يدرك الجميع مدى الخطورة الحقيقية التي تشكلها الأدوية التي يتم تهريبها من الجزائر و مليلية المحتلة على صحة الإنسان المريض ، الذي غالبا ما يلجأ الى اقتنائها من السوق السوداء لأثمنها المنخفضة ، هذه الخطورة التي تكمن في ظهور عدد من الحالات المرضية المتفاعلة مع مفعول تلك الأدوية لأسباب كثيرة ، ضمنها جهل مصدرها و مصدر صنعها ، و كذا تزوير تاريخ صلاحيتها و محتواها الكيماوي و البيولوجي ، ثم كيفية عرضها للبيع ، في سياق هذا الموضوع نتعرف على خغايا و أسرار التزوير و تهريب الأدوية و الخطورة التي تهدد الإنسان في صحته و حياته بسبب الإقبال عليها . في هذا الإطار يقول الدكتور إدريس بوشنتوف رئيس جمعية فضاء الصحة بالجهة الشرفية و عضو اللجنة التنفيذية لرابطة الصيادلة الاستقلاليين في تصريح لجريدة العلم : " صناعة الأدوية أصبحت اليوم ظاهرة لم تعد تقليدا ، حيث أصبحت هناك مصانع جديدة ، نسبة منها سرية ، و أصبحت درجة تزوير الأدوية جد مقنعة من حيث التلفيف و التغليف ، إلى حد أن 50℅ من بعض الأدوية الرائجة مزورة ، و كمثال لذلك دواء "الفياكرا" ... و قد سبق لجمارك فرنسا قبل 8 سنوات أن حجزوا باخرة بعرض سواحلها محملة بشحنات ثقيلة مزورة من دواء الفياكرا ، و كانت القناة التلفزية الفرنسية TV5 قد أنجزت تحقيقا في الموضوع تبين من خلاله أن مافيات ايطالية و روسية تشتغل بتنسيق محكم و تخصصت في عملية تزوير الأدوية بطرق عجيبة .. و قد بلغت نسبة الأدوية المزورة في العالم بأسره 7 إلى 12℅ ، و هناك تفاوت ما بين مختلف البلدان ، حيث أن الدول الأوروبية هي الأخرى تعاني من هذه الظاهرة ، بحيث تبلغ نسبة تزوير الأدوية بها ما بين 8 و 10℅ ، بينما في بعض دول إفريقيا كنيجيريا نجد 80℅ من الأدوية المزورة ، و قد أدى ذلك إلى كارثة انسانية منذ 10 سنوات نتج عنها هلاك 300 طفل تقريبا بسبب تناولهم دواء تعمدت مافيات التزوير مزجه بمادة الديليون .. و بمالي و تشاد و بعد إجراء تلقيح لآلاف الأطفال هلك المئات منهم .. إلى ذلك يقول بوشنتوف كانت نقابة صيادلة وجدة و ما تزال تعمل جاهدة من أجل القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة .. و قال من جهة أخرى أن في المغرب لا يقل المشكل خطورة عن باقي البلدان ، فقد تبين رواج أدوية مزورة بعد أن سجل حادث احتراق بشرة إحدى السيدات بسبب استعمالها لدهن واقي لأشعة الشمس " Ecrant Total " ، و بعد التحقيق في الحادث اتضح أن هذا المرهم تم تكوينه من مادتي "النيفيا" و الديليون .. و قد عثرت المصالح الأمنية خلالها على مكان عملية التزوير الذي كان عبارة عن قبو في حجم مختبر بيولوجي أين كانت تتم صناعة هذا النوع من الدواء المزور ، و الغريب في الأمر أن عملية التغليف و التلفيف كانت جد احترافية . و بمدينة فاس تم منذ سنوات اكتشاف دواء حيوي "أموكسيل" و هو مزور من طرف شبكة محترفة ، افتضح أمرهم لما حاولوا ترويج كميات كبيرة منه لصيادلة المدينة ، الذين و بفضل نباهتهم اكتشفوا أن سدادات القنينات تختلف عن تلك المألوفة بالنسبة للأدوية الحقيقية .. إن مشكل تهريب و تزوير الأدوية إلى مدينة وجدة ليس مشكلا محليا أو جهويا ، بل وطنيا ، لأن مدينة وجدة ليست إلا بوابة .. و كمثال لذلك ، فان جميع الأدوية التي تتسرب عبر الحدود إلى المغرب من الجزائر و على رأسها دواء "الريفوتريل" أو ما يعرف ب"القرقوبي" ، حيث نجدها بجميع المدن المغربية ، في هذا الإطار قامت النقابة