هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة السورية بين التسوية الداخلية والتدخل العسكري الأجنبي
الحرب الباردة التي قد تتحول إلى ساخنة
نشر في العلم يوم 27 - 02 - 2012

ينقسم المراقبون في تقديراتهم للطريقة التي ستنتهي بها الأزمة السورية، فمنهم من يرى أنه لا محالة من تدخل عسكري أجنبي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها في حلف شمال الأطلسي، وهناك من يرى أن الصراع الداخلي في سوريا سيهدأ تدريجيا خاصة بعض أن يتبين لكل المنغمسين في المواجهة سواء من داخل سوريا أو خارجها أن لا سبيل للتدخل العسكري كما جرى في ليبيا ويوغسلافيا السابقة وذلك بسبب ثبات الموقف الروسي الصيني الرافض للتدخل، وأنه بناء على ذلك ستعرف قوى المعارضة السورية عملية إعادة لخلط الأوراق مما يمكن من الوصول إلى تسوية سياسية داخلية، وهناك فريق ثالث من المحللين والمراقبين الذين يقدرون أن حل الأزمة سيكون مزيجا مما يحدث في اليمن وما حدث في مصر.
يسجل المراقبون أن هناك زعزعة نوعية قد تكون مؤقتة فيما يخص المطالبين بالتدخل العسكري الأجنبي. فيوم الجمعة 24 فبراير 2012 أكد الأمين العام للأمم المتحدة. بان كي مون. أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة في سوريا.
وقال الأمين العام. أمام مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي انعقد بالعاصمة التونسية. «كل عضو في المجتمع الدولي تقع عليه مسؤولية وقف العنف وضمان سلامة الشعب السوري».
وأشار إلى أن الأزمة في سورية لم تبدأ بالمطالبة بتغيير النظام. ولكن بالإصلاح. ولكنهم قوبلوا بعنف شديد. معربا عن تأييده لدعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر المطالبة بهدنة يومية لإيصال المساعدات الإنسانية. مشيرا إلى أن فاليري أموس. نائبة الشؤون الإنسانية في المنتظم الدولي ستتوجه إلى سوريا في أقرب وقت ممكن.
تصريح بان كي مون الذي يتهمه خصومه بأنه أحد أبواق الخارجية الأمريكية جاء في نفس الوقت تقريبا لإعلان الأمم المتحدة والجامعة العربية يوم الخميس 23 فبراير تعيين كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بين عامي 1997 و2006 ، مبعوثا مشتركا لحل الأزمة السورية. في خطوة رحب بها رئيس الجمعية العامة. التي دعت إلى تعيين مبعوث خاص في توصية غير ملزمة اعتمدت بداية شهر فبراير.
*************************
من جانبه ذكر عنان الذي سيتم اختيار مساعد له من المنطقة العربية، في بيان له «أتطلع إلى التعاون التام من جميع الأطراف والجهات المعنية في دعم هذا الجهد الموحد والحازم الذي تبذله الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية للعمل على إنهاء العنف ووقف انتهاكات حقوق الإنسان والتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية».
يشار أنه في سيرة ذاتية كتبها الصحفي ستانلي ميزلر عن عنان عام 2007 لم ترد اشارة تجمعه بالأسد إلا محادثة هاتفية في 2002 حث فيها عنان الأسد على التصويت لصالح قرار في مجلس الأمن بشأن عودة مفتشي الأسلحة بالأمم المتحدة إلى العراق إبان حكم الرئيس صدام حسين والذي فتح الطريق لاحقا أمام واشنطن لغزو وتدمير بلاد الرافدين.
وأشار الدبلوماسي الأمريكي الراحل ريتشارد هولبروك في وقت من الأوقات إلى عنان بأنه «نجم الروك الدولي للدبلوماسية».
غير أن الدبلوماسي الغاني الأصل اصطدم بالولايات المتحدة في 2003 عندما وصف الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق بأنه «غير قانوني». وفي 2006 قال عنان انه يخشى ألا يتذكره الناس إلا ببرنامج النفط مقابل الغذاء للعراق والذي ذكر أن اللوم في هذه الفضيحة المالية لم ينسب إلى الجهة الصحيحة.
