عادت عائلات المفقودين الذين اختطفوا قسريا خلال الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر في التسعينيات مجددا إلى تنظيم تجمعاتها الاحتجاحية، للمطالبة بكشف مصير أبنائهم. وحاولت «هيئة نجدة المفقودين» - تنظيم غير مرخص له - تنظيم تجمع وسط العاصمة الجزائرية، لكن السلطات الجزائرية منعتهم من ذلك . وفرقت قوات الأمن والشرطة السبت المنصرم عائلات المفقودين بينهم أمهات في عقدهن السابع والثامن، كن يرفعن صور أبنائهن المفقودين وشعارات تطالب بالحقيقة والكشف عن مصيرهم، ويرفضن حتى الآن التسليم بمنطق الأمر الواقع الذي فرضته عليهن السلطة بشأن قضية المفقودين . وتعترف السلطات الجزائرية بوجود لائحة ب7400 مفقود، بحسب تصريح سابق لرئيس اللجنة الحكومية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني، اختطفوا بشكل قسري، خلال الأزمة الأمنية العنيفة بين 1992 إلى 1999. لكن السلطات الجزائرية تنفي مسؤوليتها عن فقدانهم أو اختفائهم القسري، وتعتبر أن غالبيتهم فقدوا في الجبال بسبب انتمائهم إلى المجموعات المسلحة . ووفقا لقانون المصالحة الوطنية الذي وافق عليه الجزائريون في استفتاء جرى في 29 شتنبر 2005 وبدأ العمل بأحكامه في مارس2006، عرضت السلطات الجزائرية تسوية ودية على عائلات المفقودين لهذه القضية. وتحصل بموجب هذا القانون كل عائلة مفقود على تعويضات مالية تعادل 12 ألف دولار عن كل مفقود، مع تسوية الوضعية الإدارية للمفقود، واستخراج شهادة وفاة له، لكن بعض العائلات رفضت هذه التسوية وأصرت على معرفة حقيقة الاختفاء القسري لأبنائها ومحاكمة المسؤولين المتورطين قبل أي تسوية إدارية أو قانونية. وبموجب قانون المصالحة الوطنية يمنع فتح أي ملف قضائي أو متابعة قضائية من قبل عائلات المفقودين ضد أي مسؤول أمني محلي أو مركزي بشأن فقدان أبنائهم . لكن عائلات المفقودين تصر على التظاهر كل يوم أربعاء في العاصمة الجزائرية، وتتهم السلطات وأجهزة الأمن الجزائرية بالمسؤولية عن مصيرهم، وهددت باللجوء إلى الهيئات الحقوقية الدولية من أجل معرفة حقيقة الاختفاء القسري لأبنائها. ووافقت الجزائر في شهر سبتمبر 2012 خلال زيارة المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي، على استقبال وفد حقوقي أممي لبحث ملف المفقودين الذي يعد من بين أبرز الملفات العالقة من الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد. ولا يعرف إن كانت هذه الزيارة قد تمت فعلا، أم أنها ما زالت مدرجة على الأجندة في انتظار الترتيبات اللازمة لإنجازها.