لا تحتكم الدوائر الرسمية على إحصائيات مضبوطة بشأن الأطفال المتخلى عنهم، لكن الأرقام التي يتم تداولها في الهيئات المدنية أو الحقوقية تستدعي فعلا إجراء بحوث دقيقة للوقوف على حجم هذه المعضلة التي يلفها الكتمان والصمت. وفي انتظار التوفر على الأرقام التي تأتي بالحقائق عن الأطفال المتخلى عنهم نعتبر أن الأرقام التي ترتكز عليها الهيئات في عملها صحيحة إلى أن يثبت العكس. المعطيات تفيد أن 24 إلى 30 حالة من حديثي الولادة يتم التخلي عنهم يوميا، أي 6 آلاف حالة سنويا. وحسب دراسة قادتها إحدى الهيئات غير الحكومية بتنسيق مع اليونسيف فإن 4500 حالة تم التخلي عنها سنة 2008، وهذا المجموع يمثل 1.3 في المائة من إجمالي الولادات المسجلة في السنة ذاتها، دراسة أخرى أنجزتها إحدى الجمعيات حول الأمهات العازبات أبرزت معطيات مقلقة، حيث تفيد أن 37 ألف فتاة وضعت سنة 2009، ومن هذه الولادات 1530 خارج إطار الزواج، ما يعني العدد الهائل من الحالات المتخلى عنها إن لم تكن برمتها. وإذا كان التخلي عن الأطفال عند الولادة أو بعدها بقليل يجد تفسيرا لدى المهتمين على المستوى الاجتماعي والمادي والنفسي، فإن معطيات أخرى أكثر قلقا وخطورة تستدعي التأمل المستعجل لدق ناقوس الخطر لدى كل مكونات المجتمع، فهي تمثل دليلا لاغبار عليه على التجني على هاته الشريحة التي لا حول لها ولا قوة. فحسب الأرقام المتوفرة لدى الجمعيات ذات الاهتمام بالطفولة المتخلى عنها، فإن 80 في المائة من الحالات المتخلى عنها تقع ضحية لمظاهر الانحراف، وتحديدا الإدمان والدعارة والتسول والسرقة، ويصبح مصيرها إصلاحيات القاصرين أو السجون. أما النسبة المتبقية، فإن 10 في المائة منها تضع حدا لحياتها، بمعنى أنها تفضل مفارقة الحياة عبر الانتحار رفضا للواقع الذي تعيشه والذي لم يكن لها فيه مسؤولية. أما حالات الاندماج، فهي تمثل 10 في المائة، أي 60 فردا من أصل 6 آلاف المتخلى عنهم كل سنة. ولا غرابة إذن في أن تتحرك أسر من أروبا محاولة التكفل بطفل أو طفلة من المغرب بسبب هذه الأرقام المهولة، فهناك حاليا 58 أسرة من إسبانيا وضعت طلبات الكفالة لدى المصالح المغربية المعنية، و 22 أسرة فرنسية تنتظر الموافقة على هذه الطلبات، أما المؤسسات المكلفة بالرعاية والإيواء فإنها أضحت تشتكي من الكم الهائل من الرضع والمواليد، والذي يتوافد عليها مجهول الهوية.