شرط موافقة جميع أطراف النزاع
في رد على هذه التطورات أكدت وزارة الخارجية الروسية يوم الجمعة 24 فبراير أن موسكو «مستعدة للتعاون الوثيق مع كوفي عنان لإيجاد السبل المناسبة للجميع للتسوية في سوريا ومن أجل إيجاد الحلول المناسبة لتجاوز الوضع في سوريا وحولها».
واعتبرت الخارجية الروسية أن «خبرة كوفي عنان الدبلوماسي الغاني السابق وحنكته ستساهم في حل المشاكل السياسية والإنسانية في سوريا على أساس العمل مع جميع الأطراف ولما فيه مصلحة السلام من خلال حوار سياسي شامل بين الحكومة السورية والمعارضة».
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف يوم الجمعة أن «إيصال المساعدات الإنسانية إلى من يحتاج إليها في سوريا يجب أن يتم دون أن يرافقها عسكريون وبموافقة جميع أطراف النزاع».
بموازاة مع ما اعتبره مراقبون مرونة من طرف ساسة روسيا حرص الكرملين على إزالة أي تفسير حول تضاءل تأييده لحكومة دمشق، حيث قال رئيس الوزراء الروسي. فلاديمير بوتين. يوم الجمعة. إن روسيا «لن تغير موقفها حيال الملفات الدولية الملحة مثل سوريا وإيران انجرارا وراء أي طرف».
وأوضح بوتين. خلال لقاء مع خبراء السياسة والأمن الروس في مدينة ساروف الروسية. أن «موقف روسيا في مجلس الأمن الدولي حيال الملف السوري يشير إلى أن موسكو لن تنجر وراء أحد». مؤكدا أن روسيا «ستستمر على هذا المنوال».
تصريح بوتين جاء بعد 24 ساعة من دعوة موسكو وبكين يوم الخميس. إلى «وضع حد للعنف في سوريا مهما كان مصدره».
وأكد وزيرا خارجية الصين وروسيا. يانغ جيه تشى. وسيرغي لافروف. خلال مكالمة هاتفية. «موقف بلادهما المشترك بخصوص الشأن السوري». ودعيا إلى «إطلاق حوار شامل بين السلطات والمعارضة السورية دون أي شروط مسبقة. للتوصل إلى تسوية سلمية تجنب التدخل الأجنبي في الشؤون السورية».
ويذكر أن موسكو وبكين اتهمتا واشنطن وباريس وأطرافا أخرى في مقدمتها قطر بتحريض المعارضة السورية على رفض الحوار مع حكومة دمشق والترويج لأخبار مغلوطة وملفقة عما يحدث.
يوم السبت 25 فبراير اتهمت وكالة أنباء الصين الجديدة، كلا من أوروبا والولايات المتحدة بأن لديها «طموحات مخفية من اجل بسط هيمنتها». وقالت الوكالة إن «أكثرية البلدان العربية بدأت تدرك ان الولايات المتحدة واوروبا تخفيان خنجرا وراء ابتسامة. وبكلمات أخرى وفيما يبدو أنها تتحرك لدوافع انسانية، يتبين ان لديها في الواقع طموحات مخفية من اجل بسط هيمنتها».
واكدت وكالة أنباء الصين الجديدة من جهة أخرى انه «حتى لو أن مندوبي السعودية والاتحاد الأوروبي ابدوا استياءهم من خلال مغادرة إجتماع تونس قبل انتهائه، لكن معظم البلدان العربية بقيت لأنها أرادت التأكد من أن مأساة شبيهة بالمأساة الليبية لن تحصل في سوريا».
يشار أن موسكو نجحت إلى حد ما في إحداث تغييرات في مجموعة مجلس التعاون الخليجي التي تزعمت فيها قطر والسعودية الدعوات التي تطالب بالتدخل العسكري الأجنبي.
فيوم الخميس 23 فبراير ذكر المكتب الإعلامي للكرملين. أن الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف. بحث مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. الوضع القائم في سوريا، واتفق معه على مواصلة تنسيق خطواتهما الرامية إلى المساهمة في تسوية الأزمة في هذا البلد، مع التركيز على «ضرورة الوقف الفوري للعنف في هذا البلد من أي مصدر كان. وإقامة حوار واسع بمشاركة كل أطراف النزاع الداخلي مع احترام سيادة الدولة السورية».
واتفق الرئيسان الروسي والإماراتي. حسب البيان. على أن «أي تدخل خارجي في شؤون سوريا الداخلية ومحاولات تحديد شرعية قيادة هذه الدولة أو تلك تتنافى مع قواعد القانون الدولي وتحمل في طياتها مخاطر زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي».
يشار إلى أنه قبل الاتصال برئيس دولة الإمارات تحادث الرئيس الروسي مع عاهل السعودية ولكن لم يسجل تقارب في وجهات النظر حيث نقلت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن الزعيمين ناقشا خلال الاتصال المسائل المتعلقة بتنسيق الجهود الثنائية والدولية لاستقرار الأوضاع في المنطقة في أسرع وقت. وذكرت الوكالة إن العاهل السعودي أكد أن بلاده «لا يمكن إطلاقا أن تتخلى عن موقفها الديني والأخلاقي» تجاه الأحداث الجارية في سوريا. وأشار إلى أنه «كان من الأولى من الأصدقاء الروس أن قاموا بتنسيق روسي عربي قبل استعمال روسيا حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن»، معتبرا أن «أي حوار الآن حول ما يجري لا يجدي».
تدخل عسكري غير معلن
ترافقا مع هذه التحركات نقلت وكالة «يو بي آي» الدولية للأنباء يوم الجمعة 24 فبراير عن مصدر في الاستخبارات الروسية ان المجموعات المسلحة في المعارضة السورية تتلقى أسلحة من الخارج عبر أراضي عدة دول، مسميا كلاً من لبنان وتركيا والعراق. من جهته قال الخبير العسكري الروسي الجنرال ليونيد ساجين لوكالة «إيتارتاس» الروسية ان «ما ينفذ في سوريا هو سيناريو مرسوم منذ فترة طويلة، من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في «الناتو»، وعلى رأسهم فرنسا وبريطانيا وتركيا، وكذلك بمشاركة بلدان من مجلس التعاون الخليجي، وبالأخص السعودية وقطر.
وأضاف ساجين ان ‘السيناريو رسم على خلفية ما جرى في ليبيا ومصر وبلدان أخرى في المنطقة، مع تحفظ واحد هو عدم وجود قرار صادر عن مجلس الأمن يحتاج إليه الغرب لبدء الغزو.
وتابع «في الواقع، نحن نرى تدخلا عسكريا غير معلن من قبل عدة دول من «الناتو» ودول إقليمية في الشؤون الداخلية السورية، لمصلحة أحد أطراف النزاع الداخلي السوري أي المعارضة المسلحة».
ولفت ساجين إلى أن القسم الأكبر من الأسلحة التي يتسلمها الجيش السوري الحر هي من ترسانات تسليح الدول الأعضاء سابقا في معاهدة وارسو، وبعد انضمام هذه الدول إلى الناتو، وتسلحها بالعتاد الغربي الخاص بالحلف، جمعت أسلحتها السابقة في مستودعات للتخزين، والآن يتم إخراجها ونقلها إلى سوريا. ولم يستبعد ساجين أن يكون جزء من هذه الأسلحة تقليدا لأنظمة أسلحة سوفيتية.
خبير عسكري روسي آخر أشار إلى أن هناك تضخيما اعلاميا مقصودا للأحداث في سوريا، وتساءل كيف يتم الاعتماد فقط على مصادر المعارضة السورية لتصوير ما يحدث على الساحة وكيف يمكن لهذه المعارضة أن تحدد عدد قتلى المواجهات وبالتفاصيل، وفي نفس الوقت تعجز عن أن تنشر أمام العالم صورا لمئات جثث القتلى الذين تقول أنهم سقطوا أو للأحياء المدمرة بالقصف المدفعي والصاروخي للجيش النظامي ولماذا تنشر صور مشوشة عن العنف والمظاهرات وتكرر وكأنها من مدن مختلفة.
مؤتمر «أصدقاء سوريا»
الأطراف الساعية لتدخل عسكري للناتو تعثرت كذلك خلال مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي عقد في تونس يوم الجمعة 24 فبراير، حيث سادت خلافات حول مشروع البيان الختامي للمؤتمر، فيما يتعلق بالفقرة الخاصة بالاعتراف ب»المجلس الوطني السوري»، حيث بدا أن هناك توافقا على الاعتراف بالمجلس الوطني ممثلاً للمعارضة السورية، بينما طالب البعض الاعتراف به ك»ممثل وحيد» للشعب السوري.
وفيما بدا توجه لدى معظم المشاركين في المؤتمر على رفض أي تدخل عسكري في سوريا، قال رئيس الوفد السعودي إن «حصر التركيز على كيفية إيصال المساعدات الإنسانية لا يكفي، وإلا كنا كمن يريد تسمين الفريسة قبل أن يستكمل الوحش الكاسر افتراسها».
وعبر الوفد السعودي الذي ترأسه الأمير سعود الفيصل عن عدم رضاه عن البيان الختامي الذي اقتصر على المطالبة بالمعونات الإنسانية وحماية المدنيين دون أن يتطرق إلى فرض حظر جوي أو ممرات آمنة ومناطق عازلة أو دخول قوات أجنبية. تلفزيون «العربية» ذكر أن الوفد السعودي انسحب من المؤتمر «احتجاجا على عدم فاعلية الاجتماعات».
تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في المؤتمر عكست كذلك نوعا من عدم الرضا حيث قالت إن النظام السوري سيدفع «الثمن غاليا» إذا ما استمر في تجاهل صوت المجموعة الدولية. وقدمت 10 ملايين دولار لدعم المساعدة الإنسانية في سوريا.
ودعت كلينتون في المؤتمر الذي حضره ممثلو حوالي 65 دولة من بين أعضاء الأمم المتحدة الذين يناهز عددهم 200 دولة وهاجمته روسيا والصين، المجموعة الدولية إلى أن «تناقش باهتمام» ما يمكنها القيام به «لزيادة الضغط» على سوريا. وأضافت كلينتون «آن الأوان للجميع هنا أن يقرروا منع كبار مسؤولي النظام من السفر ... ويجمدوا أرصدتهم ويقاطعوا النفط السوري ويعلقوا أي استثمار جديد في سوريا ومناقشة إغلاق السفارات والقنصليات».
بعد نهاية مؤتمر تونس قالت كلينتون للصحافيين «علينا العمل على تغيير موقف الروس والصينيين». وأضافت «ينبغي أن يدركوا أنهم يقفون ليس في وجه تطلعات الشعب السوري فحسب، وإنما الربيع العربي برمته».
وأضافت كلينتون انه كلما اسرع البلدان في «دعم التحرك في مجلس الأمن، كلما أسرعنا في الحصول على قرار يسمح باتخاذ إجراءات ندرك جميعا انه ينبغي اتخاذها».
يذكر أن مقر إنعقاد المؤتمر في فندق بالاس عرف مواجهات بين الشرطة ومعارضين تونسيين وعرب لإنعقاده حاولوا اقتحامه ونددوا ب»تحويل تونس مكانا للتآمر على قلاع الأمة»، حسب مراسل فرنس برس.
رغم ما اعتبره البعض إخفاقا لمؤتمر تونس في تمهيد الأرضية للتدخل العسكري واصلت موسكو انتقاد ما تعتبره تحايلا تقوده واشنطن على الشرعية الدولية، فقد أكد الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف أن بلاده لا تقبل بما تقرره «مجموعات أصدقاء» لم تحصل على تفويض من منظمة الأمم المتحدة.
وأعلن ميدفيديف لدى تسلمه أوراق اعتماد السفراء الجدد لعدد من البلدان الأجنبية، أن روسيا ترى أنه لا يجوز أن يتم اتخاذ قرارات تنطوي على أهمية كبيرة للدول وشعوبها تحت ضغط ما سماه بالحملات الدعائية.
وقال إن روسيا تستمر في انتهاج السياسة الخارجية الهادفة إلى إقامة نظام في العالم، تسوده الديمقراطية، مقدمة أحكام القانون الدولي وتوفير الأمن لجميع الدول وللشعوب كافة على ما عداها، مشيرا إلى أن هذه المبادئ تكمن في أساس الموقف الروسي من القضايا الدولية والإقليمية الأكثر تعقيدا، وعلى الأخص «البرنامج النووي الإيراني والوضع في سوريا، وقبل ذلك العمليات في مصر وليبيا وفي الشرق الأوسط ككل»، مؤكدا أن روسيا لا تنوي تأييد القرارات التي تتجاهل هذه المبادئ.
ودعا الرئيس الروسي إلى ضرورة المحافظة على «مؤسسات القانون الدولي، وبالأخص منظمة الأمم المتحدة»، مشددا على «عدم جواز تغيير هذه المؤسسات بمجموعات المصالح وما يسمى بمجموعات الأصدقاء».
من جانب آخر قال مصدر رفيع المستوى في الكرملين معلقا على تصريح الرئيس التونسي المرزوقي في مؤتمر «أصدقاء سوريا» والذي دعا فيه تمكين الرئيس السوري من اللجوء إلى روسيا: «كان على الرئيس التونسي أن يقترح بإسم بلاده، وليس دعوة دول أخرى إلى أمر ما. ويجب أن تكون هذه المقترحات موجهة نحو التسوية السلمية للنزاع الداخلي في سوريا». وأضاف: «خاصة وأن أكثر الدول العربية قد شهدت بنفسها نتائج ما سمي «تعزيز الديمقراطية».
ويذكر أن المرزوقي كان قد دعا إلى تشكيل «قوة عربية لحفظ السلم والأمن في سوريا» ترافق الجهود الدبلوماسية. ودعا المعارضة السورية «إلى التوحد وان تضع في أولوياتها وحدة الشعب السوري». وفي نفس الوقت عبر المرزوقي عن رفضه للتدخل العسكري واعتبره «خطأ جسيما تصر تونس على التخلي عنه والبحث عن الحل السياسي الذي لا نراه إلا في النموذج اليمني».
اليد الأمريكية
مصادر رصد أوروبية أشارت إلى أن اتهام واشنطن بالتدخل لركوب حركة التحول في سوريا تجد مزيدا من التفهم على صعيد الرأي العام الدولي خاصة بعد فضيحة التمويل الأمريكي غير الشرعي للمنظمات غير الحكومية في مصر والتي أضيف إليها يوم الجمعة 24 فبراير 2012 اتهام الهند لمنظمات أمريكية ب»إثارة الاحتجاجات الداخلية» ضد برنامجها النووي.
الاتهامات صدرت عن أعلى سلطة سياسية في بلد ديمقراطي بالمقاييس الغربية يزيد تعداد سكانه على 1200 مليون نسمة، فقد اتهم رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ منظمات أمريكية ب»تأجيج الاحتجاجات العارمة» ضد محطة نووية تسعى الهند إلى بنائها بمساعدة روسية. مما تسبب في انتكاسة كبيرة للمشروع.
وكانت الصحف الهندية قد أكدت مؤخرا أن الحكومة الهندية «تشتبه في تورط جهات أجنبية في اندلاع الاحتجاجات ضد محطة «كودانكولام» النووية في ولاية تاميل نادو جنوب الهند والتي استمرت لأكثر من 100 يوم. حيث فتحت تحقيقا في مصادر تمويل ست منظمات غير حكومية في الولاية، والدعم المالي الذي تتلقاه من الخارج.
البنتاغون وخطط التدخل العسكري
الإحباط الذي إنعكس في تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية سعى إلى محوه مسئولون في البنتاغون، فيوم السبت 25 فبراير نقلت عدة وسائل إعلامية عن مصدر عسكري أمريكي قوله إن وزارة الدفاع الأمريكية تعد سيناريو للتدخل في سوريا اعتمادا على تدخل «الناتو» في كوسوفو سنة 1998، بعد أن فشل مجلس الأمن في إصدار قرار. وأضاف المصدر إن السيناريو يبدأ بتأسيس منطقة أمنة لإيواء السوريين اللاجئين بالقرب من الحدود مع تركيا، وبتقديم مساعدات إنسانية لكل السوريين، أولا عن طريق منظمة الصليب الأحمر الدولية، ثم عن طريق قوات من حلف «الناتو» تنطلق من تركيا.
وأضاف المصدر أن البنتاغون لا يتوقع أن تغير كل من روسيا والصين تأييدهما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكن السيناريو يعتمد على موافقتهما على تقديم مساعدات إنسانية «لكل الشعب السوري». ووقف إطلاق النار «من جانب كل الأطراف»، في إشارة إلى المعارضة السورية المسلحة. وإرسال مبعوث خاص من الأمم المتحدة «ليدرس الوضع في سوريا، ثم يرفع تقريرا إلى مجلس الأمن». وإرسال «مراقبين دوليين».
