من البديهي أن الحر يشتد في فصل الصيف وأن الحرارة العليا تصل إلى مستوى مرتفع وأن الجو يتغير وأن الناس يحبون المقام في الظلال والثمار والهواء العليل وشرب الماء البارد وأن أحوال الطقس تكون متقلبة ومتأرجحة بين درجة الحرارة المرتفعة وبين الحرارة الجافة في المناطق الداخلية وبين الأخرى المتسمة بالرطوبة والضباب والبخار البحري في المناطق الساحلية مع هبوب الرياح المصحوبة بالشركي والمثيرة للزوابع الرملية والعواصف الرعدية وسخونة الشمس المفرطة والسراب الحار في المناطق الجبلية والمرتفعة وإلى جانب هذه التقلبات الطقسية الطارئة في الكون تتغير طبائع الناس وتتعدد أنماط حركاتهم وسكناتهم وأزيائهم وألبستهم وأغذيتهم مع إجبار النفس وحملها على التأقلم والتكيف ومسايرة أجواء كل الفصول حسب درجات الحرارة المعاشة لتأخذ هذه النفس حظها من لذات الحياة ولتنال نصيبها من النعم المسبوغة على الخلق في كل الأوقات والفصول المناسبة وبالتالي تستفيد بطريقة سليمة من العطلة الصيفية ومن كل العطل والمناسبات الأخرى ولذلك نجد معظم الناس في العالم كله يأخذون إجازتهم السنوية في هذا الفصل الذي تنضج فيه الثمار ومختلف الفواكه والبواكير والخضروات بالإضافة إلى أن المدارس والمؤسسات التربوية تسد أبوابها خلودا إلى راحة عطلتها الصيفية كما أن بعض الشركات هي الأخرى تغلق أبوابها لمدة شهر بعد أن تسرح عمالها ليستريحوا وهي مناسبة تجدد فيها آلياتها وتنظف فيها بناياتها بأيادي عمال موسميين لإذهاب الصدأ والأوساخ العالقة بالآليات وفي نفس الوقت هي فترة معتبرة وفرصة سانحة للمراجعة والتأمل وإعادة الأنفاس وأخذ قسط من الراحة والاستجمام بعد سنة من العمل والجد والكد والاجتهاد والتحصيل. هذا وتكون مدة الشهر أو أقل منه كافية للاسترخاء والاستراحة المنظمة لتقييم النتائج وإعادة الأنفاس لشحذ الهمم وتقوية العزائم والإعداد والتهييء والتحضير وجمع القوى الجسدية والفكرية والذهنية والعضلية لاستقبال موسم آخر والدخول فيه بنفس جديد ودماء أخرى ومعنويات مرتفعة مساعدة على البذل والعطاء وإنجاز خدمات لفائدة الأمة سواء كان الأمر يتعلق بخدمات إدارية أو سياسية أو تربوية أو صناعية أو اجتماعية أو رياضية أو فنية أو ثقافية ولتحقيق مثل هذه الأغراض النبيلة المستفادة من العطلة الصيفية كان لا بد من وضع مجموعة من المعطيات والإمكانيات والآليات رهن إشارة الناس لتقديم الخدمات المطلوبة التي تسهل عليهم المأمورية في الاستفادة من فصل الصيف وحرارته المعهودة وشمسه الحارقة وهنا لابد من تدخل مصالح الدولة للإعانة والمساعدة والإفادة بتسخير كل ما عندها من إمكانيات مادية ومعنوية وخدمات لوجيستيكية كفيلة بتلبية رغبات المواطنين وقادرة على الإرضاء ومدهم باللوازم الضرورية المتاحة والموجودة ولو على قدر الحال وإذا كان سكان المناطق الجبلية الزاخرة بالأنهار والأودية والعيون والأشجار المختلفة والشلالات المائية المتدفقة من وسط الجبال وصفحها وبعض قممها يعتمدون على أنفسهم في تسخير فوائد الطبيعة لاستقبال