مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    الدرهم ينخفض بنسبة 0,7 في المائة مقابل الدولار    الجيش الإسرائيلي يحتجز مدير وطاقم مستشفى كمال عدوان    الهند تودع رئيس الوزراء السابق سينج    غاضبون من نتائج الانتخابات يخربون محلات تجار مغاربة في الموزمبيق    سنة 2024.. ترسيخ لمكانة الرياضة الوطنية على الساحتين القارية والدولية    الحكم بالسجن ثلاث سنوات على رئيس الرجاء السابق    فئات هشة تتسلم مساعدات بالرحامنة    ‪توقيف 394 مرشحا للهجرة في كلميم‬    أبحرت من ميناء الناظور.. بيان القوات المسلحة يكشف تفاصيل العطب المفاجئ الذي أصاب وحدة خفر السواحل    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    تقرير للفيفا يشيد بإنجازات الكرة المغربية في 2024    مباحثات مغربية موريتانية حول تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين    ترامب يتحدث إلى رئيس تيك توك .. هل يتراجع عن حظره ؟    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    مواجهات حارقة في مستهل إياب البطولة الوطنية    سطاد المغربي يهدد صدارة رجاء بني ملال    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    مونديال الأندية.. الوداد الرياضي يشارك في ورشة عمل تنظمها "الفيفا" بأمريكا    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    طقس السبت: نسبيا باردا إلى بارد مع جريحة محلية خلال الليل والصباح    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    التحقيق في فاجعة تحطم الطائرة الأذربيجانية يشير إلى "تدخل خارجي"    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن قائمة أفضل الهدافين    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    فينيسيوس الأفضل في العالم ورونالدو في الشرق الأوسط وفق "غلوب سوكر"    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    النفقة و"تقاسم الثروة" و"إيقاف السكن" .. تصحيح مغالطات حول مدونة الأسرة    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    وزارة النقل تؤجل تطبيق معيار "يورو6" على بعض أصناف السيارات    وليد كبير: الرئيس الموريتاني يستبق مناورات النظام الجزائري ويجري تغييرات في قيادات الجيش والمخابرات    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة بعدة مناطق في المغرب من السبت إلى الإثنين    تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء المضيق    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    الحكومة ترفع الحد الأدنى للأجر في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات من الطفولة إلى الكهولة مع المجاهد أبي بكر القادري
نشر في العلم يوم 16 - 03 - 2012

في زقاق صغير بحي زناثة معقل بني العشرة الذين استوطنوا سلا وعمروها، في هذا الزقاق الضيق غرفت أول قطرة ماء من ينبوع لا ينضب من العلم الزلال و اكتشفت أول حرف هجاء وأنا الج عوالم العلم والمعرفة بمنزل صغير قام مقام مدرسة مؤقتة في انتظار افتتاح مؤسسة (النهضة) العتيقة على يد مؤسسها و باني مجدها أستاذ الأجيال ومكون النساء والرجال وموجه الشبان الأبطال فقيدالوطنية الفذ ونبراس الجهاد و المجداالمرحوم بكرم الله سيدي ابو بكر القادري طيب الله ثراه.
عادت بي الذاكرة إلى نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي وأنا استمع إلى نعي هذا البطل المغوارالذي أفنى حياته في تنشئة العقول إلى جانب زعماء خلد التاريخ المعاصرأسماءهم بمداد من الفخر فطبقت شهرتهم الأفاق وتجاوزت الحدود ليصبحوا مثالا يحتذى ونورا به يهتدى.
في هذا القسم الصغير، و بعد أن غادرمن هم اكبر مني سنا قاعات الزاوية القادرية
وحصرها المنبسطة تلقيت الدروس الأولى في القراءة والكتابة على يد المرحوم بكرم الله السيد محمد المباركي ذي القامة المهيبة والصوت الجهوري الذي كان يسير حصص القرآن الكريم بالمسجد الاعظم بسلا إلى جانب تدريسه للغة العربية بهذه المؤسسة الابتدائية الحرة التي كان المستعمرالفرنسي يحاربها ويضع العراقيل لتوقيف الدروس بها لما كانت تهدف إليه من نشرالوعي الوطني للتعريف بحقوق الشعب المغربي في العيش الكريم....
