اختار الأستاذ محمد عبادي المرشد العام الجديد لجماعة العدل والإحسان منبرا جزائريا ليطلق العنان لكلام كبير جدا، ولهذا الاختيار دلالة أكيدة في ظرف تجتاز فيه العلاقات بين القطرين الشقيقين، المغرب والجزائر صعوبات كثيرة وكبيرة، على خلفية التطورات المتسارعة التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية. الأستاذ عبادي قال في حواره مع يومية الشروق، إن «نظام الحكم في الإسلام محدد شرعا، وهو نظام قائم على الشورى وليس على الوراثة الذي بدأ منذ الانكسار التاريخي، وتحول الأمر إلى ملكية عامة»، وأضاف «نحن نعاني من الملك (أعتقد بضم الميم)، وتدريجيا سنتخلص من هذا النظام، ونعود إلى ما جاء في كتاب الله» حديث الأستاذ عبادي كان متجاوبا مع لغة الصحافي الجزائري الذي أجرى الحوار والذي كان حريصا على استعمال لغة هجومية في أسئلته. لا يمكن أن نصادر رأي الأستاذ عبادي فيما ذهب إليه، بل شخصيا فإني مصر على أن نحفظ للرجل وللجماعة حقهم في التعبير، لكن الإشكال ليس على هذا المستوى، ولا من هذا الجانب، بل الإشكال ياسادة، أن الرجل إما أنه يتحدث باسم جميع المغاربة، ويحرص على استعمال نون الدالة على الجماعة (ليست جماعة العدل والإحسان)، وفي هذا الأمر فرض وصاية على الناس باستعمال الدين، وبذلك فهو يصادر حق الآخر في مخالفته الرأي، وأنه يتحدث باسم الجماعة التي يرأسها، وأن نون الدالة على الجماعة تعني هذه المرة جماعة العدل والإحسان، وهنا يطرح ما هو أخطر، ذلك أن الأستاذ عبادي يحرص على الإثارة والتأكيد بأن جماعته هي التي ستحسم وهي التي ستخلص المغاربة من هذا النظام، وفي كلتا الحالتين فإن الأستاذ عبادي يفرض وصاية مطلقة على المغاربة قاطبة، وهو ما يندرج في صلب معاداة التعددية في الرأي. أما فيما يتعلق بجوهر ما ذهب إليه الأستاذ عبادي من موقفه من النظام الملكي في المغرب، فهذا أمر آخر قد لا يختلف عن وعد الجماعة بقيام القومة منذ سنين خلت، ولنا أن نتمعن في مثل هذه الطروحات التي تحاول استفزاز اللحظة التي نعيشها، لكن دون أن يكون لها أي امتداد ولا مصداقية فيما سيأتي من زمن.