يتوقع محللون اميركيون ان يتراجع النزاع العربي الاسرائيلي الى مرتبة متأخرة في اولويات السياسية الخارجية للادارة الاميركية الجديدة ، بعد المشكلات الدولية الاخرى التي تواجهها الولاياتالمتحدة ، وعلى راسها الوجود الاميركي في العراق ، والوضع في افغانستان ،والملف النووي الايراني. وقال الخبير في شؤون الشرق الاوسط ، بمجلس العلاقات الخارجية الاميركية ، ستيفن كوك ، لوكالة فرانس برس، انه اذا فاز المرشح الديموقراطي ، باراك اوباما ، في الانتخابات ، «»فاننا سنرى بالتاكيد تغييرا في اللهجة وطريقة مختلفة في الاقتراب من مشكلات الشرق الاوسط عن تلك التي اعتدناها معا ادارة الرئيس جورج بوش»». واضاف الخبير المقرب من فريق اوباما ، ان النزاع العربي الاسرائيلي «»قد يكون الاولوية الثالثة لاي ادارة اميركية جديدة»». واوضح ان «»هناك رؤيتين في الولاياتالمتحدة ، الاولى ترى ان النزاع العربي الاسرائيلي استعصى على الحل لعقود طويلة وانه لا حاجة لاي رئيس اميركي ان يضع الوقت في التعامل معه لانه سيكون في هذه الحالة جهدا لا طائل له في قضية خاسرة»». وتابع «»الرؤية الثانية هي ان الوضع (في النزاع العربي الاسرائيلي) سئ جدا ، وقد ينفجر في اي لحظة ، وبالتالي يتطلب جهدا دبلوماسيا»». اما الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية ، لزلي غلب ، الخبير المخضرم في شؤون الامن القومي الاميركي ، الذي تولى في الماضي مناصب تنفيذية في وزاتي الخارجية والدفاع ، فذهب ابعد من ذلك. وقال لفرانس برس ان النزاع العربي الاسرائيلي قد يأتي في المرتبة الرابعة في ترتيب اولويات السياسة الخارجية للادارة الاميركية الجديدة التي «»سيتعين عليها ان تبدا عملية جادة وطويلة المدى قد تستغرق ثلاث او اربع سنوات لبناء اجراءات ثقة على الارض تتيح للقادة السياسيين في ما بعد الجلوس على مائدة التفاوض»». وشدد على انه «»لا معنى بالمرة الان لمحاولة جمع القادة السياسيين في مؤتمرات او على مائدة مفاوضات، لان النتيجة الحتمية ستكون انهم سيرفضون توقيع اي اتفاق، ولابد اولا من انجاز العمل القاعدي الذي يتمثل في اقناع الناس بجدوى التفاوض والسلام من خلال اجراءات اقتصادية وامنية على الارض»». ويعرض موقع مجلس العلاقات الخارجية مواقف المرشحين الديموقراطي والجمهوري من قائمة القضايا الدولية، ومن بينها ايران والعراق وروسيا وافغانستان ، لكنه لا يورد النزاع العربي الاسرائيلي ضمن هذه القضايا. وكذلك موقع معهد كارنيغي، الذي لا يدرج النواع العربي الاسرائيلي ضمن الملفات الرئيسية للسياسة الخارجية التي ستطرح على الرئيس الجديد ، وان كان يخصص ملفا للمفاوضات السورية الاسرائيلية. ويسود الاعتقاد انه ، اضافة الى تراجع موقع النزاع العربي الاسرائيلي في قائمة القضايا الدولية التي ستحظى باهتمام القوة العظمي الاولي خلال السنوات الاربع المقبلة ، فانه لن يكون هناك تغيير كبير في توجهات واشنطن ازاء هذا النزاع اذا ما وصل المرشح الديموقراطي الي البيت الابيض. ويقول كوك «»لا شك ان هناك علاقة خاصة بين اسرائيل والولاياتالمتحدة لاسباب استراتيجية وسياسية داخلية ؛ وهذه العلاقة تشكل احد ثوابت السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط»». وكان اوباما اثار عاصفة من الاحتجاجات الفلسطينية بعد تصريحات ، في يونيو الماضي ، اكد فيها ان «»القدس ستبقى عاصمة اسرائيل ، ويجب ان تبقى غير قابلة للتقسيم»». واعتبر كوك ان «»العراق سيكون الاولوية الاولي ، فلدينا140 الف جندي في العراق ، وسيسعي السناتور اوباما الى البحث عن طريقة للانسحاب المسؤول من العراق»». وتعهد المرشح الديموقراطي مرارا بسحب القوات الاميركية من العراق ، وخلال الايام الاخيرة شدد على انه سيمول التخفيضات الضريبية التي يعتزم منحها لكل اميركي يقل دخله السنوي عن250 الف دولار من خلال انهاء الاعباء التي تمثلها حرب العراق على الموازنة الاميركية ، والتي قدرها «»بعشرة مليارات دولار شهريا»». ويؤيد ذلك لزلي غلب. ويقول ان «»العراق سيكون بلا شك الاولوية الاولى ولابد من سحب القوات الاميركية مع تحفيز العراقيين في الوقت نفسه على التوصل الى اتفاق سياسي بينهم»». ويضع غلب افغانستان في المرتبة الثانية على قائمة اولويات الادارة المقبلة. اما المفاوضات مع ايران ، فستاتي في المرتبة الثالثة ، حسب لزلي غلب ، الذي يرى انه «»ستكون عملية تفاوض طويلة وصعبة يتم خلالها وضع كل الملفات على الطاولة لتسوية الخلافات المتعلقة بالمصالح الحيوية للبلدين»». واعرب الخبير الاميركي عن ثقته بان «»مثل هذه المفاوضات ستؤتي ثمارها»», مشيرا الى ان «»طهران تريد ان تلعب دورا مؤثرا في العراق، ونحن لا نعارض ان يكون لهم دور، ولكن من دون السيطرة على هذا البلد»». وتابع ان «»الولاياتالمتحدة عندما تتفاوض على الملف النووي، فانها تفعل ذلك حفاظا على مصالحها وليس من اجل مصلحة اسرائيل ، وفي نفس الوقت يجب ان يفهم الاسرائيليون اننا لن نبيعهم ، ونريد ان نكون متأكدين تماما من ان اسرائيل يمكنها الدفاع عن نفسها»». وكان اوباما اعلن رغبته في اجراء مفاوضات مباشرة مع ايران حول ملفها النووي بصفة خاصة ، وبات هناك شبه اجماع على هذا التوجه في واشنطن.