كشفت مصادر أمريكية عن كواليس اللقاء الذي دار أمس بين الفريق أول "عبد الفتاح السيسي" ومساعد وزير الخارجية الأمريكي "وليام بيرنز"، ورسالة "السيسي" التي أرسلها إلى الرئيس "باراك أوباما" وحذره فيها من محاولة إثارة الفوضى في "مصر" من خلال دعم "الإخوان المسلمين"، ونصح الأمريكيين أن يكونوا أكثر واقعية في التعامل مع ما يجري في "مصر" لأنه ثورة شعبية. ونقل موقع "ديبكا" الإستخباراتي الإسرائيلي عن مسئولين أمريكيين تأكيدهم على أن اللقاء بين "السيسي" و"بيرنز" كان ساخنا، ووجه وزير الدفاع المصري أسئلة محرجة إلى مساعد وزير الخارجية الأمريكي أبرزها، الأسباب وراء دعم "أوباما" ل"جماعة الإخوان"، ومحاولة نشر الفوضى في "مصر"، والصمت تجاه سياسات "الإخوان" التي أغرقت "مصر" في مشكلات وأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية، تهدد الأمن القومي المصري. كما أكد "السيسي" على أن ما حدث في "مصر" ليس "انقلابا عسكريا" وأشار إلى أن دور الجيش المصري وطني وليس سياسي ولن يشارك في الحكم. وعلى الطرف الآخر لم يستطع "بيرنز" الإجابة على تساؤلات "السيسي" لكنه أكد على قناعة "الولاياتالمتحدة" بأن المصريين هم من يجب أن يحددوا مستقبلهم، بالإضافة إلى التزام "واشنطن" بتعهداتها بدعم "مصر" والتأكيد على أن تبقى ديمقراطية مستقرة وخالية من العنف. وشدد "بيرنز" فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية الأمريكية ل"مصر" على أن "الولاياتالمتحدة" مهتمة بالعلاقات العسكرية مع "مصر" بصورة كبيرة، والمساعدات العسكرية الأمريكية ل"مصر" هامة في المرحلة الحالية لتعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين. من جهته قال "توني بلير" رئيس الوزراء البريطاني الأسبق أنه لا يمكن أن نترك "مصر" تنهار في مقال له نشر في صحيفة "أوسترليان" الأسترالية. وقال "بلير":" إن الأحداث التي أدت إلى التدخل العسكري في "مصر" للإطاحة ب"مرسي"، جاءت نتيجة وجود خيار بسيط أمام الجيش وهو "التدخل أو الفوضى"، فقد خرج ما يقرب من سبعة عشر مليون شخص إلى الشارع، وهو ما يفوق تقريبًا أو يقترب من العدد نفسه الذي نزل للإنتخابات، وهذا مظهر رائع من سلطة الشعب. وأضاف "بلير" أن "جماعة الإخوان المسلمين" لم تتمكن من التحول من صفوف المعارضة إلى السلطة وأن تكون الحزب الحاكم بقيادة الرئيس "مرسي" وبالطبع سارت الأمور بشكل سيء ولم يكن أداء الحكومة مرضيا، وحتى إن كان جيدًا، فإن الوضع الإقتصادي وغياب القانون والنظام تقريبا، وتوقف الخدمات الأساسية، كانت عوامل ضاغطة على حكومة "مرسي". وأشار إلى أن الأداء الفردي لبعض الوزراء كان ممتازا ورائعا، حيث قدموا أفضل ما لديهم. وقبل أسابيع قليلة، إلتقى وزير السياحة، الذي اعتقد أنه كان ممتازا، وكان له خطة معقولة لإحياء هذا القطاع. وبعد بضعة أيام، قال: "إنه استقال من منصبه، بعد قيام مرسي بخطوة محيرة للعقل من تعيين محافظا لمحافظة الأقصر (وجهة سياحية رئيسية) ينتمي إلى المجموعة المسئولة عن الهجوم الإرهابي الذي وقع في عام 1997 وأوقع أكثر من قتل 60 سائحًا في الأقصر". الآن يواجه الجيش مهمة حساسة وشاقة للعودة السريعة إلى الحكم الديمقراطي. ونأمل أن يتمكنوا من القيام بذلك دون المزيد من إراقة الدماء، وفي الوقت نفسه، لابد من وجود شخص ما يجب أن يحكم، وهذا يعني أن هناك قرارات غير شعبية. ولن تكون سهلة. وقال "بلير" أن "مصر" هي أحدث تذكير أن المنطقة في حالة اضطراب ولن تتركنا وشأننا، فك الإرتباط ليس خيارا، لأن الوضع الراهن ليس خيارًا، وأي قرار بعدم التصرف هو في حد ذاته قرار نتائجه صعبة. وبالتالي لا يمكن للغرب أن يترك "مصر" تنهار. لذلك ينبغي التعامل مع الأمر الواقع والطاقة الجديدة ومساعدة الحكومة الجديدة لإجراء التغييرات الضرورية، خاصة فيما يتعلق بالإقتصاد، بحيث يمكن تقديم أداء جيد للمواطنين في "مصر". وبهذه الطريقة، فإنه يمكن أن نساعد في تشكيل مسار العودة إلى صناديق الإقتراع. من ناحية أخرى ذكرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أن "مصر" أمامها فرصة ثانية للديمقراطية، بعد أن أظهر الجيش أن هدفه الأساسي هو الوصول إلى ديمقراطية حقيقية، كما أن "واشنطن" لن يمكنها قطع المعونة العسكرية. وفي إفتتاحيتها أكدت الصحيفة إن "الولاياتالمتحدة" يجب أن تمنح "مصر" فرصة ثانية للوصول إلى الديمقراطية والإستقرار، وذلك لأن المصالح الأمريكية تحتاج إلى وجود "مصر" قوية ومستقرة في المنطقة. وقالت "لوس أنجلوس" أن التجربة أثبتت أن "واشنطن" دائما ما تحتاج إلى دعم "مصر" لتحقيق أهدافها، كما أن المصالح الأمريكية أيضا ترتبط بشكل العلاقة مع "القاهرة" فإذا كانت جيدة يتم تنفيذ السياسات الأمريكية بصورة ايجابية ودون عقبات. وحول "ثورة 30 يونيو" أكدت الصحيفة إن على الرغم من الإطاحة برئيس منتخب إلا أن نظام "الإخوان المسلمين" الديني "ثيوقراط" لم يكن ديمقراطيا بالمعني الصحيح، لذلك فإن منح "مصر" فرصة ثانية للديمقراطية أمر هام وضروري في المرحلة الحالية.