سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المغرب يلعب دورا أساسيا في تثبيت قيم الحوار بين الأديان والثقافات لترسيخ ثقافة التسامح والتعايش بين مكونات المنتظم الدولي الوزير الأول عباس الفاسي أمام الاجتماع رفيع المستوى حول «حوار الأديان وثقافة السلم» في نيويورك
ألقى الوزير الأول السيد عباس الفاسي أمس الأربعاء كلمة المملكة المغربية في الاجتماع رفيع المستوى حول «حوار الأديان وثقافة السلم» الذي تحتضنه الأممالمتحدة يومي الأربعاء والخميس، في نيويورك، بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وألقى رؤساء الوفود أمس الأربعاء كلمات بشأن أهمية هذا الاجتماع الذي ستتوج أشغاله يوم الخميس بإصدار بيان ختامي. ما فتئ جلالة الملك يواصل جهوده بكل مسؤولية وإصرار للتقريب بين طرفي النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني بما يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته بعاصمتها القدس الشريف. ظل جلالة الملك بصفته رئيس لجنة القدس يلح على ضرورة احترام الوضع الخاص لمدينة القدس والحفاظ على هويتها الدينية والحضارية وفي ما يلي نص الكلمة التي ألقاها الوزير الأول السيد عباس الفاسي أمام الاجتماع: لسم الله الرحمن الرحيم السيد الرئيس؛ أصحاب الجلالة والسمو؛ أصحاب الفخامة الرؤساء؛ أصحاب المعالي والسعادة؛ السيد الأمين العام؛ حضرات السيدات والسادة المحترمين؛ اسمحوا لي في البداية أن أعرب لكم عن سعادتي بالمشاركة معكم في هذا اللقاء الهام وعن ترحيب المملكة المغربية بهذه المبادرة النبيلة التي تعد فرصة أخرى لتمتين أسس التواصل بين ممثلي مختلف المعتقدات، وتشجيع الحوار بين الأديان وترسيخ التعاون الدولي قصد تحقيق الأمن الروحي والتعايش السلمي لمجتمعاتنا. كما أود أن أعبر لكم عن تقدير المملكة المغربية الخاص والعميق للمملكة العربية السعودية الشقيقة ولعاهلها، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، الذي يبذل جهودا متواصلة وبناءة لتشجيع ومأسسة «الحوار بين الأديان»، والوقوف وراء انعقاد العديد من الملتقيات الدولية الهادفة إلى تثبيت هذا الحوار وتطويره ودمجه في منظومة «القيم الإنسانية المشتركة» بشقيها الديني والحضاري وهي ملتقيات تندرج في إطار مختلف الجهود الدولية الأخرى المتجسدة في العديد من المبادرات الهادفة إلى إرساء وتثبيت قواعد الحوار بين الأديان والثقافات، بغية تهيئ فضاء خصب للتعايش السلمي بين الأمم والشعوب. وإننا إذ نستحضر نتائج «المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان»، المنعقد بالعاصمة الإسبانية أواسط شهر يوليوز الماضي، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجلالة الملك خوان كارلوس، بمشاركة قيادات روحية للأديان السماوية الثلاث، وممثلي مختلف الملل والمعتقدات والمنظومات الفلسفية، فإننا على يقين بأن اجتماعنا هذا سيشكل لا محالة، لبنة أخرى لتعزيز مواقف الدول الأعضاء في الأممالمتحدة، في مواجهتها للتحديات التي تعترض طريقها في الدفاع عن منظومة القيم الإنسانية المشتركة. المغرب يولي أهمية قصوى لمسألة الحوار بين الأديان السيد الرئيس؛ تحظى مسألة الحوار بين الأديان لدى المملكة المغربية بمكانة متميزة، إيمانا منها بالأهمية القصوى التي يكتسيها هذا الموضوع في إطار دولي متسم بالعولمة وخاضع لنظام تكنولوجي مخترق للحدود وعابر للقارات ووعيا منها بخطورة مظاهر التعصب العقائدي والعرقي، وما يصاحبها من مظاهر العنف ورفض الآخر عند فئات من مختلف المجتمعات تقع ضحية لمروجي إيديولوجيات ومغالطات دينية، همهم الوحيد تخريب القيم الإنسانية المنبثقة من المعتقدات الروحية. وانطلاقا من هذه القناعة، وبفضل مبادرات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لعبت المملكة المغربية وما تزال، دورا أساسيا في تثبيت قيم الحوار بين الأديان والثقافات داخل محيطه الجهوي والدولي، من خلال اتخاذ عديد من المبادرات، لترسيخ ثقافة التسامح والانفتاح والحوار ودعم كل المبادرات المماثلة الهادفة إلى التفاهم والتعايش بين مكونات المنتظم الدولي. وفي هذا الإطار، فإن صاحب الجلالة كان قد أكد عقب الهجمات الإرهابية للحادي عشر من شتنبر 2001 ضرورة اعتماد حوار دائم، بنيوي واستراتيجي بين الدول على أساس احترام حقوق الإنسان، وخاصة الحق في الحرية والكرامة والحياة في طمأنينة، بدون تمييز بين الأجناس والديانات والثقافات والدول. كما أكد جلالته «ضرورة العمل على تخفيف بؤر التوتر ومكافحة التعصب لكونه يمس بالاستقرار والسلم العالميين». وتمشيا مع المبدإ ذاته، ما فتئ جلالته يواصل جهوده بكل مسؤولية وإصرار من أجل التقريب بين طرفي النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني في الشرق الأوسط، للدفع بمسلسل السلام إلى الأمام، بغية تحقيق سلام عادل وشامل ودائم، وفقا للمقررات الشرعية الدولية، بشكل يضمن للشعب الفلسطيني التمتع بكل حقوقه السياسية والمدنية التي تخول له العيش الكريم في إطار دولة وطنية ذات سيادة عاصمتها القدس الشريف تعيش في سلام وأمن دائمين مع إسرائيل. وبصفته رئيسا للجنة القدس، فقد ظل جلالته وما يزال يلح على ضرورة احترام الوضع الخاص لمدينة القدس والحفاظ على هويتها الدينية والحضارية ومعالمها التاريخية حتى تبقى كما كانت عبر التاريخ رمزا للحوار ولتعايش الديانات والمعتقدات. بعض الأهداف لتفعيل الحوار بين الأديان وإشاعة ثقافة السلم والتعاون السيد الرئيس؛ إن دعم المملكة المغربية لمبادرة المملكة العربية السعودية الشقيقة يندرج في إطار البحث عن الوسائل الكفيلة لترجمة مجموعة المبادئ والأهداف المتوخاة من قبل المجموعة الدولية إلى أرض الواقع والتي من شأنها تفعيل الحوار بين الأديان وإشاعة ثقافة السلم والتعاون. وفي هذا الصدد، يبدو من الأهمية بمكان إعادة استحضار بعض هذه الأهداف، والتي تتمثل فيما يلي: - دعم «حوار الأديان» من خلال تقويمه اصطلاحيا ونظريا، ومن خلال تقييمه تطبيقيا عبر إحداث آلية تسمح بمتابعة مدى دعم الدول الأعضاء لمختلف الميكانيزمات التي بمقدورها خلق بنيات كفيلة بتحقيق حوار جاد ومسؤول بين الأديان؛ - تأهيل الفضاءات الأكاديمية لتكريس ثقافة الحوار. ولهذه الغاية، نقترح إنشاء شبكة بين المؤسسات التعليمية المعنية كمنبر لتفاعل بين شباب العالم وبين المثقفين ورجال الدين؛ - إغناء البرامج المدرسية بكل ما يساهم في تلقين مبادئ حوار الأديان لدى الناشئة؛ - تعزيز الدور الهام الذي تضطلع به وسائل الإعلام في نشر ثقافة التسامح وتثبيت قيم الانفتاح، مع مراعاة أهمية ملاءمة حرية الرأي والتعبير واحترام المقدسات الدينية. السيد الرئيس؛ إن المسؤولية في تحقيق هذه الأهداف تقع على عاتق كافة الدول فرادى أو مجتمعين في تظافر كامل للجهود من أجل بلورتها على أرض الواقع وذلك من خلال أنشطة تدرج في خطة عمل واضحة المعالم تتبناها الدول وتسهر على تطبيقها وإعطائها الطابع العملي الذي تستوجبه. حضرات السيدات والسادة؛ تتابع المملكة المغربية بانشغال واهتمام بالغين تصاعد ما يعرف بظاهرة المس بالمقدسات الدينية والروحية؛ من بينها «الإسلاموفوبيا» في العديد من مناطق العالم، لما لهذه الظاهرة من عواقب وخيمة. ومن هذا المنطلق، تؤكد المملكة المغربية ضرورة العمل على تأسيس حوار جاد ومسؤول بين مختلف الديانات، قصد تدعيم ثقافة الحوار والتصدي لدعوات «الصراع وتصادم الحضارات» و»نهاية التاريخ» التي ما زالت تتصدر العديد من التوجهات والتيارات في العلاقات الدولية. وفي هذا الصدد، ومن خلال هذا المنبر، تعبر المملكة المغربية عن انخراطها التام لدعم الجهود المبذولة لمكافحة التيارات التي تمس بالمقدسات الدينية عامة والعمل على التصدي لها، في إطار مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل الديانات والمعتقدات، مع إعطاء الأولوية لتعزيز السياسات الوطنية والجهوية المتعلقة بالتنمية الشاملة. كما تؤكد دعمها للحلول التوافقية والمعتدلة المنبثقة عن حوار الأديان وثقافة السلم. وأخيرا، تجدد المملكة المغربية تأكيدها دعم مبادرة «حوار الأديان وثقافة السلم»، وتتطلع إلى اعتماد البيان الختامي لهذا الاجتماع، الذي نرجوا أن يعطي لهذه المبادرة الدعم المعنوي والمادي اللازمين لتحقيق الأهداف النبيلة التي نطمح إليها جميعا. شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.