أعلن رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما أمس الاثنين مقتل 13 جنديا من جنوب أفريقيا، وإصابة 27 آخرين في القتال مع المتمردين في جمهورية أفريقيا الوسطى. في هذه الأثناء، تعهد زعيم المتمردين في أفريقيا الوسطى ميشال جوتوديا الذي نصّب نفسه رئيسا للبلاد بإجراء «انتخابات حرة» خلال ثلاثة أعوام، واحترام اتفاقات ليبرفيل للسلام تلبية لطلب واشنطن وباريس ودعوتهما المتمردين إلى إقرار القانون والنظام. وبعد ساعات من سيطرة ائتلاف «سيليكا» المتمرد الأحد على العاصمة بانغي والقصر الرئاسي وفرار الرئيس فرنسوا بوزيزي، أعلن زعيم ائتلاف سيليكا، ميشال جوتوديا، أنه سيحترم اتفاقات السلام الموقعة في 11 يناير الماضي بين بوزيزي والمعارضة والذي يقضي ب«وقف إطلاق النار على الفور وقيام فترة انتقالية من سنة مع حكومة وحدة وطنية». وبالفعل تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي ضمت وزراء من فريقي بوزيزي والمعارضة وحركة التمرد، لكن المتمردين استأنفوا عملياتهم المسلحة يوم الجمعة الماضي بذريعة عدم احترام فريق بوزيزي الاتفاقات، إلى أن سيطروا على العاصمة واستولوا على القصر الرئاسي أول أمس إثر هجوم خاطف أطاح ببوزيزي الذي يحكم البلاد منذ عشر سنوات والذي فر من العاصمة إلى جهة مجهولة. وقال جوتوديا لإذاعة فرنسا الدولية «سنبقى دوما في روح إتفاقيات ليبرفيل» مؤكدا أنه لن يقيل رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية نيكولا تيانغايي، الذي كان أحد أبرز معارضي بوزيزي، وسينظم «انتخابات حرة وشفافة في غضون ثلاثة أعوام». وتأتي تصريحات زعيم سيليكا لطمأنة الولاياتالمتحدة التي أعربت الأحد عن «القلق العميق إزاء تدهور الوضع الأمني» في أفريقيا الوسطى، ودعت المتمردين إلى احترام اتفاقات ليبرفيل للخروج من الأزمة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية «ندعو بشكل عاجل قيادة سيليكا إلى إقرار القانون والنظام في المدينة وإعادة العمل في أجهزة توزيع المياه والكهرباء». كما أعربت عن «القلق الشديد إزاء تدهور الوضع الإنساني، والمعلومات التي تشير إلى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان سواء من قبل القوات الأمنية أو مقاتلي سيليكا». وأضاف بيان الخارجية الأمريكية «ندعو بقوة قيادة سيليكا إلى الاعتراف بشرعية اتفاق ليبرفيل وضمان تطبيقه وتقديم كل الدعم لرئيس الوزراء نيكولا تيانغاي وحكومته» التي هي حكومة وحدة وطنية. أما فرنسا - القوة المستعمرة السابقة للبلاد - فقد دعت هي الأخرى إلى احترام الاتفاق، وقال الرئيس فرنسوا هولاند إنه أخذ علما برحيل بوزيزي، ودعا كل الأطراف إلى الهدوء والحوار حول حكومة وحدة وطنية. كما دعا هولاند المجموعات المسلحة إلى احترام المدنيين، مضيفا أنه أمر بتعزيز الوجود العسكري الفرنسي في بانغي «لحماية الفرنسيين المقيمين هناك في حال لزم الأمر». ويأتي القلق الأمريكي والفرنسي بعد روايات شهود عيان بأن مسلحين وبعض السكان اغتنموا الفرصة لارتكاب أعمال نهب في المحلات التجارية والمطاعم والمنازل والسيارات. وقال أحد سكان العاصمة في اتصال هاتفي «هناك الكثير من أعمال النهب يقوم بها مسلحون. إنهم يكسرون الأبواب وينهبون ثم يأتي الأهالي وينهبون ما تبقى». وحول وجهة بوزيزي الذي فر من القصر الرئاسي، أكدت فرنسا مغادرته للعاصمة لكن بدون تحديد وجهته. لكن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مصدر مطلع قوله إن الرئيس «غادر البلاد على متن مروحية» دون تحديد وجهته. ولم يظهر بوزيزي علنا منذ زيارة قصيرة قام بها الخميس إلى حليفه الجنوب أفريقي جاكوب زوما في بريتوريا. ويكفي عبور نهر أوبانغي لدخول مدينة زونغو في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن الحكومة في كينشاسا أكدت أن «بوزيزي لم يطلب الدخول إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ولم يأت، ولم يشر إلى قدومه»، لكنها أكدت وصول عدد من أفراد عائلته والمقربين . يُذكر أن بوزيزي استولى على الحكم بانقلاب عسكري عام 2003، وانتخب سنة 2005 وأعيد انتخابه عام 2011 في اقتراع طعنت فيه المعارضة بشدة واعتبرته مهزلة. وبعد سيطرة المتمردين على معظم أنحاء أفريقيا الوسطى، خلال العام الحالي، رفضت فرنسا دعم نظام بوزيزي، وأرسلت 250 جنديا إلى بانغي للحفاظ على الأمن بالمطار و1250 فرنسيا يعيشون في البلد. وتقع جمهورية أفريقيا الوسطى بين تشاد والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو والكاميرون، ويحوي باطن أرضها ثروات كبرى من الذهب واليورانيوم والنفط والماس.