لم تعد ظاهرة الهجرة بالمغرب ظاهرة عبور وذلك بعد أن ضاقت سبل الوصول إلى الضفة الأخرى ووصول مزيد من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء الذين انضاف اليهم في الآونة الأخيرة المهاجرون السوريون الهاربون من جحيم الحرب الأهلية التي تدمر البلاد. وتقدر الإحصائيات الى أن هناك أزيد من 30 ألف مقيم غير شرعي وهي إحصائيات غير محينة في حين أن الرقم الحقيقي لهؤلاء غير معروف مادامت ليست هناك آلية للتعرف على عددهم. ويواجه المغرب كعدد كبير من الدول التي عرفت ظاهرة الهجرة مثل إيطاليا وإسبانيا في وقت سابق حينما كانتا بلدي عبور قبل أن تصبحا بلدي استقرار مشاكل عويصة بسبب عدم الاستقرار المادي والقانوني لهذه الظاهرة التي لم تعد عابرة بل أصبحت هيكلية وأصبح وجود هؤلاء المهاجرين واقعا دائما يتطلب تدخل عاجلا للدولة لمعالجة مشاكل هؤلاء في مجالات الصحة والتعليم والإقامة. وكان المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان ورغم كونه هيئة استشارية قد نبه في تقرير له في بداية شهر سبتمبر المنصرم الى الوضعية الصعبة التي يعيشها المهاجرون غير الشرعيين في المغرب. ومن جهة أخرى قررت أعلى هيئة في البلاد إعطاء الأولوية لهذه الفئة خاصة في مجال حقوق الإنسان انسجاما مع المواثيق الدولية في مجال الهجرة التي يلتزم بها المغرب والتي تحتم عليه سن قوانين واتخاذ اجراءات تؤكد وفاءه بالتزاماته الدولية. ومن هذا المنطلق يجري الحديث اليوم عن اتخاذ الخطوة الأولى وهي تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، وهذه الخطوة وإن كانت خطوة لابد منها في اتجاه الاعتراف بحقوق المهاجرين الموجودين فوق تراب المغرب فإنها تتطلب الكثير من اليقظة حتى لايتكرر ما وقع في بلدان سبقتنا في هذا المجال ومن بينها تدفق مزيد من المهاجرين إلى المغرب للإستفادة من هذه التسوية سواء بهدف البقاء نهائيا بالمغرب أو البقاء مؤقتا في انتظار العبور إلى الضفة الأخرى ذلك أن المناطق المتاخمة للمدينتين المحتلتين سبتة ومليلية تعرف تمركز المئات من الأفارقة الذين يحاولون يوميا اقتحام المعبرين بالقوة للدخول إلى المدينتين مما سبب في الكثير من الأحيان اصطدامات عنيفة مع قوات الأمن سواء الإسبانية أو المغربية نتج عنها جرحى في صفوف الأمن وصفوف المهاجرين. وإذا كان المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قد دخل على الخط في مشكلة الهجرة فإن المغرب بدوره عرف ميلاد جمعيات عديدة تهتم بشؤون الهجرة ستكون لها هي الأخرى كلمتها في القادم من الأيام لمعالجة المشاكل التي سيعرفها حتما مسلسل تسوية المهاجرين غير الشرعيين. الحكومة المغربية مدعوة الآن إلى السير في هذا الاتجاه واستخلاص الدروس من تجارب الدول السابقة في هذا المجال خاصة فرنسا واسبانيا الجارتان اللتان واجهتا هذه القضية والتي كان المهاجرون المغاربة يشكلون فئة كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين الموجودين فوق أراضيهما. وما ينتج عن ذلك من مشاكل اجتماعية وحملات عنصرية كان هؤلاءضحية لها.