ذكرت صحيفة ال"واشنطن بوست" الأمريكية أن "إفريقيا الوسطى" مثال حي على انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرة إلى أنها دولة غير ساحلية يعيش بها 4.6 مليون شخص، وتعتبر واحدة من أفقر الأماكن على الأرض، بالإضافة لقلة الموارد لذلك ليس لها أهمية إستراتيجية حقيقية على الخريطة العالمية، ومع ذلك تتصدر أخبارها عناوين الصحف الدولية كوصمة عار على الضمير الإجتماعي، حيث السماح لعمليات القتل الطائفي التي تجتاح العديد من المدن والقرى وتتوسع في الدولة كلها. وقالت الصحيفة أن العنف بدأ في "إفريقيا الوسطى" في شهر مارس الماضي، عندما قامت الجماعات المسلحة المسلمة في الشمال بتحالف، ونظموا تمردا في "سيليكا" أطاحوا من خلاله برئيس الدولة المسيحي "فرانسوا بوزيزي" في دولة "إفريقيا الوسطى" ذات الأغلبية المسيحية، ووضعوا مكانه "ميشال دجوتودي" كأول رئيس مسلم في هذا البلد المسيحي. وأضافت الصحيفة أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" قالت إن وصول "ميشال دجوتودي" للسلطة بعد موجات القتل في "سيليكا" وحالات الإغتصاب والنهب والحرق والتي شملت عشرات الضحايا من النساء والأطفال والمسنين، وأثبتت "رايتس ووتش" أن تلك الجماعة لا ترحم ولاسيما تجاه المسيحيين وكنائسهم. وذكرت الصحيفة أن الصراع استخدم المسمى الديني والطائفي بأقبح وجه في شتنبر الماضي عندما بدأت الميليشيات المسيحية المعروفة بإسم "مكافحة بالاكا" المضادة ل"المنجل" بمهاجمة المجتمعات المسلمة وقامت بذبح النساء والأطفال وأعلنوا أحيانا أنهم يريدون إبادة جميع المسلمين. وقد أثارت هذه الهجمات أعمالا انتقامية وحشية في "سيليكا" مؤخرا، وقامت منظمة "هيومان رايتس ووتش" بالتبرع بالوقود والمال لمحاربة "مكافحة بالاكا" التي تقوم بإبادة المسلمين، مختتمة أن "الأممالمتحدة" قالت أنه لابد من أن نتعلم من أخطاء الماضي كما يرى "بان كي مون" الأمين العام ل"الأممالمتحدة" أنه لابد من زيادة "قوات حفظ السلام" هناك من 6 آلاف إلى 9 آلاف حتى تساعد على عدم انزلاق "إفريقيا الوسطى" في حافة الهاوية. ومن جهة أخرى ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية يوم أمس أن "إفريقيا الوسطى" ألغت الإحتفال التقليدي بالعيد الوطني في العاصمة "بانجي"، مشيرة إلى أنه بدلا من الإحتفال بذكرى استقلالها، تنتظر "إفريقيا الوسطى" وسط حالة من القلق وعدم اليقين تدخل القوة الإستعمارية السابقة لوقف الأزمة السياسية التي وصلت خلال الأشهر الأخيرة إلى نقطة اللا عودة. وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد مرور أقل من عام على وصول الرئيس المسلم إلى السلطة على يد متمردي "سيليكا"، فقد الرئيس "دجوتودي" السيطرة تمامًا على البلاد، فقوات "سيليكا" التي قامت بأعمال نهب في العاصمة في مارس الماضي، أصبحت تعتبر الآن في نظر قطاع كبير من سكان المدينة مثل قوات الإحتلال. وأضافت الصحيفة إن ما تبقى من أجهزة الدولة يشهد تفككًا متسارعًا، في الوقت الذي يخشى فيه من أن يؤدي الغضب الشعبي ضد المسلمين إلى أعمال عنف على نطاق واسع حال سماح الظروف بذلك، لافتة إلى أن التدهور السريع في الأوضاع هو الذي قاد "فرنسا" للتدخل في "إفريقيا الوسطى". ورأت الصحيفة الفرنسية أن تدخل "فرنسا" في "إفريقيا الوسطى" له مكاسب قليلة وخسائر كبيرة، مشيرة إلى أن مسئولية نجاح أو فشل هذه المهمة ستتحملها "فرنسا" في النهاية. وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" قد أصدرت تقريرا أكد أن المتمردين الذين أطاحوا برئيس "إفريقيا الوسطى" منذ ستة أشهر "يقتلون عشرات المدنيين مع الإفلات من العقوبة، وفي إحدى الحالات أطلقوا النار على امرأة تسير في الشارع وتركوها لتموت وطفل ينتحب معلق على ظهرها". ودعت المنظمة في تقريرها الذي يوثق علميات القتل والتدمير المتعمد لأكثر من ألف منزل، إلى "فرض عقوبات مستهدفة ضد الزعماء المسئولين عن الإنتهاكات"، وطالبت المنظمة من "المجتمع الدولي للمساعدة في دعم بعثة حفظ سلام تابعة للإتحاد الإفريقي، تهدف إلى حماية المدنيين في أعقاب "إنقلاب مارس" الذي قاده تحالف من الجماعات المتمردة. وقد قال "دانييل بيكيلي" مدير فرع "إفريقيا" في منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن قادة الإنقلاب وعدوا ببداية جديدة لسكان جمهورية "إفريقيا الوسطى"، ولكنهم بدلا من ذلك نفذوا هجمات واسعة النطاق على المدنيين وعمليات نهب وقتل.