وحسب السيناريو، يمكن أن يكون تقديم المساعدات الإنسانية «ثغرة قانونية دولية» لحماية فرق المساعدات الإنسانية حماية عسكرية. وأن هذا يمكن أن يتطور إلى حماية جوية لقوافل المساعدات التي يتوقع أن تنطلق من تركيا والأردن.
وذكر المصدر إن السيناريو «حذر جدا» لأنه يضع في الاعتبار القوة الهائلة للقوات السورية المسلحة، وخاصة السلاح الجوي السوري. ولهذا، يركز السيناريو على عدم إرسال قوات أرضية إلى سوريا، طبقا لخطة المرحلة الأولى لحرب كوسوفو التي اشتركت فيها طائرات حلف الناتو، والتي لم يقتل خلالها أي جندي أمريكي. وأن السيناريو يمهد لإعلان منطقة حظر طيران على خطى كوسوفو، وأيضا، على خطى حظر الطيران فوق العراق، قبل إحتلال بغداد في 9 أبريل 2003.
ويتحاشى السيناريو مواجهات جوية مع السلاح الجوي السوري، وحتى استهدافه. وقال المصدر إن تدخل الناتو في كوسوفو شمل أمرا عسكريا من قيادة الناتو باستهداف القواعد العسكرية اليوغسلافية، سيناريو البنتاغون في سوريا لا يشمل ذلك، في الوقت الحاضر على الأقل. كما لا يشمل ما حدث بعد قصف الناتو، وهو إرسال قوات أرضية تابعة للناتو، لا تزال موجودة في كوسوفو.
وذكر المصدر إن تدخل الناتو في كوسوفو كان دون موافقة مجلس الأمن. لكن، كان قرار مجلس الأمن الأول، سنة 1998، «خطوة أولى أساسية» لكسب روسيا التي كانت قد تحالفت مع حكومة يوغسلافيا في عهد الرئيس السابق بوريس يلتسين الذي كان يسعى إرضاء الولايات المتحدة ولو على حساب المصالح الإستراتيجية للكرملين. الأمر الآن مختلف لأن ساسة موسكو قرروا على ما يظهر دخول إمتحان قوة مع الغرب.
إذا كان البنتاغون يضع الخطط للتدخل العسكري في سوريا، فإن مصادر رصد غربية تتحدث عن تحركات روسية لمواجهة هذا الاحتمال. تقول هذه المصادر أنه في فترة زيارة قطع الأسطول الحربي الروسي بقيادة حاملة الطائرات الاميرال كوزنتسوف لميناء طرطوس خلال الثلث الأول من شهر يناير، قامت القيادة العسكرية الروسية بنقل عدد من الطائرات الحربية الروسية بطياريها إلى مواقع في شرق سوريا وزودت هذه المواقع بأحدث شبكات الدفاع الجوي الروسية، كما أطقما روسية تتعاون مع القوات السورية لرصد وتعطيل فعالية طائرات التجسس الأمريكية بدون طيار التي أرسلها البنتاغون إلى شرق المتوسط لمراقبة الساحتين السورية واللبنانية.
وتضيف مصادر الرصد نفسها أن ما يخشاه مراقبون يعرفون ما يجري هو أن تخطئ واشنطن الحسابات فتقوم بخطوة عسكرية في سوريا تضعها على خط صدام مباشر مع الوحدات الروسية الموجودة على الأراضي السورية، وهو ما قد يقود إلى مواجهة دولية لا يمكن لأحد أن يتنبأ بأبعادها.
حرب باردة جديدة
يوم السبت 25 فبراير 2012 نشرت صحيفة «ذي اندبندنت» البريطانية مقالا تحليليا لكبير كتابها وصحافييها روبرت فيسك قال فيه إن حربا باردة جديدة قد بدأت بين روسيا في جهة والغرب في جهة أخرى وهي تتركز على سوريا. ويكثر فيسك في مقاله من التهكم على وزير خارجية بريطانيا وعلى دول الخليج العربي التي تكثر من شراء الأسلحة وتكديسها، ويضيف «اذا تمكنت إيران من الحصول على السلاح النووي «فاني اعتقد أن دولا أخرى في الشرق الأوسط سوف ترغب في امتلاك أسلحة نووية».
