احتضنت مدينة الدارالبيضاء يوم الأحد 8دجنبر 2013 ،مهرجانا خطابيا حاشدا بمناسبة إحياء ذكرى اغتيال الزعيم النقابي المغاربي فرحات حشاد ، وقد ترأس الأخ حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال إلى جانب الأخ محمد كافي شراط رئيس لجنة تسيير الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، هذا المهرجان الذي نظمه الاتحاد العام، بالمركب الاجتماعي التابع له بالحي المحمدي، ويأتي هذا اللقاء استكمالا لبرنامج التجمعات التحسيسية المسطر من قبل لجنة تسيير الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. وقد حضر هذا اللقاء أعضاء من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام ولجنة التسيير، ومشاركة الكتاب العامين للاتحادات والجامعات والنقابات الوطنية ومكاتب الاتحادات المجاورة لمدينة الدار البيضاء و منظمتي المرأة والشبيبة الشغيلة. النضال النقابي ضد الطغيان والتسلط وأكد الأخ محمد كافي شراط، في كلمة ألقاها بالمناسبة، أن تنظيم هذا المهرجان الخطابي الحاشد يتزامن مع مناسبتين خالدتين، الأولى تهم إحياء ذكرى 8 دجنبر 1952 ،والثانية تتعلق بإحياء ذكرى 14 دجنبر 1990، وبخصوص الذكرى الأولى ،أبرز الأخ شراط أن اغتيال فرحات حشاد كان في الواقع محاولة يائسة من قبل الاستعمار الفرنسي لإسكات صوت هذا المناضل الوحدوي وإيقاف مسيرة وحدة النضال النقابي ووحدة نضال الشعوب المغاربية،ضد الظلم والطغيان والقهر الذي كان يمارسه الاستعمار، فكانت الانتفاضة المغربية الخالدة التي نظمتها الطبقة الشغيلة والتي انطلقت شرارتها من الحي المحمدي المجاهد، حيث سقط المئات من الشهداء المغاربة في مواجهة الآلة الهمجية للقمع الاستعماري . وأضاف شراط أن الذكرى الثانية تهم انتفاضة 14 دجنبر 1990 التي طوت صفحة عهد التسلط ، وجاءت بعهد جديد يرنو نحو الديمقراطية ،طوت عهدا قاهرا لأن اليد التي كانت متسلطة آنذاك أقفلت جميع أبواب الأمل وضيقت الخناق على كافة فئات الشعب المغربي، إلى أن تحركت الطبقة الشغيلة بقيادة الاتحاد العام الشغالين بالمغرب بزعماء تلك المرحلة، وفي مقدمتهم المناضل النقابي حميد شباط ، فكانت الانتفاضة التي أعادت الأمور إلى نصابها وأرجعت الدفء للحياة السياسية ، وكانت الكتلة الديمقراطية وانطلقت مسيرة الإصلاحات وجاء دستور 1992 وبعده دستور 1996 ثم حكومة التناوب التوافقي، وغيرها من الإصلاحات التي لعبت فيها الحركة النقابية دورا بارزا . حكومة الإجهاز على المكتسبات وأوضح كافي شراط أن هناك خيطا ناظما بين هذه الذكريات،وهو أن كثرة القمع والتسلط تسبب في الضغط والسخط الجماهيري الذي ولد الانفجار،مبرزا أن الانتقال إلى المرحلة الراهنة مع الحكومة الحالية، يلاحظ وجود الكثير من مظاهر التسلط على الشعب المغربي بشكل عام،وعلى الطبقة الشغيلة بشكل خاص،وأصبح الكل يشعر بأنه عاد إلى الوراء أي إلى مرحلة ما قبل دستور 2011، والخطير في الأمر هو أن الحكومة الحالية أجهضت جميع المبادرات التي تهدف إلى تفعيل مقتضيات الدستور ،وأجهزت على عدد من المكتسبات التي تحققت بفضل نضال الشعب المغربي وقواه الحية،وفي مقدمتها مكتسبات الطبقة الشغيلة،التي أصبحت غير قادرة على مواجهة متطلبات الحياة اليومية بسبب القرارات اللاشعبية والزيادة