بتعين الألماني "فولفغانغ فيسبروت فيبر" ممثلا جديدا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء على رأس بعثة (المينورسو)، تكون الأممالمتحدة قد خطت خطوة إيجابية نحو الحسم في طلب المغرب المتعلق بسحب الثقة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء كريستوفر روس. ومنه، يمكن القول أن عناصر مربع الأممالمتحدة قد بدت في التشكل للاستجابة للطلب المغربي القاضي بسحب الثقة من روس، حيث يتأكد أن الطلب المغربي يوجد على قائمة أولويات أجندة أعضاء مجموعة أصدقاء الصحراء، إذ أفادت مصادر متطابقة بأنها باشرت مناقشة مسألة النزاع في الصحراء على خلفية مستجدات الموقف المغربي من كريستوفر روس. وإذ يبادر الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون بتعيين "فولفغانغ فيسبروت فيبر" ممثلا خاصا له في الصحراء٬ خلفا لهاني عبد العزيز الذي سبق له أن ناصر مواقف البوليساريو في عديد من المناسبات، حيث عبر خلال فترة ولايته استعداد بعثة المينورسو للإسراع في تنفيذ قرارات مجلس الأمن من اجل تمكين ما أسماه "الشعب الصحراوي من تقرير المصير". ولم يكن هاني عبد العزيز أقل انحيازا من روس، بل يمكن للتقارير والملاحظات التي كان يدونها حول النزاع في الصحراء أحد عناصر انحياز روس، حيث تشير مجمل تصريحات هاني أنها ذات انطباع يميل إلى البوليساريو، حيث سبق أن أبدى أسفه لطول أمد النزاع وحالة الانسداد التي عرفتها المفاوضات، وأكد بأنه سيقوم بنقل الانطباعات التي كونتها إلى كل من الأمين العام الأممي. كما سبق له أن أعلن عن تقديم ما أسماه كامل تحياته لما سماه "الشعب الصحراوي" المكافح من أجل ما اعتبره "حقه في الحرية وتقرير المصير" قبل انتهاء مهمته التي ختمها بزيارة المخيمات، عبر إثرها عن تصريحات مؤيدة لجبهة البوليساريو، بل وطلب الإذن من عبد العزيز المراكشي للانصراف إعلانا بانتهاء مأموريته. وعليه، يكون المغرب قد قطع نصف الطريق فيما يخصص ثنائية الانحياز بين روس وهاني، إلا أن هذا يجب أن يتواصل بالحرص على نزاهة المبعوثين الجدد. ومن جهة أخرى فإن في هذا التعيين دليلا على الدور الذي تقوم به مجموعة 'أصدقاء الصحراء الغربية' التي تصم في عضويتها كل من اسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا من أجل استصدار مجلس الأمن توصية تقضي بضرورة الإسراع بتعيين مبعوث أممي جديد إلى الصحراء، خلفا لكريستوفر روس. وتنفيذا لهذه الخطوة، فإنه يتوقع أن يسارع الممثل الشخصي للأمين العام الأممي في الصحراء فولفغانغ فيسبروت فيبر إلى القيام بزيارة سريعة تقوده إلى كل الرباط ثم مخيمات تندوف وبعدها الجزائر وموريتانيا يستمع خلالها إلى كافة الأطراف المعنية بالقضية، وخاصة طرفي النزاع، وذلك في أفق إعداد تقريره الأولي حول قضية الصحراء يُسَهِّل مهام المبعوث الأممي المرتقب تعيينه في الأيام القادمة. بعد أن حسم المغرب موقفه بوضوح على أنه لم يعد بإمكانه التعامل مع روس مرة أخرى بسبب تصرفاته المنحازة وتراجعه عن الضوابط التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن. ومعلوم أن اختيار كريستوفر روس كان مثار تحفظ المغرب عليه بسبب منصبه السابق كسفير للولايات المتحدة في الجزائر وبسبب تصريحاته السابقة التي كان يدعم فيها تقرير المصير بمعنى الانفصال لحل النزاع في الصحراء. قبل أن يتراجع المغرب عن تحفظه بعد أن تلقى ضمانات حول نزاهته وعدم انحيازه للبوليساريو والجزائر، ليتم تعيينه في يناير من سنة 2009. إن العديد من القرائن تشير بأن روس لم يعد مفيدا لا بالنسبة لملف الصحراء وللمنطقة، لأن انحيازه لم يُعِد ملف الصحراء إلى نقطة الصفر، بل أعاد مسألة الصراع الإقليمي إلى الواجهة، حيث لا تكل الجزائر من عقد صفقات التسلح، في سعي واضح للهيمنة على المنطقة المغاربية. وهكذا فإن المقاربة المتحيزة لروس أفقدت أي أمل في مشروع فتح الحدود بين المغرب والجزائر، عشية ارتفاع الأصوات الدولية والإقليمية لتطبيع العلاقات المغربية الجزائرية والتسريع ببناء هياكل المغرب العربي. وهو ما كانت قد عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في "قمة 2012 حول الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني" التي انعقدت مؤخرا بواشنطن عن أسفها على العوائق التي تحول دون الاندماج الاقتصادي بين البلدان المغاربية٬ بما في ذلك الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر٬ وكذا لحيلولة مثل هذه العوائق دون تحرير المبادلات التجارية. وتجدر الإشارة أنه لم يكن سحب المغرب الثقة من المبعوث الأممي إلى الصحراء، بالأمر المستغرب بل سبق للبوليساريو أن طالبت بإقالة مبعوثين أميين سابقين ك "ألفارو دي سيتو" و "بيتر فان فالسوم" إثر تقديمه لملاحظات جوهرية لحل النزاع في الصحراء مفادها أن استقلال الصحراء أمر غير واقعي، وأنه يجب القبول بمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي. *محلل سياسي مختص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي