تحت عباءة الباعة المتجولين يختفي المجرمون والفارون من يد العدالة، ليرتكبوا المزيد من أعمال العنف المرعبة في حق المواطنين بشوارع مدينة سلا. عنف تستعمل فيه الأسلحة البيضاء المنتمية إلى العصور الوسطى من سواطير وسيوف طويلة ومناشير. ويبقى الباعة المتجولين مصدر قلق شعبي في غياب أي قوة رادعة، بل إن عددا من ساكنة القرية أحصين أكدوا للعلم بأنهم يفضلون البقاء في بيوتهم عوضا عن التجوال مساء بالشارع العام للتبضع، بل أصبح عدد منهم يقصد المراكز التجارية بالمدينة لما تتوفر عليه من ظروف أمنة للتسوق. والحق أن التجارة الفوضوية أصبحت مصدرا للفساد السياسي والإداري بدائرة أحصين سلا الجديد، ذلك أنها بحسب عدد من المنتخبين المحليين أفادوا أن الباعة يشكلون كتلة ناخبة مهمة لعدد من النواب والمستشارين بالدائرة، وأنها مصدر لأموال رشوة لعدد من المسؤولين الأمنيين. هذا وأكد ادريس صادق مستشار جماعي من حزب العدالة والتنمية للعلم أن رئيس مقاطعة أحصين محمد بنعطية عن حزب الأصالة والمعاصرة، يعد مصدرا أساسيا لتفريخ الباعة المتجولين ضمن إستراتجية انتخابية توفر له قاعدة هامة من المصوتين، وذلك بجعل أرض في ملكيته بسلا الجديد سوقا للباعة المتجولين، وفي ذلك مزايدة على السلطات المحلية التي تعمل على محاربة الباعة المتجولين، بعد أن علم أن الملك سيدشن سكن خاص ب"التوروكيين". كما صرح أحد الباعة المتجولين (خ . سعيد) بأن السلطات المحلية ولاسيما من القوات المساعدة تشجع على هذه الأسواق بطريقة غير مباشر حين تنال سومة شبه كرائية يومية قدرها خمس دراهم عن كل "فراشة" أو عربة "كروسة لبيع الفواكه". في حين أسر للعلم أحد أفراد القوات المساعدة رفض ذكر اسمه بأن أماكن الباعة المتجولين تسند مهمة تدبيرها بسومة مالية كرشوة للمسؤول الأمني الأعلى. وتجدر الإشارة بأنه تم بناء سوق لاستعياب الباعة المتجولين وذلك في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بطاقة استيعابية تصل إلى 400 دكان، إلا أن المزايدات السياسية وسوء تدبير الشأن المحلي آخر الاستفادة من هذا المشروع لأزيد من أربع سنوات، لتتواصل المتاجرة بأمن المواطنين عبر تشجيع التجارة الفوضوية مادامت تشكل بقرة حلوب للأمنيين والمنتخبين. والواقع أن عددا من التجار باتوا يساهمون في تشجيع التجارة الفوضوية مادامت تشكل مصدرا مربحا خاليا من الضرائب، حتى أن عددا منهم يوفرون أماكن وفراشات لرجال ونساء يستقدمونهم من البوادي مقابل تقاسم الأرباح، وقد قامت العلم باستفسار أحد التجار (م. القيسي) فأكد أنهم يعانون من بوار تجارتهم بسبب الباعة المتجولين الذي لا يؤدون الضرائب، مؤكدا أن عددا من أصحاب الدكاكين قد باعوا محلاتهم وتحولوا إلى باعة متجولين. ومعلوم أن الباعة المتجولين باتوا يطرحون مشاكل متصلة بالأمن العام، ذلك أنه في غياب أي تصور لمحاربة الأسواق الفوضوية يشكل اليوم أولوية لدى عدد من الحكومات المغاربية كما هو الحال بالنسبة لتونس والجزائر ومصر، في حين لا تزال وزارة عبد القادر اعْمارة خارج التغطية.