في الأسعار،وعجب العجاب، حسب تعبير الأخ كافي شراط،أن الحكومة تراجعت عن تنفيذ الالتزامات الموقعة مع النقابات ،في إطار الحور الاجتماعي، بمباركة النقابة التابعة للحزب التي يقودها،وحذر شراط من هذا التوجه،الذي لن يؤدي في آخر المطاف،إلا إلى الانفجار الجماهيري ضد الظلم والتسلط، كما حصل في انفجار 8 دجنبر 1952 وانتفاضة 14 دجنبر 1990. وبعد ذلك تناول الكلمة الأخ حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال،حيث أكد على أهمية الاحتفال بذكرى انتفاضة 14 دجنبر1990،التي شكلت حدثا مفصليا في تاريخ المغرب المعاصر، حيث أصبحت بمثابة عيد وطني لدي مناضلي ومناضلات الاتحاد العام للشغالين بالمغرب،لأنها كانت بداية الانفتاح وعهد الحريات وحقوق الإنسان،وهي التي أعطت القيمة الحقيقية للعمل النقابي النظيف وللعمل السياسي الجاد .. الحركة النقابية قادرة على صنع التغيير وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال أن الحركة النقابية هي القادرة على صنع التغيير وقلب الموازين لفائدة الشعب في كل الأوقات والأقطار، معبرا عن أسفه من الأوضاع المقلقة التي آل إليها العمل النقابي خلال العقدين الأخيرين، وهي الأوضاع المتسمة بالتشتت والتشرذم عبر خلق النقابات المستقلة من قبل الإدارة. وأبرز شباط أن المركزية النقابية للاتحاد العام للشغالين بالمغرب كان لها شرف مواجهة الدكتاتورية النقابية سنة 1960 ، كما كان لها شرف مواصلة النضال من أجل الحفاظ على المكتسبات وتحقيق مطالب الطبقة الشغيلة، مشيدا بالأدوار الطلائعية التي قام بها الرواد الأوائل للحركة النقابية وعلى رأسهم المجاهد عبدالرزاق أفيلال. وأوضح شباط أن الاحتفال بذكرى 14 دجنبر ،يتزامن أيضا مع ذكرى اغتيال زعيم النضال النقابي المغاربي الشهيد فرحات حشاد ،مبرزا حاجة الشعوب المغاربية إلى الوحدة والتضامن من أجل القضاء على جميع الأوبئة والمشاكل التي تعاني منها المنطقة المغاربية . وقال شباط أمام الجماهير النقابية التي احتشدت في القاعة الكبرى للمركب ، إنه لابد من الاعتراف بأن المغرب يشكل نموذجا في الإصلاحات التي أقدم عليها في سياق ما يصطلح عليه بالربيع العربي ،حيث كان لأحزاب الحركة الوطنية دور بارز في التطور الديمقراطي الذي يعيشه المغرب، في إطار الملكية الدستورية الديمقراطية البرلمانية الاجتماعية. المغرب قادر على تجاوز الأزمة وأوضح أن المغرب مر خلال حوالي ثمانين سنة بأزمات كثيرة وخطيرة ، لكنه تمكن من تجاوزها والتغلب عليها بفضل نضال الشعب المغرب وبفضل الحكمة والتبصر التي كان يتمتع بها وما يزال ملوك المغرب، بدءا بالمغفور له الملك المجاهد محمد الخامس ومرورا بالمغفور له الملك الحسن الثاني رحمهما الله ،وصولا إلى جلالة الملك محمد السادس الذي يقود مسيرة الإصلاح والتنمية ويضمن التوازن والاستقرار داخل المجتمع ، وقد توج هذه المسيرة بدستور 2011 الذي اعتبره الجميع ثورة هادئة، وهو الأمر الذي أشادت به العديد الدول العظمى، وتلا ذلك إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها،وكان الأمل كبيرا في أن تأتي هذه الانتخابات بنخب جديدة قادرة على تفعيل مقتضيات الدستور وتحقيق إنجازات وفتح أوراش كبرى لصالح الشعب المغربي وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني والتنمية وتوفير فرص الشغل وترسيخ مأسسة الحوار الاجتماعي، إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، بل على العكس من ذلك تماما، فبمجرد تحمل المسؤولية من قبل الحكومة الجديدة، بدأ مسلسل التراجعات على جميع الأصعدة وفي مختلف المجالات ، وظهر ذلك بشكل واضح من خلال الحصيلة السلبية لسنتين من التدبير الحكومي، وأبرز شباط أن مقارنة هذه الحصيلة الحكومية التي يتحمل مسؤوليتها حزب العدالة والتنمية مع حصيلة الحكومة التي قادها حزب الاستقلال تظهر بالملموس الفرق الكبير، فعلى المستوى الأخلاقي عرفت حكومة عباس الفاسي فتح مختلف الأوراش المتعلقة بمحاربة الفساد والرشوة والريع ، وعلى مستوى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين تم الرفع من أجور العمال والموظفين واعتماد الإعفاء الضريبي للطبقات المتوسطة وحذف السلاليم الصغرى من 1 إلى 5 الذي كان من مطالب الحركة النقابية، وتم توفير حوالي 100 ألف منصب شغل في الوظيفة العمومية والتي استفاد منها الأطر المعطلة ،في حين أن الحكومة الحالية عملت على عكس ذلك، وتنكرت لجميع التزاماتها ووعودها ، مبرزا أن عدم الالتزام بمحضر 20 يونيو بالرغم من الحكم القضائي يظهر بما لا يدع مجالا للشك غباء الحكومة الحالية ، وفي هذا السياق جدد شباط التضامن المطلق مع كل المعطلين في كل المدن القرى المغربية من أجل حقهم في الشغل والعيش الكريم، كما عبر عن إدانته المطلقة لمظاهر التعنيف والقمع التي يتعرض لها المحتجون من معطلين وأساتذة بمباركة ومسؤولية رئيس الحكومة . الأوضاع تتسم بخطورة كبيرة وقال الأمين العام لحزب الاستقلال أن النسخة الثانية من الحكومة التي يقودها السيد عبدالإله بنكيران عادت بالمغرب إلى مرحلة دستور 1970، حيث تتسم الأوضاع بخطورة كبيرة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي،موضحا أن الظرفية الحالية الدقيقة تتطلب التعبئة الشاملة ورص صفوف مناضلات ومناضلين الاتحاد العام للشغالين بالمغرب واصطفافهم إلا جانب الشعب لمواجهة المد المتطرف والتصدي للغطرسة التي باتت أسلوبا ممنهجا للحزب الذي يقود الحكومة،والوقوف ضد قراراتها المتهورة التي تهدف إلى تجويع وتفقير المواطنين والإجهاز على فرص الشغل وتوقيف الاستثمار والهجوم على المقاولة المواطنة ، مبرزا أن الفريق الحكومي الحالي بكامله عبارة عن حكومة بدون حقيبة، وأن خطاب الإصلاح لدى رئيس الحكومة بخصوص صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد هو الإفساد بعينه ،مذكرا بأن السيد بنكيران صرح في البرلمان أمام الشعب المغربي أن سبب أزمة صناديق التقاعد هو تراجع نسبة الوفيات لدى المغاربة وكأنه يدعو ويتمنى لهم الموت، فالإصلاح بالنسبة إليه هو الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية والتقليص من مناصب الشغل والتخفيض من الغلاف المالي المخصص لدعم الفقراء في صندوق المقاصة بحوالي 10 ملايير، وإثقال كاهل الطبقات المتوسطة بالضرائب ، مشيرا إلى أن السيد بنكيران يشكل في حد ذاته أزمة حقيقية . وفي هذا السياق دعا شباط إلى العمل بشكل جماعي ونكران الذات في إطار جبهة واسعة ،من أجل التقليص من عمر هذه الحكومة قبل أن تدفع بالبلاد نحو الهاوية .. وتحدث شباط عن تراجع نسبة