روس في العيون , لأول مرة يزور مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة في قضية الصحراء المناطق الجنوبية , حيث شكلت الزيارة حدثا غير مسبوق في تاريخ النزاع وفاء للمقاربة الجديدة التي يحملها روس والتي أكدنا في عمود سابق على أنها يجب أن تخضع لشرطين , الأول هو إستحضار الجزائر كفاعل رئيسي في النزاع بدل الرهان على قيادة جبهة البوليساريو منزوعة الإرادة والقدرة على إتخاذ قرار في إتجاه الحل , والشرط الثاني مرتبط بالمقاربة الجديدة والمتمثلة في الإنصات إلى أصوات أخرى غير الأصوات الرسمية ونبهنا المبعوث الشخصي للأمين العام إلى عدم إقتصاره في هذه المقاربة على المغرب لوحده , بل لا بد من أن تشمل الجزائر ومخيمات الحمادة. زيارة روس للعيون حملة دلالات إيجابية كان أبرزها هو ترتيب اللقاءات وصيغتها من الناحية الشكلية والموضوعية , فقد إفتتح روس نشاطه في العيون بلقاء مع السيد حمدي ولد الرشيد رئيس المجلس البلدي للعيون وفي مقر بلدية العيون , وهو إنتصار سياسي كبير للمغرب على مستوى موضوع إحتكار تمثيلية البوليساريو للصحراويين كل هذه السنوات التي عمرها النزاع , فإستقبال روس من طرف كبير منتخبي الصحراء ورئيس منظمة الأسيساريو , له دلالات رمزية مهمة بالنسبة للنزاع في الصحراء وسيساعد في المستقبل على توضيح الطابع التعددي لإختيارات الصحراويين فيما يتعلق بإنتمائهم الوطني , وهذا الأمر سيفسد على البوليساريو طابع الإحتكار الذي نجحوا في فرضه على الأممالمتحدة بإعتبار قيادة البوليساريو هي الممثل الشرعي والوحيد للصحراويين , يضاف إلى ذلك أن روس إستقبل باقي الأطراف بما فيهم بوليساريو الداخل في مقر بعثة المينورسو , و إختلاف الفضائين ليس فقط شكليا بل له أكثر من دلالة سياسية ورمزية يجب إستثمارها بطريقة إيجابية. روس ومباشرة بعد تناوله وجبة غذاء في جو أسري مع الرئيس حمدي ولد الرشيد, توجه إلى مقر ولاية العيون بجدور للقاء السيد والي الجهة وهو إعتراف من الوسيط الأممي بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية وبعد ذلك إستقبل ممثلي مختلف التعبيرات الوحدوية والإنفصالية في مقر المينورسو , ولو أن تيار الإنفصال لم يكتفي بما قاله ممثلوه لروس في الإجتماعات المغلقة بل تعمدوا النزول إلى الشارع لتبليغ المطالب المعروفة سلفا , غير أن هذه المسيرات التي تم التهييئ لها لكي تكون مسيرات ضخمة تم إفشالها بإجتماع واسع نظمه حزب الإستقلال على مستوى بلدية العيون ليلة قبل وصول روس إلى المدينة , وكان حزب الإستقلال هو الوحيد من بين الأحزاب السياسية التي تحملت مسؤوليتها في تأطير المواطنين وتنبيههم إلى المخطط الدعائي للجبهة لإفساد زيارة روس لمدينة العيون حاضرة الصحراء. السؤال هو كيف تعامل الإعلام الوطني مع زيارة روس للعيون ? وهل إستطاع الإنتباه إلى الجوانب الإيجابية لتلك الزيارة سواء تعلق الأمر بلقاء المنتخبين و ممثلي الإدارة الترابية المغربية , أو تلك الأكثر أهمية والتي تتمثل في لقاء ممثلي الصحراويين المنتخبين محليا بما يعتبر سابقة على مستوى كسر إحتكار تمثيلية الصحراويين وهذه مسألة غاية في الأهمية لأن البوليساريو لا تمثل كافة الصحراويين وبالتالي من مصلحة الوسيط الأممي أن يستحضر هذا المعطى , فأي حل لا يوافق عليه جميع الصحراويين لا يمكن أن يكون له فرصة لتنزيله على أرض الواقع..الإعلام المغربي مرة أخرى ضيعة فرصة مهمة لتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية من الزيارة كما سردنا سلفا , بل إن بعض المنابر ورقية وإلكترونية إختفت بإستقبال بوليساريو الداخل أكثر من إختفائها بلقاء ممثلي السكان , بل حتى على المستوى المهني لم يكن هناك توازن في تقديم الأخبار المتعلقة بالزيارة , هذا الأمر يكشف بأننا بحاجة كبيرة لترتيب البيت الداخلي أولا.