ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية بين «التيار الشعبي» والإخوان المسلمين والذين كانوا معززين بكثير من السلفيين في الشقيقة مصر يطرح علامات استفهام عميقة وخطيرة على مستقبل هذا البلد الآمن طبعا. فلقد ارتأى جزء من الشعب المصري - ولا يهم إن كان الأمر يتعلق بالقلة القليلة ولا بالأغلبية المطلقة - التعبير عن معارضتهم لسياسة الرئيس المصري مرسي، وأخذوا مواقعهم العادية في ساحة ميدان التحرير بالقاهرة، وما أن انطلقت فعاليات الاحتجاج السلمي حتى هاجمتهم مجموعة من أنصار مرسي، يبدو أن كثيراً منهم من الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي، وانطلقت التطورات في التردي، عنف متبادل، تكسير التجهيزات الصوتية، وتدمير كلي للمنصة والنتيجة إصابة أكثر من 100 شخص من الجانبين بجروح متفاوتة الخطورة. ما حدث خطير جدا ويؤشر على أن طرفاً من الأطياف السياسية لا ولن يقبل بالمعارضة، والذي لا يقبل بالمعارضة لا يمكنه أن يقبل بالديمقراطية، والذي لا يقبل بالديمقراطية خطير أن يصل إلى مراكز القرار بالديموقراطية، والحديث هنا عن المبدإ ولنترك الزمن الكشاف ليؤكد لنا صحة تطابق الأفعال مع الأقوال. الحادث وقع في مكان اكتسب قدسية استثنائية لأنه الوعاء الذي احتضن الحناجر التي صاحت والأجساد التي تعبت، والدموع التي انهمرت والدماء التي سالت من أجل أن يكون للشعب المصري أفق جديد، وحينما يحدث ما يحدث فإن ذلك يؤشر على أن هناك من كان ينظر لهذا الأفق بشكل آخر. ما الفرق بين ما حدث وما كان يحدث في زمن الرئيس المصري المخلوع، لا فرق اللهم أن الفعل كان يمارس في السابق من طرف نظام ديكتاتوري واليوم يقترف نفس الفعل باسم الثورة. لنبتعد قليلا عن أرض الكنانة ونحط الرحال في تونس التي تسرب فيها فيديو يحمل قنابل مدمرة لرئيس حركة النهضة، وإن كنت أميل إلى الاعتقاد بأن الفيديو لم يتم تسريبه، فحركة النهضة المتميزة بالانضباط والضبط، أكبر من أن يسجل عليها ذلك، بل وقع تعمد تسريب الفيديو، وهي طريقة لإعطاء شرعية جس نبض الرأي العام التونسي.