لا أحد يمكن أن ينكر على فنان حقه في الانتماء السياسي أو النقابي، وجاهل من يعتقد أنه بمقدوره أن يحد من حرية التعبير بالنسبة لفنان ما، ولا تقتصر هذه الحرية في أن يضمن إنتاجه الفني المواقف التي يرتضيها ويقتنع بها، ولكن أيضا حريته في أن يعبر بجميع الأشكال والصيغ التي يراها مناسبة وتحترم القوانين التي تنظم سريان هذه الحرية. هذه المقدمة كانت ضرورية لكي لا ننزع عن الفنان نعمان لحلو حقه في التعبير، لكن نعمان لحلو أضاف كثيرا من التوابل حينما ارتأى أن يقدم على خرجته الإذاعية، وأضحى ما أفرزته ممارسته لحريته شديد الملوحة . لا يهمنا ما قاله نعمان لحلو في حق الراحل ادريس البصري، لأن التهجم على الموتى أضحى لعبة سهلة، بيد أن الأهم هو مواجهتهم أثناء ممارستهم لمهامهم ودفع ثمن هذه المواجهة، أما أن ينتظرهم البعض إلى أن يعزلوا من مهامهم ويسلموا الروح إلى باريها، وتتغير الأوضاع السياسية ليفك الشخص عقدة لسانه، فهذه لا يوجد أسهل منها. ما يهمنا هو ما ذهب إليه السيد نعمان لحلو في تهجمه على حزب الاستقلال في شخص أمينه العام، والذي لاقى ترحيبا استثنائيا من طرف خصوم الحزب ومنافسيه، ليتحول السيد نعمان لحلو إلى عصا يضرب بها طرف سياسي خصمه أي الطرف الآخر. من الناحية المبدئية فإن نعمان لحلو وضع نفسه في خصام مع الاستقلاليين والاستقلاليات والمتعاطفين معهم، وبالتالي من حق هؤلاء على هذا الفنان أن يعتذر لهم ويمارس نقدا ذاتيا وإلا تحول نعمان لحلو نفسه إلى خصم سياسي ومنافس سياسي، وبذلك فإن نعمان لحلو يدشن لفتح غير مسبوق، عنوانه تسخير الفنانين للهجوم على الأحزاب والشخصيات السياسية، وتبعا لذلك لا غرو أن يستعمل الفنانون إنتاجاتهم الفنية لتصفية الحسابات السياسية الضيقة. إن نعمان لحلو الذي تجمعه قرابة استثنائية جدا مع أحد الأشخاص الذين ينازعون الأمين العام الحالي للحزب في شرعيته، استغل منبرا إعلاميا لمجاملة المقرب جدا وتقديم خدمة استثنائية له. نعمان لحلو قبل أن يصرح بأنه مستعد للانفتاح على جميع الأحزاب باستثناء حزب معين، كان عليه أن يسأل هذا الحزب هل يقبل أن يكون أحد أشخاصه الذين لا ينتمون إلى حزب إلا للحصول على منفعة.