انطلقت اليوم الثلاثاء بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط أشغال ندوة علمية حول موضوع "الجريدة الرسمية .. مائة سنة في خدمة القانون" تنظمها الأمانة العامة للحكومة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تخليدا للذكرى المائوية لصدور الجريدة الرسمية (1912 - 2012). وأبرز السيد عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة العلمية التي حضرها رئيسا مجلسي النواب والمستشارين وعدد من أعضاء الحكومة وممثلي هيئات سياسية وطنية وسفراء معتمدون بالمغرب وأساتذة وخبراء ورجال قانون رمزية الاحتفال بهذه الذكرى والمعاني والدلالات التي تختزنها_ مشيرا إلى أن هذه الجريدة تؤرخ لمراحل من حياة وتاريخ الأمة المغربية. ودعا السيد ابن كيران بالمناسبة إلى تسهيل الولوج إلى الجريدة الرسمية عبر تبسيط طرق استعمالها حتى تكون في متناول المواطن ، وكذا إلى إدراج دروس وعروض ومواد عن هذه الجريدة بمختلف أسلاك التعليم والتربية باعتبارها تؤرخ لتاريخ ومسار الأمة ، وتوثق لمختلف الأحكام التي صدرت في حقب مختلفة ، وللأحداث الكبرى التي عرفتها البلاد. من جهته قدم السيد إدريس الضحاك الأمين العام للحكومة_ لمحة تاريخية عن الجريدة الرسمية مبرزا أن تطورها واكب المحطات التاريخية التي شهدها المغرب منذ صدورها سنة 1912 حيث مر النظام القانوني المغربي عبر تشريعات مختلفة صادرة في جرائد رسمية موزعة بين منطقتي الحماية الفرنسية والإسبانية ومنطقة طنجة الدولية_ مضيفا أنه بعد الاستقلال سعى المغرب نحو توحيد منظومته التشريعية من خلال إصدار جريدة رسمية واحدة. وأكد السيد الضحاك أن بداية المائوية الثانية من عمر هذه الجريدة التي تسجل وقائع التاريخ_ تعتبر "واعدة" بالنظر إلى أن الثورة التكنولوجية الحديثة تتيح إمكانية إيصال المعلومة إلى المواطن بشكل واسع_ خاصة مع الحركية التي يشهدها المغرب منذ المصادقة على الدستور الجديد للمملكة الذي يرسخ الديمقراطية التشاركية_ مضيفا أن بداية المائوية الثانية تؤرخ لمرحلة جديدة ستسم الجريدة الرسمية على مستوى الطبع والنشر_ مؤكدا أن سيتم البحث مستقبلا عن وسائل جديدة لإيصال مضامين الجريدة الرسمية للمواطن (الهاتف_ كتيبات ...). من جهته أكد السيد سيرج لاس فين الأمين العام للحكومة الفرنسية على أهمية الدور الذي تضطلع به الجريدة الرسمية في تعزيز قيم المواطنة والديمقراطية مستعرضا بعض التحديات المطروحة لاسيما في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمصطلحات القانونية. وبعد أن شدد على ضرورة اعتماد الشفافية والحكامة واستخدام طرق حديثة في إنتاج وإيصال المادة القانونية للمواطن_ ذكر السيد لاس فين بأهمية التعاون الفرنسي القائم مع الأمانة العامة للحكومة المغربية في هذا المجال. من جانبه_ قال مدير المطبعة الرسمية_ السيد محمد السوسي_ إن هذه المطبعة التي استطاعت أن تبقى حاضنة لابنتها "الجريدة الرسمية للمملكة" طوال عشرة عقود من الزمن_ ما كان لها أن تبقى مؤتمنة على مولودتها في مواجهة كل الإكراهات والصعاب خلال أيام الشدة والرخاء لولا الرعاية الموصولة للدولة التي جعلت منها معلمة حافظة للذاكرة القانونية بالمغرب_ معتبرا أن الاحتفال بذكراها المئوية يعد خير شاهد على هذه العناية المستمرة والاهتمام المتواصل. وأضاف أن الجريدة الرسمية تشكل مصدرا من مصادر توثيق التاريخ الوطني المغربي_ بكل أحداثه ووقائعه_ مؤكدا أن هذه الجريدة بكل أعدادها وإصداراتها توجد رهن إشارة جميع المؤرخين والباحثين في تاريخ الأحداث الدستورية والمؤسسات الوطنية والمنظومة القانونية المؤطرة لمختلف مظاهر الحياة العامة. وخلال هذه الجلسة الافتتاحية تم التوقيع على اتفاقية التوأمة بين الأمانة العامة لحكومة المملكة المغربية ونظرائها في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. وستساهم هذه الاتفاقية الممولة من طرف الاتحاد الأوروبي بمبلغ مليون أورو_ في تعزيز وتحديث قدرات الأمانة العامة للحكومة_ عبر تبادل الخبرات مع الأمانات العامة للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي_ وخاصة فرنسا وإسبانيا اللتين تتوفران على نظم قانونية مشابهة للنظم القانونية المغربية_ وذلك في احترام لخصوصيات وثوابت التشريع المغربي. وقد تم بهذه المناسبة الإعلان عن الموقع الإلكتروني للأمانة العامة للحكومة في صيغته الجديدة الذي يقترح باقة من الخدمات وأنشطة محينة_ وتوقيع أظرفة اليوم الأول لإصدار الطابع البريدي الخاص بالذكرى المائوية للجريدة الرسمية_ إضافة إلى تسليم شواهد للفوج الأول للمشاركين في برنامج تكوين المستشارين القانونيين للأمانة العامة للحكومة. وعلى هامش هذه الندوة العلمية أقيم معرض تضمن مخطوطات ووثائق وظهائر ملكية شريفة وصورا ومطبوعات وأدوات عمل وملفات سمعية بصرية ولوحات وصور وإصدارات وأدوات توضح تطور الجريدة الرسمية_ ومواكبتها للإصلاحات الكبرى التي حققها المغرب وعرضا لطوابع بريدية تذكارية تؤرخ لأبرز المحطات التشريعية والتنظيمية للمملكة. ويتضمن برنامج هذه الندوة محورين رئيسيين هما "الجريدة الرسمية .. الذاكرة والمسار" و"الإنتاج التشريعي .. إكراهات نشر القانون ورهاناته" إضافة إلى تقديم شهادات. وستلقى في إطار المحور الأول مداخلات تتناول مواضيع "نشرات الجريدة الرسمية والمطبعة الرسمية .. تاريخ وآفاق التطور" و"الجرائد الرسمية .. الذاكرة القانونية للمغرب" و"الجريدة الرسمية والبرلمان" و"الجريدة الرسمية والمواطن" و"التجربة الإسبانية في مجال نشر القانون". وضمن المحور الثاني "الإنتاج التشريعي.. إكراهات نشر القانون ورهاناته" ستلقى عروض حول "نظم الدولة المغربية وآليات تصريف أحكامها" و"التشريع المغربي .. تاريخه وتطوره" و"المجلس الدستوري والجريدة الرسمية" و"مساهمات الهيئات الخاصة في نشر القانون" و"الجريدة الرسمية والوسائل الأخرى لنشر القانون .. تنافس أم تكامل " والجريدة الرسمية والولوج إلى القاعدة القانونية .. من الجريدة الورقية إلى النسخة الإلكترونية المحمولة".