إذا كان تناول المخدرات أو إدمانها أمرا مضرا بالنسبة للمتعاطين، بصفة عامة لما لها من مضاعفات جسمية ونفسية وعقلية واجتماعية خطيرة، فهذه الخطورة تزداد حدة وتعقيدا إذا كان المتعاطي امرأة. فإذا أشرنا - على سبيل المثال لا الحصر لشرب المرأة الخمر، نجد أن أغلب الدراسات إذ لم تكن كلها التي أجريت في مناطق مختلفة من العالم أثبتت «أن الأذى الذي يلحق المرأة من جراء شربها الخمر أو إدمانها عليه، أكبر بكثير مما يلحق بالرجل لدرجة أنه يمثل الضعف تقريبا؛ وبتعبير آخر إذا تناولت المرأة من الكحول نصف الكمية التي يتناولها الرجل فإنها تصاب بنفس الأضرار التي يصاب هو بها بالإضافة الى ما يصيبها من أضرار تتعلق بكونها امرأة» وهذه الأضرار خارجية كتشوه جمالها وأنوتثها وداخلية كاضطراب الطمث، وفي حالة الحمل تكون معرضة أكثر من غيرها لحوادث الإجهاض، وإن لم تجهض تكثر عندها ولادة الأطفال المشوهين. وكلما كانت كمية الحكول المستهلكة أثناء الحمل كبيرة كلما كان التشوه شديدا. والحديث عن الكحول يستدعي الحديث عن التدخين لأن مدمني الكحول عادة ما يدمنون التدخين كذلك، والمرأة التي لاتمتنع عن التدخين أثناء فترة الحمل فإن أطفالها يكونون حسب عدة دراسات غير عاديين بنسب مختلفة تتراوح بين التخلف العقلي الجزئي أو الكلي لدرجة حادة، كما يمكن إصابتهم بصغر حجم الفكين والعينين وضغر حجم الرأس وتشوه المفاصل وعيوب خلقية أخرى متفاوتة الشدة، بالإضافة لعدم النمو العقلي والجسمي بشكل طبيعي. إذا فتناول المخدرات بمختلف أنواعها له أثر مدمر على المتعاطي عموما والمرأة بشكل خاص بفعل تكوينها البيولوجي المتميز الذي يساعد على انتقال العدوى لأبنائها عبر عملية الولادة والرضاعة وكذلك عبر التربية. فالطفل يعيش لصيقا بأمه في السنوات الأولى من عمره ويمكن أن تمرر له الكثير من اتجاهاتها وقيمها وعاداتها وسلوكها. ولا أحد يشكل اليوم في مدى أهمية الطفولة الأولى ومدي تأثيرها في حياة الفرد مستقبلا. لذا يجب العناية بالمرأة بالتوعية بمخاطر الإدمان على شخصها وعلى أطفالها. الملاحظ اليوم هو تنامي هذه الظاهرة بين المراهقات أي أمهات المستقبل، بل أصبحت اليوم الظاهرة أكثر انتشارا في المدارس والمقاهي وحتى في الشارع العام، ظاهرة تستدعي الاهتمام خصوصا أن عدد المتعاطين للتدخين والإدمان عليه من الإناث (المراهقات) يقترب من عدد المتعاطين من المراهقين. فعلاج الإدمان على المخدرات أمر صعب للغاية حيث يجب الوصول بالمدمن إلى الامتناع حسب نوعية الحالة عن التعاطي للمادة المخدرة، ولا يتسنى ذلك في الغالب إلا إذا وضع المدمن في مستشفى متخصص في علاج الإدمان، لأن الأمر يتطلب الإحاطة الشاملة بظروف المدمن من جميع النواحي المجتمعية، النفسية والاجتماعية والعقلية، وذلك قصد إعطائه العلاج الملائم وتوعيته ومتابعته كي لا ينزلق من جديد في متاهة الادمان.