كما كان متوقعا حقق مرشح الاشتراكيين الفرنسيين فوزا مستحقا و صعبا في سباق الرئاسيات الفرنسية بعد أن تمكن بفارق بسيط أن يتجاوز منافسه الرئيس المنتهية و لايته ساركوزي الذي اعترف بهزيمته الانتخابية على مضض . و عبر فرانسوا هولاند طريق الايليزيه في وجه اليسار الفرنسي بعد غياب تجاوز 17 سنة ظل خلالها مرشحو اليمين يتناوبون على مقعد أهم منصب في الجمهورية الخامسة . و خرج ساركوزي من سباق الرئاسة ، بعدما حاول جاهدا خلال حملته بالدور الثاني من الاستحقاق الرئاسي استقطاب أصوات اليمين المتطرف, عبر خطابات يمينية استعمل خلالها العديد من شعارات الجبهة الوطنية المتطرفة ، و هو ما افقده حسب الملاحظين أصوات الوسط واليمين المعتدل وكذا الجالية المغاربية، وذلك بعد تدهور كبير في شعبيته إلى أدنى المستويات . و يفتح فوز فرانسوا هولاند الذي لم يسبق أن تحمل مسؤولية حكومية بارزة صفحة جديدة في التاريخ السياسي الفرنسي فهو الرئيس الاشتراكي الثاني بعد فرانسوا ميتران الذي حكم ما بين 1981 و1995 . و قد أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية ان الرئيس المنتخب فرنسوا هولاند نال 51,62 % من الاصوات مقابل 48,38 % لنيكولا ساركوزي بحسب الفرز النهائي للاصوات . و بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى السيد فرانسوا هولاند بمناسبة انتخابه رئيسا جديدا للجمهورية الفرنسية . وأعرب جلالة الملك في برقيته للرئيس الفرنسي المنتخب باسم جلالته الخاص ونيابة عن الشعب المغربي عن أحر التهاني وأصدق المتمنيات بكامل التوفيق في مهامكم السامية والنبيلة_ في خدمة مصالح الشعب الفرنسي الصديق . وأكد جلالة الملك حرص جلالته الوطيد على العمل سويا مع الرئيس الفرنسي الجديد من أجل إثراء العلاقات المتميزة والفريدة التي تجمع البلدين والشراكة الاستراتيجية ذات الطابع الاستثنائي التي تربطهما التي تستمد قوتها من تلك الحيوية المتجددة باستمرار التي تميز أواصر الصداقة العريقة والتقدير المتبادل التي جمعت على الدوام الشعبين المغربي والفرنسي . وأبرزت البرقية الملكية التاريخ المشترك والمكتسبات التي تمت مراكمتها إلى حدود الآن بين البلدين مشيدة بالشراكة الاستراتيجية القائمة بين الرباط وباريس . وأشار جلالة الملك إلى تطابق وجهات نظر البلدين إزاء العديد من القضايا الإقليمية والدولية سواء تعلق الأمر بتنمية القارة الإفريقية وتعزيز السلم والأمن في العديد من مناطقها ، وخاصة في منطقة الساحل والصحراء أو بتعزيز التعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط من أجل إقامة فضاء أورو متوسطي تسوده قيم الديموقراطية والاستقرار والتفاهم والتقدم المشترك . و يتطلع المغاربة الى موقف ساكن الايليزي الجديد من قضايا الجوار و في مقدمتها العلاقات الثنائية التقليدية و الراسخة التي تجمع الرباط بباريس و التي بلغت أوج تميزها في العشرية الأخيرة . و في الوقت الذي يستبعد فيه المحللون أن يطرأ على مسار هذه العلاقات تغيير جذري بالنظر الى ما يربط العاصمتين من مصالح مشتركة و تقاطع في وجهات النظر فيما يخص العديد من الملفات الحساسة لا يخفي البعض الآخر تخوفهم من المحيط الضيق للرئيس الجديد و الذي يتضمن شخصيات سياسية معروفة بقربها من دوائر القرار بالعاصمة الجزائرية على الرغم من أن رئيسة الحزب الاشتراكي الفرنسي مارتين أوبري تعتبر من أكبر المدافعين عن مصالح الرباط . و سبق في أكثر من مناسبة أن عبرت علنا عن دعمها للوحدة الترابية للمملكة ، و نوهت بمخطط الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل لنزاع الصحراء الذي لا يخفى على أحد الدور البارز الذي تلعبه باريس في المحافل الدولية للترويج له .