وجاؤوا بهم إلى المنافسات فكان أن أتوا على الأخضر واليابس ، وتوجوا أبطالا لتلك الدورة من غير أن يكون أي واحد يضعهم في الحسبان ، بعد أن دكوا شباك المنتخب الألماني بطل العالم في تلك الفترة بهدفين دون رد.. الرجاء هي الأخرى فعلت نفس الشيء ، فهي كما نعرف لم تكن بطلة لإفريقيا ، وإنما بطلة للمغرب مستضيف الدورة ، فكان لا بد أن تمثل الكرة المغربية في هذا العرس ، وكانت ضيفا لا يعطيه أصحاب الدار أكثر من حجمه ، بل كانوا يعتبرونه قنطرة عبور للأدوار الموالية للكأس العالمية ، لكن حدث ما لم يكن يخطر على بال أي أحد ، بل لم يكن يخطر حتى على بال السي امحمد فاخر الذي خرج خاسرا كبيرا من هذه المناسبة العظيمة ، في الوقت الذي علا فيه نجم اللاعبين نحو السماء متلألئا ، جذابا ، بكل الألوان المغربية ، ضاربا موعدا مع التاريخ الكروي بلعب المباراة النهائية يوم غد السبت ضد باييرن ميونيخ الألماني بنجومه التي تساوي الملايير ومدربه الكبير بيب غوارديولا ، وفاتحا أمام الكرة المغربية بابا جديدا لنسيان الكوارث التي تعرضت لها خلال السنوات الأخيرة ، وبدء فترة جديدة قوامها التألق وإثبات التفوق على الصعيد الإفريقي أولا والعربى ثانيا والعالمي أخيرا . والأكيد أنه مهما كانت الجهة التي ستميل إليها الكأس في نهاية هذه التظاهرة الكروية الكبرى ، فإن فريق الرجاء البيضاوي بصم على عهد كروي مغربي جديد بلاعبيه الأفذاذ ، وجماهيره الكبيرة العاشقة التي تكبدت كل المشاق لتقف وراءه ، وأعطى للكرة المغربية وجماهيرها متنفسا للفرح الذي غاب عنها منذ مدة بفعل خواء جعبة المنتخب الوطني الأول ، بالرغم مما صرف عليه من أموال لم تكن كفيلة بأن تمنحنا ما كنا نبحث عنه معه من فرح ومرح ، واعتزاز برياضيينا الذين يمثلوننا في مختلف المواعيد الرياضية ، قارية كانت ، أم عربية ، أو عالمية . وباختصار فقد أحدثت الرجاء هذا الأسبوع زلزالا قويا من « التيكي تاكا «في عالم كرة القدم ، أبكت به أصدقاء رونالدينيو ، وحلقت بعيدا في سماء العالمية ، وكما قالت جريدة ليكيب الفرنسية المتخصصة ، فإن الرجاء زرعت جنونا عظيما في كأس العالم للأندية ، وأصبحت ثاني فريق يخرق السيطرة الأمريكية الأوروبية على المباراة النهائية للعرس العالمي، وثاني فريق من القارة السمراء وبالتحديد بعد مازيمبي الكونغولي الذي أزاح فريقا برازيليا في نسخة عام 2010 هو انرتناسيونال (2-0)، قبل أن يخسر أمام انتر ميلان الايطالي 0-3 في المباراة النهائية. فهنيئا للرجاء ... وهنيئا للمغرب برجال الرجاء وعقبى لإنجازات أخرى إن شاء الله.