بهذا القول تفتق ذهن وزير خارجيتنا ويليام هيغ في واحد من أكثر البيانات التي صدرت عنه سخافةً. ويبدو أن هيغ أمضى معظم وقته وهو يقلد ذاته، ولا ادري ما إذا كانت شخوص هيغ التابعون للمستر هيغ هم الذين أصدروا هذا البيان.
طبعا كانت اول هفوة صدرت عن شخوص هيغ هي الفشل في الاشارة الى ان هناك «دولة» اخرى في الشرق الأوسط تملك في الواقع مئات الاسلحة النووية اضافة إلى الصواريخ التي تحملها. هذه الدولة تدعى إسرائيل. وللأسف فان هيغ لم يذكر الحقيقة. هل هو لا يعرفها؟ بالطبع لا فهو يعرفها. ما كان يحاول قوله هو انه إذا أصرت إيران على إنتاج سلاح نووي، فان دولا عربية دولا مسلمة سوف ترغب في حيازة هذا السلاح. لكنها لن تفعل ذلك قط.
اعرف ان هيغ يجلس على كرسي في الغرفة التي جلس فيها بلفور وايدن، وكلاهما من المتظاهرين بأنهم خبراء في شؤون الشرق الأوسط، ولكن هل كان عليه أن يعبث بالتاريخ إلى هذا الحد من السوء؟.
هيغ يقول «نحن لا ننوي ان نورط انفسنا في سوريا»، ولك منا على ذلك جزيل الشكر. لان الحرب الباردة الجديدة التي يحذر منها هيغ قد بدأت بالفعل في سوريا، وليس ايران. فالروس يقفون ندا لنا هناك، يدعمون الأسد وينددون بنا. اما رد الفعل المتوقع من رئيس الوزراء الروسي بوتين على احلال آخر محل الأسد فيظل طي الكتمان. وكذلك الحال بالنسبة إلى سوريا «جديدة» مناصرة للديمقراطية الغربية مثلنا يرغب هيغ واخرون.
تسخير وسائل الإعلام
قبل مقال فيسك بأكثر من شهر وبالضبط يوم الثلاثاء 17 يناير نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا يتناول الوضع السوري من زاوية غير مسبوقة في الصحافة البريطانية، كتبه جوناثان ستيل، وهو كبير مراسلي الغارديان السابق للشؤون الدولية.
يرى ستيل أن التغطية الإعلامية الغربية لما يجري في سوريا تتجاهل معلومات واستطلاعات نتائجها تناقض الانطباع السائد، وهو أن الشعب السوري يريد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
ويشير الكاتب إلى استطلاع أجري بتكليف من «مؤسسة دولية»، وتوصل إلى أن 55 في المئة من السوريين لا يرغبون برحيل الأسد، خوفا من اندلاع حرب أهلية.
ويقول الكاتب إن وسائل الإعلام «لا ترحب» بنشر أخبار لا تنسجم مع الانطباع السائد، ولذلك فهولا يستغرب أن وسائل الإعلام الغربية تجاهلت الاستطلاع المذكور الذي تبين منه أن السوريين يرغبون بأن تجرى انتخابات مع بقاء الرئيس في السلطة، وهو ما وعد بشار به أكثر من مرة، ولكن من الضروري السماح بانتخابات حرة بمشاركة أكثر من حزب وتحت رقابة دولية.
ويقول الكاتب إن ما يصفها بالتغطية المنحازة للأحداث في سوريا تشوه دور مراقبي الجامعة العربية، ويضيف أن الغرب لم يكن متحمسا لمهمتهم، بعكس موقفه من تأييد الجامعة العربية لفرض حظر جوي فوق ليبيا.
ويقيم الكاتب علاقة تشابه بين مقاتلي «الكونترا» في هندوراس الذين كانوا يحظون بدعم أمريكي في عهد الرئيس السابق رونالد ريغان للاطاحة بالساندينيين في نيكاراغوا ومقاتلي جيش سوريا الحر في تركيا الذي يحظون بدعم متعدد الأشكال من «الناتو» بدورهم.