ضيوفهم الكرام من سياح الداخل والخارج - إذا كان هؤلاء يلوذون بها من الحرارة ووهج الشمس الحارق وإذا كان آخرون لهم القدرة على تحدي كل الصعاب للالتحاق بهذه المناطق التي تنشط فيها السياحة الداخلية والدولية بالرغم من تدني الخدمات -- فإن سكان المناطق الداخلية يعانون ولا حول لهم ولا قوة على التحرك والخروج بعيدا. وحتى سكان المدن الساحلية المطلة على البحر والتي لها شواطيء يعانون نفس المصير ولا يبرحون منازلهم الحارة حيث لا شواطيء لهم ولا منتزهات ولا مسليات ولا مسابح عامة في المستوى ولم يسلم من هذا الخصاص وهذا النقص حتى مدينة الدرالبيضاء التي يسمع سكانها في كل الأوقات واللحظات هدير وأصوات الأمواج المتلاطمة وهي التي كانت إلى عهد قريب زاخرة بشواطيء نظيفة ونقية ولكن مع الإهمال فسدت هذه الشواطيء وتعفنت وتلوثت ومن كثرة التلوث الفاعل فيها فعلته لم تعد هذه الأخيرة صالحة للسباحة ولا للاستجمام ولا لصيد السمك حيث من العنق وعلى مقربة من عين الذئاب إلى الأمام في اتجاه مدينة المحمدية مرورا بمسجد الحسن الثاني ومحيطه والصخور السوداء وعين السبع إلى سيدي البرنوصي إلى عين حرودة إلى مشارف المنصورية والمحمدية كل هذه المناطق ملوثة ومتسخة بمياهها وبحرها ورمالها بل السباحة والصيد ممنوعان في هذه الأماكن وهي غير محروسة وفي نفس الوقت محفوفة بالمخاطر ومع ذلك يفضل الكثير من المواطنين التوجه نحو هذه الشواطيء الغارقة في الأوحال وتدفق المياه المستعملة المحملة بالمواد السامة والكيميائية ومن شدة فظاعة التلوث المستمر والقاتل فإن الكائنات البحرية من أسماك وغيرها تلقى حتفها في هذه المناطق حيث تموت بالاختناق والروائح الكريهة قلت بالرغم من وجود مثل هذه المهالك فإن الحرارة المفرطة تفرض على الناس الذهاب إلى مياه البحر للاحتماء بها لإطفاء الوهج ولهب الشمس غير مكثرتين بما في هذه المغامرة من سلبيات ومضاعفات صحية وهم بهذا يضعون أنفسهم في موقف من يستجير بالرمضاء من النار ولسان الحال : « مكره أخاك لا بطل » ولست أدري كيف يمكن لمصالح الدولة أن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء مثل هذه الأوضاع ؟ والشواطيء في طريقها من سيء إلى أسوأ ؟ وإلى متى وشواطئنا على هذه الحال؟ أليس من الإمكان تنقيتها وتنظيفها وبذل الجهد في تحويل اتجاه قنوات صرف المياه الحارة إلى أماكن أخرى بدل صبها في البحر أليس من الممكن إعداد أماكن للمعالجة في هذه الأماكن للاستفادة من المياه العديمة عوض رميها بطريقة عشوائية داخل البحر ؟ إذ مثل هذه المشاريع هي التي يجب أن تصرف فيها الأموال وترصد لفائدتها المبالغ المالية المهمة ولو على مراحل أما صرفها في المهرجانات والمواسم فلن يفيد في شيء وفيه من مظاهر التبذير والتبديد والإسراف والإتلاف مالا يخفى على المقتصدين. إن المواطنين ينتظرون بفارغ الصبر التدخل الفوري لإصلاح أمر شاطيء النحلة والسعادة وزناتة البرنوصي وعين حرودة حتى لا تبقى هذه المناطق مغلقة وملوثة وغارقة في الأزبال والنفايات والروائح الكريهة .