حين نشرت يومية الشروق الجزائرية لسان المخابرات العسكرية الجزائرية قبل شهر خبرا غريبا عنونته ب " أعيان الطوارق يجهضون مخططا مشبوها للاجتماع بالمغرب " و تزامن المقال الجازم بتحرك مزعوم للرباط لاستغلال أحداث شمال مالي كشوكة في خصر الجزائر، كان كل من رئيس جبهة التحرير الوطنية بلخادم و رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى الذين حصل حزباهما على أزيد من نصف مقاعد البرلمان الجزائري في الانتخابات التشريعية الجزائرية يحاربان في حملتهما الانتخابية طواحين الهواء الوهمية ، و يطنبان في التعرض للمؤامرات الأجنبية المتربصة بمستقبل واستقرار الجزائر و بنجاح تشريعيات ماي المقبل، و مخاطر تدخل القوى الخارجية المتربصة باستقرار الجزائر . مع العودة الحتمية للحزبين المذكورين لتدبير الشأن العام للدولة الجزائرية مع تغيير بسيط في ترتيب الصدارة يبدو واضحا أن بلخادم و بدرجة أقل أويحيى تعمدا بشكل ضمني و غير مباشر إقحام الجار المغربي في أتون الحملة الانتخابية التشريعية لاعتبارات و دوافع تجد مبرراتها في خلفيات و مرجعيات الرجلين الذين يعكسان و ينضحان بأمانة بمواقف و توجهات المؤسسة العسكرية الجزائرية النافذة المتحكمة فعليا في خيوط اللعبة السياسية للجيران تصوغها وفق قوالب جاهزة و نمطية لا مجال للحياد عنها أو تجاوزها . الرأي العام المغربي سواء منه الرسمي أو السياسي كان ينتظر بشغف أن تفرز صناديق الاقتراع بالاستحقاق الانتخابي الجزائري نخبا سياسية بإمكانها أن تعيد ضبط مسار العلاقات بين البلدين الجارين في اتجاه المزيد من الانفتاح و التماهي , لكن يبدو أن رياح الربيع العربي التي بوأت الاسلاميين في كل من المغرب و تونس مواقع الصدارة عبر الاستشارة الشعبية , إستعصى عليها أن تزحزح أسس النظام السياسي القائم بالجارة الجزائرية بل إنها لم تفلح حتى في ململة قلاع التحالف الرئاسي المحيط بالرئيس و المشكل من جبهة التحرير و حزب رئيس الحكومة أويحيى . عدديا و بلغة الأرقام سيجد المغرب نفسه مجددا مجبرا على التعامل رسميا و لسنوات مع جهاز تنفيذي مستنسخ من نفس العقليات و ربما حتى الأشخاص بهرم السلطة الجزائرية و السيد بلخاذم الذي ظل يشكل لعقود خصما لذوذا للمغرب و معارضا شرسا لكل ما له صلة بمصالح المملكة الجار مرشح بقوة الصناديق لأن يقود التحالف الرئاسي في طبعته الجديدة . العديد من المتتبعين لا يخفون طموحات وزير الدولة و الممثل الشخصي لبوتفليقة لخلافة رئيس الجمهورية في مقعد الرئاسة مستدلين بالتوجيه المبطن و المعلن لبوتفليقة للشعب الجزائري عشية الاقتراع بالتصويت لفائدة الافلان حزب الرئيس الذي تشارف ولايته على النهاية بعد أشهر . بلخادم المنتشي بانتصار حزبه الساحق في إنتخابات الخميس الماضي يمثل في الواقع نموذجا حيا لفريق السياسيين و العسكريين المتنفذين بدواليب الدولة و النظام الجزائريين و الذين يمثل الجار المغربي بالنسبة لهم عقدة تاريخية أبدية و هدفا إستراتيجيا متوارثا من تجارب و إرث الثورة . لا يمكن أن نتصور في المستقبل المنظور تطورا إيجابيا في الخط الناظم لعلاقات و مواقف النظام الجزائري من الشأن المغربي في عمومياته و أولوياته المحلية و الدولية اللهم مسلسل التطبيع القطاعي السطحي الذي لا يجرؤ على معالجة بواطن الخلاف و معيقات التقارب.