قبل أيام صرح وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في ندوة صحفية بالعاصمة الجزائرية ردا على سؤال صحفي إنتقد " ضعف الموقف الرسمي الجزائري تجاه التحرشات المغربية " بأن الصمت في بعض الأحيان، يكون أبلغ من الرد" إعتبرنا حينها أن رئيس الديبلوماسية الجزائرية الذي ما زال لم يسخن مقعده الوزاري الجديد يقطر الشمع على المغاربة دون ألم و يسعى الى لملمة العاصفة الديبلوماسية الناشئة بين البلدين الجارين بأقل الخسائر .. أول أمس بولاية أم البواقي بالشرق الجزائري تجرع الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال غضب الساكنة التي إستقبلت موكبه بالحجارة و الاحتجاجات و بكثير من الغرور و العزة بالنفس بعث رسائل واضحة إلى المغرب عندما قال إن _هناك دولا لا تريد الاستقرار للجزائر والحل في مواجهتها هو الصمود والصمت_. لا رئيس الحكومة الجزائرية الذي إنزوى جانبا طيلة مرحلة الأزمة الديبلوماسية و الاعلامية الأخيرة بين البلدين الجارين و لا وزير خارجيته الذي كان في مقدمة كتيبة التصدي " للمخزن المغربي " فصلوا في ماهية خطة الصمت التي قدر النظام أنها أحسن سلاح في مواجهة المملكة لغة الصمت هذه ربما هي تجديد الجزائر رسميا مطالبتها باشراكها الى جانب القضاء المغربي في التحقيق في حادث قنصلية الجزائر بالدار البيضاء مع إستباق نتائج هذا التحقيق بتقرير أن فعل تنكيس العلم الجزائري ليس بالمعزول بل هو مدبر و هذا ما يعني إتهاما مباشرا للسلطات المغربية بتجييش مئات المواطنين الذين إحتجوا أمام تمثيليات الجزائر بالمغرب بمختلف المدن المغربية ضد التعنت الجزائري . خيار الصمت الذي يلوذ به الأشقاء الجزائريون على الأقل أمام الكاميرات سيتجلى أيضا حينما ينبري مسؤول رسمي جزائري بمعطف رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الانسان في وكالة الأنباء الرسمية للجزائر ليتهم المغرب بتسخير لوبيات المخذرات للتشويش على مواقف الجزائر بشراء ذمم ست منظمات غير حكومية دولية مستقلة منها منظمة هيومن رايتس ووتش عشية انتخابات مجلس حقوق الانسان الأممي الذي إفتكت فيه الجزائر مسنودة بجنوب إفريقيا مقعدا ما زال موضوع تحفظات هيئات حقوقية عديدة . بين خيار الصمت و منطق المؤامرة شرخ واسع من السلوكات و التقديرات التي يدرك حجمها رئيس الديبلوماسية الجزائرية حين يقرر من ذات نفسه أنه في العلاقات الثنائية (الجزائرية-المغربية) "هناك اتفاقات و قواعد سير مكتوبة أو ضمنية سواء كانت خاضعة للقانون أو للتاريخ المشترك للبلدين لا يجوز انتهاكها". باسم هذه القواعد و باسم هذا التاريخ المشترك هل تقبل الجزائر أن تكون دوما المبادرة بافتعال الأزمات مع الجار المغربي و مع ذلك تتهم بالدفع بالمنطقة الى الانفجار . و هل يمكن لنا إبتلاع حكمة الصمت الجزائري المزعوم بسهولة و الكل شاهد على مسرحية رديئة السيناريو و الاخراج تروم تصدير أزمة داخلية تهم الجزائريين وحدهم و تتعلق بمصير رئيسهم الى خارج الحدود و إستثمار أجواء الحقد و طبول التهييج لتحقيق أقصى درجات التعبئة الداخلية ضد العدو المغربي و توظيف أجواء هذه التعبئة فيما بعد لتمرير مشروع رئيس جمهورية جاهز . قد نصدق ببلاهة أن الجزائر الرسمية متشددة الى حد الانتحار في مواقفها المصيرية لكن لن نكون بلداء الى حد القبول بأن كل هذه الجعجعة الفارغة تحترم الحد الأدنى من قواعد المعاملة التي أحال عليها السيد لعمامرة في حديثه عن العلاقات الثنائية بين الجزائر و الرباط .