الجهوية لصيادلة وجدة بدورها الكبير للحد من ظاهرة الإقبال على الأدوية المهربة ، فلم يعد هناك مواطن مغربي لا يغرف أن هناك أدوية مهربة و هذا ما تمت إثارته خلال كل دورة من دورات الأيام الصيدلانية من خلال ندوات أطرها مختصون في مجال الطب و الصيدلة. و ما زال الصيادلة يتساءلون بالرغم من وجود كل هذه المجهودات بملاحظتهم مشكلا في التواصل ، حيث تعتبر السلطات أن الموضوع لا يهم إلا مدينة وجدة ، متناسية تسرب الكارثة الى داخل الوطن مع العلم أن نقابة صيادلة وجدة تعتبر طرفا مدنيا أمام المحكمة ، الا أنه لم تتوصل أبدا باستدعاء كطرف أثناء محاكمة المهربين و المزورين للأدوية . من جهة أخرى أشار الدكتور بوشنتوف إلى ظاهرة التعاطي للصيدلة بدون حق ، فبعدد من الدكاكين و الأكشاك يتم عرض أدوية مثل أدوية صداع الرأس و آلام الأسنان و نوع الكلارادول. كما أن من بين الأدوية المهربة و الجد حيوية و التي تشكل خطورة جسيمة على حياة المواطنين نجد ، "لبتانول و الميتانول" ثم الأنسولين و الريفوتريل ، و كميات أنواع كبيرة من المراهم و الشروب و مواد الجراحة و غيرها .. و منذ سنة 2000 استطاعت السلطات الأمنية التابعة لولاية أمن وجدة خلال حملاتها للحد من ظاهرة التهريب، من حجز كميات كبيرة جدا من الأدوية المهربة و التي كانت تعرض بطرق غير سليمة و مجهولة المصادر..و ما بين 29 ماي 2012 و 31 مارس 2013 تمكنت ذات المصالح الأمنية لوجدة من حجز 7840 وحدة من الأقراص الطبية المخدرة من شتى الأنواع كما حجزت 656 علبة من مختلف أنواع الأدوية التي يتم تهريبها من الجزائر ، و خلال الفترة الممتدة ما بين 01 يناير 2013 و 31 مارس من نفس السنة تم حجز 380 علبة أدوية و 1495 وحدة من أقراص الريفوتريل و أنواع أخرى ما أصبح يعرف محليا بالقرقوبي ..كما تمكنت السلطات الأمنية لولاية أمن وجدة من مداهمة أكبر خزان للأدوية المهربة و المزورة بمدينة وجدة و إلقاء القبض على أصحابها الذين تم تقديمهم للعدالة .. و خلال شهر نونبر 2012 تمكنت مصالح أمن وجدة من حجز كمية كبيرة من الأدوية الجزائرية المهربة بأحد المنازل الواقعة بشارع علال الفاسيبالمدينة ذاتها ..و هي العملية التي أسفرت عن حجز 756 علبة دواء من مختلف الأنواع و أزيد من 470 قرصا من دواء "الفياكرا" إضافة إلى 38 علبة من الأدوية المهربة منتهية الصلاحية ، و جاءت هذه العملية بعد مراقبة سرية قامت بها العناصر الأمنية بمحيط سوق الفلاح بوجدة أسفرت عن إيقاف شخصين و بحوزتهم 5 أقراص من "الفياكرا" و من خلال التحقيق الأولي معهما تبين أنهما يكتريان شقة تستعمل في تخزين الأدوية المهربة .و في عملية مماثلة يوم الأربعاء 10 أبريل 2013 تمكنت شرطة ولاية أمن وجدة من مصادرة و حجز كمية كبيرة من الأدوية المهربة من الجزائر من مختلف الأنواع بأحد المنازل المتواجدة بشارع علال الفاسي بالقرب من سوق الفلاح المعروف بترويج الأدوية المهربة و المنتهية الصلاحية و خلالها تم توقيف ثلاثة أشخاص قدموا للعدالة من أجل المنسوب إليهم .و كان من بين تلك الأدوية : "الفياكرا" و العوازل الطبية و معسل النرجيلة و بعض الأدوات التي تستعمل في عمليات الجراحة و التطبيب.. و قد قدرت المحجوزات بحوالي 10 مليون سنتيم.. و على العموم فان ظاهرة تهريب الأدوية و الأدوية المزورة إلى المغرب تكلف المواطن و الخزينة عناء ماديا كبيرا.. مع العلم أن دراسات دولية أوضحت أن 30 مليار دولار هو رقم معاملات الأدوية المزورة .