التشغيل في الوظيفة العمومية بالرغم من الخصاص الكبير وتدهور الخدمات الاجتماعية الأساسي ، مشيرا إلى أن وزارة الخارجية على سبيل المثال عرفت إحالة 150 إطار على التقاعد، في حين أن عدد المناصب المالية المخصصة لها لم تتجاوز 50 منصبا ، كما استفحلت أزمة قطاع الصحة ، حيث زادت نسبة وفيات النساء في عهد هذه الحكومة، بسبب غياب وسائل العمل وانعدام الأدوية الضرورية، وضعف الموارد البشرية، في حين أن هناك حوالي ثلاثة آلاف معرضون للبطالة في السنة المقبلة، ومن المتوقع استقطابهم من قبل دول أجنبية بعد أنفقت الدولة عليهم أموالا طائلة . وأبرز شباط أن التشغيل في الوظيفة العمومية، في عهد هذه الحكومة، يعتمد على الزبونية والمحسوبية والحزبية الضيقة فعدد كبير من الذين تم توظيفهم هم من حركة الإصلاح والتوحيد ومن المحسوبين على العدالة والتنمية . القطع مع الظواهر السلبية وانتقل شباط إلى الحديث عن التوجهات الجديدة الحزب الاستقلال مؤكدا أن الحزب قطع بشكل نهائي مع الظواهر السلبية التي كانت سائدة في الماضي المبنية على الولاءات وقضاء المآرب الشخصية ضدا على مبادئ الحزب ومصالح الشعب، مضيفا بالقول إن الخونة والمهرولين وراء السفارات والمناصب السامية والوزارية لا مكان لهم في حزب الاستقلال،وأن منطق العمل والاجتهاد والاستحقاق والكفاءة والنضال اليومي في دواليب الحزب هو الطريق الوحيد نحو تحمل أي مسؤولية مهما كانت صغيرة أو كبيرة، ودور المجلس الوطني سيكون حاسما في ذلك. وقال شباط إن الذين يتحدثون عن الثوابت والمبادئ في إطار ما يسمى بلا هوادة ، يجب أن يتحلوا بقليل من الحياء لأن الاستقلالين والاستقلاليات يعرفون ثوابتهم الحقيقية جيدا، وتساءل شباط قائلا هل الثوابت هي الهرولة وراء الوزارة أوالسفارة بأي ثمن كما فعل السيد الخليفة، وهل الثوابت هي السباق ضد الساعة من أجل بناء متجر لبيع الخمور عوض مسجد كما فعل السيد التازي، وهل الثوابث هي الوصول إلى قبة البرلمان أو القيام بحملة ضد حزب الاستقلال ومناضليه كما فعلت السيدة سميرس، وهل الثوابت هي التردد في تسليم الممتلكات للحزب كما فعل السيد الفاسي . وأكد حميد شباط أن حزب الاستقلال سيكون، إن شاء الله ، القوة السياسية الأولى في المشهد السياسي المغربي ، بفضل نضالات الاستقلاليات والاستقلاليين، وكفاح مناضلي مختلف روابطه المهنية ومنظماته الموازية، وبفضل برنامجه الإنقاذي وممارسته لسياسة القرب مع الشعب المغربي ، مشير إلى أن الاستعدادات جارية لتخليد ذكرى 11 يناير لتقديم وثيقة الاستقلال، حيث تنكب لجنة عشرية استشرافية من خبراء الحزب ، على إعداد التصور التوقعي لما سيكون عليه المغرب خلال سنة 2024 ، والذي من المفروض أن تتحسن فيه أوضاع المغاربة اقتصاديا واجتماعيا، وهو ما يجب أن تلعب فيه الحركة النقابية دورا حاسما، لأن التاريخ يشهد أن أكبر التحولات التي عرفتها البشرية كانت بفضل الطبقة الشغيلة التي كانت لها القدرة دائما على محاربة الظلم والطغيان والفساد، ودعا شباط إلى جعل إحياء ذكرى 20 مارس الخاصة بالاتحاد العام للشغالين، محطة نوعية في نضال الحركة النقابية بالمغرب من أجل التغيير والإصلاح، حيث أصبح الجمع مقتنعا أن هذه الحكومة لا يرجى من ورائها خير للطبقة الشغيلة وللشعب المغربي بكامله .