خارج سياق نقاط جدول أعمال دورة مجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي المخصصة للتهديدات الأمنية المحيقة بالمنطقة , يبدو أن موضوع العلاقات الثنائية بين قطبي التجمع الاقليمي (المغرب و الجزائر) شكلت مادة دسمة لاهتمامات الصحافة الحاضرة لتغطية اللقاء الأول من نوعه في تاريخ المنطقة . بغض النظر عن كون الوفد المغربي قد استطاع و بجدارة و استحقاق أن ينتزع دورا إقليميا فاعلا في مجهود مكافحة الارهاب القاري بعد أن ظل مهمشا خارج معادلات التسوية و التنظير التي أطلقتها منذ سنوات الجزائر , فإن مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين لم تغب عن اللقاء الصحفي الذي أعقب اختتام لقاء الجزائر. ما رشح عن الندوة الصحفية المنظمة يؤكد رغبة البلدين الجارين في مباشرة مسار التطبيع التدريجي الهادىء بعيدا عن الانفعالات و التشنجات الظرفية. مبدئيا يبدو أن الاتفاق السابق القاضي بترك ملف الصحراء الذي يمثل الحجرة العثراء الضخمة في مسارات التطبيع الثنائي للعلاقات في أكثر من مناسبة جانبا لاختصاص الأممالمتحدة والتدرج في مسارات تقوية العلاقات القطاعية بين البلدين ما زال قائما كخيار إستراتيجي . ويبدو أن ملف أو معضلة الحدود البرية المغلقة بين البلدين الجارين بشكل جائر ستجد حلها الطبيعي و المنطقي مع نضج و تطور هذه العلاقات المتعددة الواجهات . المغرب يبدو أنه أخيرا اقتنع بالمقاربة الجزائرية المبنية على ترك ملف الحدود يحل نفسه بنفسه في إطار التطور المنطقي للمستجدات المستقبلية للأمور و في المقابل فالجزائر تخلت ضمنيا عن رزنامة الشروط المجحفة التي ظلت ترددها و تطرحها قبل مباشرة هذا الملف و بين هذا و ذاك يفترض أن نزاع الصحراء سيظل ضمن الاختصاص القصري للأمم المتحدة . وزير الخارجية الجزائري أكد في الندوة الصحفية المنظمة على هامش اجتماع الجزائر لوزراء خارجية الاتحاد المغاربي أن قضية فتح الحدود مع المغرب. مسألة مهمة، لكنها غير مطروحة حاليا على جدول أعمال اللقاء مبرزا أن المسألة «ترتبط بتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين والتي قد تؤدي في النهاية إلى حل لهذا النزاع». مدلسي أكد « أننا نعمل على بناء مستقبل مشترك على أساس العلاقات الثنائية المفتوحة بين البلدين « . الصحافة الجزائرية نقلت عن سعد الدين العثماني تأكيده أن مجالات الخلاف بين الجزائر والمغرب ومن ضمنها ملف الصحراء لا ينبغي أن تكون عقبة أمام تطوير العلاقات الثنائية مبرزا «الارادة السياسية « للبلدين لتطوير علاقاتهما على جميع الأصعدة وترك ملف النزاع حول الصحراء للأمم المتحدة . الى أي حد يمكن أن تسترسل هذه الصفقة الضمنية وتستمر في مراكمة المكاسب و التجارب التي بامكانها توفير التربة الخصبة والظروف السياسية المواتية لرفع الحواجز الظالمة بين البلدين الشقيقين و الجارين . هل تصمد مقاربة التطبيع التدريجي الهادىء إلى نهاية المشوار؟ ذلك ما ستجيب عنه الأشهر القليلة المقبلة