شرع مجلس النواب بمناسبة الجلسة الدستورية المخصصة للأسئلة الشفهية في تفعيل مقتضيات النظام الداخلي، بخصوص ضبط الحضور، وذلك تبعاً لقرار مكتب المجلس في اجتماعه بتاريخ 10 يوليوز 2012 الذي قرر فيه تحديد الإجراءات العملية لتطبيق هذه المقتضيات ابتداء من جلسة الأمس. وطبقا لأحكام النظام الداخلي ذات الصلة، فإن الجزاءات المطبقة في حالة الغياب بدون عذر تبدأ بتوجيه تنبيه كتابي ثم قراءة أسماء الأعضاء المتغيبين في افتتاح الجلسة العامة الموالية، وكذا الاقتطاع من تعويضاتهم الشهرية، مع نشر هذه التدابير في الجريدةالرسمية والنشرة الداخلية لمجلس النواب وموقعه الالكتروني. وتأتي هذه الضوابط انسجاما مع أحكام الفصل 69 من الدستور التي بمقتضاها يحدد النظام الداخلي لمجلس النواب، بصفة خاصة، واجبات النائبات والنواب في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة والجزاءات التطبيقية في حالة الغياب. وهذا يعني أن ضبط الحضور في أشغال مجلس البرلمان والجزاءات المترتبة في حالة الغياب قد أخذ بعدا دستوريا ينبغي تفعيله واتخاذ الإجراءات القانونية والتدابير العملية لضمان تطبيقه. إن الحضور في أشغال مجلس النواب يبقى مسؤولية وطنية وواجبا دستوريا والتزاما سياسا مادام أعضاء البرلمان يستمدون نيابتهم من الأمة، طبقا للفصل 60 من الدستور ما دام الأعضاء يمارسون السيادة نيابة عن الأمة المغربية بصفة غير مباشرة، كما ينص على ذلك الفصل 2 من الدستور، ومادام ممثلو الأمة موكول إليهم دستوريا مهمة صنع القانون الذي يعتبر أسمى تعبير عن إرادة الأمة يجب على الجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية، الامتثال له، هذا القانون الذي ينبغي أن يساهم في صنعه جميع أعضاء البرلمان سواء على مستوى اللجان البرلمانية الدائمة المختصة أو على مستوى الجلسات العامة لضمان مصداقية النص التشريعي وقوته وفعاليته ومناعته واستجابته لتطلعات المواطنين وانشغالاتهم ومتطلبات وحاجيات المجتمع المغربي حتى تكون الأدوات القانونية بالفعل رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يتوق إليها المغاربة والقطيعة مع الممارسات السابقة عندما كانت بعض مشاريع القوانين تمرر داخل اللجان البرلمانية الدائمة بنائبين أو ثلاثة نواب فقط، وبعدد ضئيل على مستوى الجلسات العامة. في هذا الإطار، حرص الفريق الاستقلالي بمجلس النواب على تفعيل مقتضيات النظام الداخلي بخصوص ظاهرة الغياب عندما وجه رسالة إلى السيد رئيس مجلس النواب بتاريخ 18 يونيو 2012 يطلب فيها ضرورة تفعيل مقتضيات الفصلين 39و40 من النظام الداخلي لضمان حضور أعضاء مجلس النواب في أشغال المجلس، إيمانا منه بأن النيابة أمانة إزاء الناخبين والوطن يجب القيام بها على الوجه المطلوب. وفي نفس السياق، ومادام تطوير العمل البرلماني وتحسين أدائه كل لا يتجزأ، فإن معالجة ظاهرة الغياب يجب ألا تقتصر على أعضاء البرلمان، بل يجب أن تشمل أيضا أعضاء الحكومة بالالتزام بالحضور الفعلي في جلسات المجلس، خاصة المتعلقة بالأسئلة الشفهية حتى تكون المراقبة البرلمانية في مستوى التحول الديمقراطي وانتظارات المواطنين وانشغالاتهم بمايضمن تجسيد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وإقرار الحكامة الجيدة. إن تفعيل مضامين الدستور ومقتضيات النظام الداخلي،بما فيها الحضور الفعلي في أشغال المجلس، يقتضي كذلك توفير الظروف المناسبة والشروط الملائمة لضمان الحضور، بما في ذلك الوسائل البشرية المتمثلة في الأطر المساعدة للنواب والمبيت والتنقل وغيرها من مستلزمات العمل البرلماني مادامت الديمقراطية لها ثمنها كما هو معمول به في الدول العريقة في الديمقراطية مادامت النيابة ليست امتياز ريع، ولكنها مسؤولية لإعطاء الممارسة الديمقراطية مدلولها الحقيقي، وهذا يتطلب من الحكومة تمكين البرلمان من الاستقلال المالي لضمان الاعتمادات الكافية للقيام بمهامه على الوجه المطلوب.