يعد الارتباط أكثر من اللازم بأيّ شيء مشكلة خطيرة تتحول إلى إدمان يصعب التخلص منه ، فالإدمان على السجائر كالادمان على الكحول وحتى الرسوم المتحركة وألعاب الحاسوب ولكن لا أحد فكر جدية في الإدمان على التلفاز ، وحسب دراسة حديثة فالأشخاص المدمنون على المخدّرات وعلى التلفزيون يتمتعون بذات السلوك المميز. أي أن الشخص المدمن على برامج تلفزيونية معينة يملكون نفس الأنماط السلوكية لأي شخص ما مدمن على المخدرات هذا وقد وجدت عدة دراسات مختلفة أجريت بالجامعات على وجود مستويات متوازية قوية بين الإدمان على التلفاز والإدمان على المخدرات حيث يواجه الأشخاص أقصى حالات السرور عندما يستعدّ لمشاهدة برنامج المفضل على التلفاز و يبدو سعيدا عندما يمسك جهاز التحكّم عن بعد ويشغّل التلفاز. وعندما ينتهي البرنامج التلفزيوني يعود إلى الحالة السابقة من التوتّر والإجهاد العقلي لحين تكرار عرض البرنامج التلفزيوني المفضل هذه التجربة توازي تجربة الإدمان على المخدرات ،حيث يبدو مدمنو المخدّرات قلقين عندما تتوقّف المخدّرات عن العمل في جسمهم فيقومون بحقن المخدّرات أكثر إلى دمّهم ولكن لا داع للقلق فهذا ليس حقيقيا لكلّ مشاهدي التلفاز. فالأشخاص الذين يشاهدون التلفاز لأكثر من أربعة ساعات يوميا لديهم هذا السلوك و من المشاكل الخطيرة المرتبطة بالإدمان على التلفاز القلق الخمود و الخلوة و الابتعاد عن الحالات الاجتماعية و صعوبة الانسجام مع الآخرين و خطر السمنة. يقول عبد العزيز المولوع 35 سنة فاعل جمعوي تزداد خلال شهر رمضان المبارك الساعات التي يمضيها الكثير من الناس أمام التلفزيون نظرا للكم الهائل من البرامج التي تبث عبره لدرجة أصبحت متابعة البرامج لدى البعض تعادل نوعا من أنواع الإدمان.يشبه العديد من الناس متابعة برامج التلفاز بالنوم فكلاهما لا يمكن الاستغناء عنه فالجميع حول العالم يمضون ساعات طويلة أمام شاشات التلفاز لمتابعة أحد البرامج التي قد لا تكون تستهويهم لكنهم يتابعونها فقط لأنهم من عشاق هذا الجهاز البيتي الجميل. وهذا الأمر لا يمكن حدوثه في أي مكان آخر سوى أمام شاشات التلفاز حيث أنك لو كنت تكره كرة القدم?على سبيل المثال?فإنك لا يمكن أن تذهب للملعب لمشاهدة إحدى المباريات حتى لو كانت مصيرية لكلا الفريقين. وبعد هذه المقدمة سأنتقل لذكر بعض الأسباب التي تجعل عادة الإدمان على مشاهدة التلفاز إحدى أسوأ العادات التي تلازمنا خصوصا في الأيام المباركة التي نجد أنفسنا خلالها محاصرين بكم هائل من البرامج المشتتة للانتباه: الابتعاد عن جو العائلة و قضاء أوقات طويلة أمام التلفزيون دون فائدة: يبدأ الكثير من الناس يومهم بمشاهدة آخر الأخبار ليذهبوا بعد ذلك لممارسة أعمالهم المختلفة، وليتكرر نفس الأمر عند عودتهم للمنزل وربما يقوم البعض بعد ذلك بأخذ قسط بسيط من النوم من أجل اللحاق بحلقات أحد المسلسلات?وربما أكثر?وفي حال تأخره بالنوم لسبب أو لآخر قد يضطر لتناول الطعام أمام الشاشة خوفا من أن يفوته أحد البرامج الهامة. وفي النهاية تكون النتيجة عدم تمكن العائلة من الالتقاء حتى على مائدة الطعام.ويعد الإدمان على مشاهدة التلفاز من أسهل الأمور حيث أنه يمكن للشخص أثناء المشاهدة أن يستلقي على كنبة مريحة وبجانبه بعضا من الوجبات الخفيفة التي تشجعه على الاستمرار بمتابعة البرامج التي تتضمن عادة العديد من الإعلانات الخاصة بمنتجات عديمة الفائدة، أو تلك التي تتحدث عن قرب بث عدد من البرامج الجديدة، كي يبقى المشاهد متعطشا للمزيد وليجد نفسه في النهاية غير قادر حتى على الاستيقاظ مبكرا من أجل الذهاب لوظيفته. تقوية الشعور بالكسل و ضياع للأوقات الثمينة: لعل مشاهدة التلفاز من أكثر النشاطات التي تقوي الإحساس بالكسل لدى المشاهد فبعد قضاء أوقات طويلة أمام الشاشة قد يكتشف البعض زيادة في أوزانهم، لكن ممارسة أحد الأنشطة الرياضية يصبح امرا بالغ المشقة بالنسبة لهم.وكم مرة فضلنا مشاهدة أحد البرامج على زيارة أحد الأقارب أو والأصدقاء كم مرة تحججنا بالمرض لتبرير سبب تأخرنا عن الحضور لوظيفتنا في الوقت المحدد بالرغم من أن السبب الحقيقي وراء هذا التأخر هو السهر أمام التلفاز حتى ساعات الفجر الأولي علينا أن نعلم بأن السبب الرئيس في ضياع مثل هذه الأوقات الهامة وغيرها هو الإدمان على الجلوس أمام شاشة التلفاز. وتقول مريم حنصالي 26سنة موظفة أصبحت المسلسلات التركية تغزو البيوت المغربية فالنساء توقفن الأشغال المنزلية و يقل الرواج عند التجار لقد تعودوا جميعا على مشاهدة مسلسل «ماتنسانيش» و الغريب في الأمر أن باعة الخضر في الأسواق الأسبوعية يرددون بطاطس و طماطم و جزر من مزرعة منتصر و تجار الأثواب بدورهم يصيحون ثوب خلود لتأكيد الجودة كما أن الحركة تقل في الشارع وحتى الأطفال يتحدثون عن هذا المسلسل بل الرجال و النساء على اختلاف مستوياتهم و أعمارهم.