معارضة مشتتة
ما يعقد مهمة الباحثين عن تدخل عسكري غربي إنقسام المعارضة السورية وخلافاتها الشديدة، وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الجمعة 24 فبراير تحقيقاً مفاده ان تيارات المعارضة السورية المنضوية تحت إسم المجلس الوطني السوري ما زالت تسودها انقسامات عميقة ولا وجود لقيادة موحدة بالرغم من مرور سنة على بدء أحداث العنف.
فبعد نحو عام على انطلاق المظاهرات، تبقى المعارضة مجموعة منقسمة من الجماعات السياسية، والمنفيين منذ سنوات طويلة، والمنظمين على الأرض، والمسلحين، كلهم مختلفون بشأن أمور ايديولوجية، او عرقية أو طائفية، وأكثر تفرقا من أن يتفقوا حتى على الخطوط العامة لإستراتيجية تفضي إلى إسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد.
وتحصل المشاحنات أمام الملأ. وقد صرخ هيثم المالح، وهو حصان قديم في حركة المعارضة يبلغ من العمر 81 عاماً قائلاً لدى خروجه من اجتماع للمعارضة في الدوحة قبل اقناعه بالعودة: «هل هذه طريقة عمل؟ إنهم جميعاً أغبياء وسخفاء، ولكن ما الذي استطيع عمله؟».
وما زال المجلس الوطني السوري المكون من 310 عضو في حلة بلقنة وانقسام بين الفئات المختلفة. وتتكرر بلا نهاية المجادلات بينها بشأن من هي المجموعات التي تستحق هذا العدد او ذاك من المقاعد. ويبيت الممثلون العلمانيون والليبراليون في معظمهم واولئك الذين هم من الفئات الإسلامية شكوكا بعضهم تجاه بعض.
ولم يتوافق المجلس مع أعضاء ائتلاف معارض آخر هو لجنة التنسيق الوطني السورية الذين ما زال بعضهم داخل سوريا والذين اتبعوا عموما نهجا ألين بشأن السماح للرئيس الأسد بتوجيه انتقال سياسي.
وقال ستيفين هيديمان، الذي يركز على قضايا الشرق الأوسط في معهد الولايات المتحدة للسلام، وهي مجموعة أبحاث يمولها الكونغرس جزئيا إن «الوقت ينفد بالنسبة إلى المعارضة السورية لترسيخ صدقيتها وقدرتها على البقاء كممثل للثورة».
وما زالت حتى جهود المجلس الدبلوماسية تواجه متاعب. اذ لم يعين المجلس بعد مبعوثا رسميا إلى واشنطن، وكان التنافس على من يجب أن يقوم بمهمة الاتصال بمجلس الأمن الدولي تنافسا شديدا لدرجة أن دبلوماسيين ومحللين قالوا أن المجلس أرسل وفدا عديم الجدوى مكونا من 14 عضوا واصلو الجدل في ما بينهم في نيويورك بشأن من يجب أن يلتقي مع هذا السفير أو ذاك.
الأيام الأخيرة
يوم الجمعة 24 فبراير 2012 نقلت وكالة «د ب أ» الألمانية للأنباء عن عروبة بركات عضو المجلس الوطني السوري المعارض قولها إن المجلس الوطني يعيش أيامه الأخيرة بسبب «غطرسة بعض الكتل فيه وأن هناك انتفاضة حقيقية ستحدث بالمجلس قريبا إن لم يغير من مساره».
وأضافت عروبة بركات، أن «هناك انتفاضة حقيقية سيقوم بها بعض أعضاء المجلس للتخلص من ديكتاتورية البعض»، مؤكدة وجود انسحابات جماعية من المجلس ستحدث في القريب العاجل.
وأعلن عن تشكيل المجلس الوطني السوري، وهو جماعة سياسية تضم أغلب أطياف المعارضة، في الثاني من أكتوبر 2011 في مدينة اسطنبول التركية.
وقالت عروبة بركات «إن برهان غليون رئيس المجلس هدد بالإنسحاب من المجلس أو الإستقالة إن لم يتم انتخابه مجددا».
وأضافت أن العديد من «أعضاء المجلس مستاء جدا من سيطرة كتلة دون غيرها على المجلس». «من يجلس مع الصهاينة ويؤيدهم لا يمكن اعتباره وطنيا وإن كان يتحدث باسم الشعب السوري».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.