يبدو أن تأكيد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من الرباط أن بلاده لا تعترف بجمهورية الوهم بتندوف و لا بجبهة البوليساريو التي وصفها أردوغان " بالتنظيم " و عرض هذا الأخير لوساطة حبية بين الجارين الغريمين الرباط و الجزائر كلها معطيات أثرت على مجريات زيارة المسؤول التركي للجزائر المحطة الثانية في جولته المغاربية . فقد عكست صحيفة »الشروق « المقربة من مراكز القرار بقصر المرادية في عددها الصادر أمس ما وصفته " بالاهتمام الجزائري الباهت" بالزيارة الرسمية الثانية من نوعها لرئيس الجهاز التنفيدي بتركيا ، و كشفت ذات الصحيفة أن" الجهات الرسمية الجزائرية لم تنخرط ، في شقيها السياسي والإعلامي، في الحديث عن هذه الزيارة، إلا يوم وصول أردوغان إلى الجزائرقادما من الجارة المغرب ، إلى درجة مكّنت من تسرّب الشك إلى الأوساط السياسية والإعلامية ، في إمكانية حدوثها، وأعطت الانطباع وكأن ضيف الجزائر ، مجرد رئيس دولة من دول الموز الإفريقية، جاء ليسترزق من خيرات البلاد. " و بدورها كتبت صحيفة »الفجر« في افتتاحية معنونة ب" أردوغان و حادثة المغرب!؟ "ماذا سيقول لنا أردوغان الذي وعد المغرب بتفعيل وساطة بين الجزائر والمغرب بشأن القضية الصحراوية، بعدما أسمع المغاربة ما يحبون سماعه، وهو أنه لا يعترف بجبهة البوليساريو وهو ما فهم منه المغاربة أن تركيا لا تعترف بالقضية الصحراوية، وتقر بمغربيتها، وهو تصريح من شأنه وحده أن ينسف كل الزيارة وما حملتها من مشاريع شراكة، ويعرقل كل فرص الاستثمار التركي ببلادنا ، هذا الاستثمار الذي يعاني أصلا من مشاكل بيروقراطية، ومن منافسة أوروبية فرنسية خاصة استحوذت وحدها على أغلب المشاريع، بشهادة وزيرة التجارة الفرنسية التي كانت في زيارة الأسبوع الماضي إلى الجزائر". و يبدو أن الجزائر الرسمية استبقت زيارة أردوغان بخطوة ديبلوماسية مستفزة و مليئة بالدلالات غير الودية تجاه الزائر التركي " ثقيل الظل " فقد استقبلت قبل أسبوع من حلول أردوغان بالعاصمة الجزائرية وزيرة الشتات الأرمينية هرانوش هاكوبيان التي حلت بالجزائر في إطار زيارة رسمية و تباحثت مع مسؤولين بالخارجية الجزائرية سبل تعزيز علاقات التعاون والتشاور الجزائر و أرمينيا . و بالنظر الى حصيلة قرن من العداء المعلن بين أرمينيا وتركيا و الصراعات التي تجمعهما في شبكة العلاقات المعقدة بجنوب القوقاز تعتبر خطوة الحكومة الجزائرية في ترسيخ علاقاتها مع غريمة تركيا أرمينيا استفزازا عدائيا مباشرا لأسطنبول و لأردوغان قد تكون لها حساباتها الاسترايجية في حسابات الجزائر الحساسة تجاه المرجعية الدينية للحزب الحاكم بتركيا أو امتعاضها من " تدخل " تركيا التي يربطها ماض إستعماري طويل مع الجزائر في ملف العلاقات المغربية الجزائرية المكهربة من منطلق الدعم غير المتستر لتركيا لمغربية الصحراء .