اقتحمت امرأتان حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تعرف منافسة شرسة بين المرشحين الأساسيين : نيكولا ساركوزي ،الرئيس المنتهية ولايته، وفرانسوا هولاند، المرشح الذي يُعَوَّلُ عليه كثيرا في إعادة الاشتراكيين للدخول إلى الإليزي من بابه الكبير. الحضور اللاّفت للمرأة الفرنسية في هذه الانتخابات ، يتمثل في سيندي لي ، والمغربية ذات الجنسية الفرنسية ، كنزة دريدار. كل واحدة دخلت غمار الحملة بطريقتها وأسلوبها. تلتقي سيندي لي ، زعيمة «حزب المتعة»، أنصارها رافعة شعار «العُرْي في مواجهة الأزمة»، وهي عارية (الصدر والساقين).ليس هناك أيّ غرابة في هذا ، خاصة إذا علمنا أنها راقصة «ستريبتيز» لإثارة هوَى الرجال.. سبق لها أن ترشحت لانتخابات الرئاسة عامي 2000و2007، لكنها لم تتمكن من الحصول على التوقيعات الضرورية من النواب المحليين لكي تحظى بالترشح الرسمي كما هو الحال بالنسبة لهذه الانتخابات. في مقابل العُرْي ، هناك التّحجُّب الذي يتمثل في السيدة كنزة دريدار (المغربية الأصل) التي أعلنت عزمها على خوض هذه التجربة كنموذج جديد للمرأة الفرنسية المسلمة. على عكس سيندي لي العارية، فإن ترشح كنزة المتحجبة بشكل كامل ، من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، يعتبر تحديا كبيرا في حد ذاته، خاصة أن هذه الاستحقاقات تأتي بعد إقرار قانون منع التحجب و فرض عقوبات على كل من تخالف القانون..واختارت كنزة الترشح بالنقاب. إذا كانت المرشحتان تختلفان في كل شيء، فإنهما تلتقيان في الطريقة التي اعتمدتها كل واحدة للتعبير عن نفسها. ومن دون شك ، فهي طريقة استفزازية. يرى البعض أن المرأتين تمثلان أقلِّية في المجتمع الفرنسي» واحدة عريانة ، والثانية منقَّبَة. ومعلوم أن التعري والتحجب شيء ممنوع في فرنسا. إذن، فهما لا تمثلان سوى نفسيهما ، وبالتالي فليس لهما برنامج سياسي ولا مشروع مجتمعي من شأنه استمالة الناخبين ، فبالأحرى إقناعهم. محللون آخرون يذهبون إلى القول أنه إذا كان ترشح العارية يرمي فقط إلى الهزل والتسلية والضحك والتنفيس على الفرنسيين، فإن ترشّح المحجبة له أسسه وخلفياته الدينية والعقدية. وبقدر ما تكمن هنا أهمية هذا الترشح بقدر ما تكبر أيضا مخاوف الكثيرين من الفرنسيين الذين يرون فيه تعييرا لِمَا يسمّونه الإسلام المتشدد. هناك امرأة ثالثة أكثر جدِّية تخوض غمار الانتخابات الرئاسية بقوة. إنها مارين لوبين ، وهي سياسية جذّابة حتى لا أقول محنَّكَة، تقود «الجبهة الوطنية» التي ورثت زعامتها عن أبيها جان ماري لوبين الذي ترك أسنانه وأضراسه في حلبة السياسة إلى أن بلغ من العمر عُتِيّاً ولم يبلغ درج الإليزي، ففضل الانسحاب وتسليم المشعل لابنته المتمردة التي تواجه ، بأنوثتها القوية وبقلبها الحديدي، رجالا من العيار الثقيل في شخص ساركوزي وهولاند. تُقَدِّمُ مارين لوبين نفسها كنموذج للمرأة العصرية الجذابة. تمكنت من فرض نفسها على حزب والدها وعلى جزء من المجتمع الفرنسي ، حيث أنها نجحت في تقديم إضافة لحزب «الجبهة الوطنية» الذي تركه والدها حزبا جافّاً ، غارقا في الدوغمائية.. والشعارات الخاوية ... حتى هي لها طريقتها الخاصة ، تتمثل في الضحك كثيرا. أخشى أن تكون مارين تضحك على الجميع. وإذا ابتسم لها الحظ ، فسيكون الضحك أكثر.