و نحن نتابع هذه الدروس ونحن أطفال صغاركان يدخل علينا القسم شاب نحيف الجسم بجلباب مغربي يضع طربوشا وطنيا على رأسه و يغطيه بقب لا يخفي نظراته الحادة
وشاربه الأسود فيتفحص الوجوه واحدا واحدا ثم يغادر القسم. علمنا فيما بعد أن الزائر الكريم هو مدير المدرسة و مؤسسها سيدي أبو بكر القادري. جاء لزيارة المدرسة الصغيرة وليطمئن على سيرها و أدائها التربوي التعليمي بعد خروجه من احد السجون التي كان المستعمر يملأها بالوطنيين اثركل مظاهرة يقومون بها للمطالبة بالإصلاحات التي كانوا يرونها مستعجلة في تلك الفترة من المقاومة.
مرت السنون والأعوام وحصل المغرب والحمد لله على استقلاله وانخرطنا في سلك الشبيبة المدرسية نتغنى بأناشيد وطنية كنا نحفظها عن ظهر قلب ولا نستطيع البوح بها إلا في داخل المدرسة وبمناسبة الاحتفال بعيد العرش في أبهى حلة وأروع زينة
وامتدت علاقتي باستاذ الجيل عبر كتاباتي في جريدة العلم و جريدة الرسالة التي أسسها المرحوم مثل مجلة الايمان ثم عند تأسيسي لجمعية( ثقافة وتقدم) في 15 نونبر1971 وأنا طالب بالمدرسة الوطنية الإدارية فكان دائم الحرص على المشاركة في كل الندوات و المحاضرات التي نظمت بقاعة الحفلات التابعة لعمالة سلا إلى جانب الدكتور المهدي بنعبود ود. رشدي فكارود. عائشة عبد الرحمان بنت الشاطئ ود إبراهيم دسوقي أباظة يسيرها الدكتورعبد الكبيرالعلوي المدغري وزيرالأوقاف
والشؤون الإسلامية السابق . كما شجعنا رحمه الله عند تأسيس جمعية عشاق الموسيقى الأندلسية فكان يحضر سهراتها بانتظام. كما كان يحيي ليلة المولد النبوي
ويسرد بنفسه( المولودية) بمنزله صحبة المادحين الشباب أو مع جوق الرباب الذي أسسناه رفقة الفنان ادريس بن عبد الكريم كديرة وكان أول حفل بمنزله العامرببطانة تم بمنزل ابنته كريمة وزوجها المرحوم الاستاذ احمد الشاوي.
ذلك غيض من فيض، فلو أطلقت العنان لقلمي لما كفته صفحات وصفحات لذكروحصر مناقب هذا الرجل الفذ الذي أحببناه من صميم القلب ورافقناه وأبناءه الأعزاء عشرات السنين منذ أن كنا جيرانا بالمدينة العتيقة وإلى أن قدرلنا أن نسكن في حي بطانة فنمرعلى بيته صباح مساء ونحظى بزيارته بين الفينة والاخرى وشرف الصلاة إلى جانبه بمسجد فلسطين بعدان كنا نستمتع برؤيته وهو داخل إلى المسجدالأعظم صحبة أبنائه الكرام في أحسن هيئة وأبهى لباس .
وان انس فلن أنسى حضوره إلى المسرح الوطني محمد الخامس رغم تعبه للمشاركة في حفل تكريمي إثر حصولي على التقاعد وإلقائه كلمة معبرة فاه بها في حقي واستذكر فيها مناقب والدي المعلم امحمد الكرومبي كعضو في جوق الإذاعة للطرب الأندلسي في الأربعينيات بقيادة الفنان الفذ محمد البارودي.
وقد كان رحمه الله لا يبخل علي بالمشاركة والحضورالفعلي في الحفلات العائلية من عقد قران أوعقيقة أوحفل زواج. ومن أجمل الذكريات مرافقته في رحلة إلى دولة الإمارات العربية الشقيقة حيث سعدنا بمجالسته وغرفنا من بحرعلومه و معرفته الدينية والدنيوية أثناء السفر بين مدن هذا القطرالشقيق. فكان بين فينة وأخرى ينادي علي باسمي الشخصي: ( يا عبد الرحمان أطربنا الله يرضي عليك) فكنت انشد بعض ما أحفظه من صنائع نوبة رمل الماية في مدح خيرالبرية التي كان يعشقها،
ويصاحب المجموعة الموجودة داخل الحافلة بصوته إنشادا وتوقيعا بيديه الكريمتين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.فعزاء لنا جميعا و بارك الله في أبنائه البررة:
وإنا لله وانا اليه راجعون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.