قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي »باراك أوباما« انخرط رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني «بنيامين نتانياهو» في نشاط دبلوماسي محموم مع بعض قادة دول المنطقة الشرق أوسطية هذا الأسبوع. ففي يوم الاثنين الماضي، التقى الرئيس المصري حسني مبارك، ويوم الثلاثاء، التقى ملك الأردن عبدالله الثاني، للتعبير عن نيته -كما قيل- للدخول في مباحثات مع الزعماء الفلسطينيين، كما يتوقع أن يلتقي خلال الأسبوع القادم مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وبعد ستة أسابيع من تولي منصبه، لم يظهر نتانياهو سوى اهتمام ضئيل بتقديم تنازلات. وكان أكثر ما أثار قلق القادة العرب في هذا الشأن، أنه لم يعرب عن دعمه لإقامة دولة فلسطينية، وعمل بدلا من ذلك على اعتبار طموحات إيران النووية همه الرئيس. ومن المتوقع أن يطلب نتانياهو من أوباما خلال لقائه المرتقب معه إمداده بالدعم بشأن هذا الموضوع، وخصوصاً أن الولاياتالمتحدة تشارك إسرائيل قلقها تجاه إيران التي دعا رئيسها ذات يوم لمحو إسرائيل من الخريطة. ويتصور نتانياهو «تعاوناً غير مسبوقش من أجل احتواء هذا التهديد. ولكن، نظراً لأن القادة العرب يدفعون بقوة من أجل حل الدولتين للصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي -وهو الحل الذي يدعمه أوباما أيضاً- فإن العديد من محللي الشرق الأوسط يقولون إن تركيز نتانياهو الآن على إيران، على خطورة ملفها، قد يكون مجرد محاولة لصرف الاهتمام عن عملية السلام. وخلال لقائه مع الرئيس المصري، يوم الاثنين، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نيته استئناف مباحثات السلام مع السلطة الفلسطينية، ولكنه لفت الأنظار أيضاً إلى المخاوف المشتركه بشأن البرنامج النووي الإيراني. وكذلك في لقائه مع البابا «بنديكت السادس عشر» يوم الخميس الماضي، قال نتانياهو للصحفيين إنه قد حث رئيس الكنيسة الكاثوليكية على استخدام مكانته الدينية في معارضة توجهات طهران. ويقول «والتر رايتش»، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة «جورج واشنطن» إنه: «ليس هناك شك في أن الدول العربية قلقة من السعي الإيراني لبسط الهيمنة، الذي سيبلغ ذروته بتحولها إلى دولة نووية، ومن المتوقع أن يؤدي هذا السعي إلى إطلاق شرارة سباق تسلح، مع العرب، وربما مع آخرين من الساعين للحصول على أسلحتهم النووية الخاصة» ويضيف «رايتش»: «ومع ذلك، فليس من المتوقع رؤية الدول العربية وقد تخلت عن موقفها المركزي، ولا عن خطابها الثابت الذي استمر عقوداً عن قدسية وأولوية القضية الفلسطينية». وهذا هو السبب في أن بعض المحللين، هنا، يرون أن مسعى نتانياهو هذا ليس من المرجح أن يلقى تجاوباً لدى الدول العربية. ومن هؤلاء المحللين «هاني حوراني» مدير مركز الأردن الجديد في عمان، الذي يقول: سإن المشكلة المباشرة في الوقت الراهن هي الاحتلال الإسرائيلي، وليس هناك قائد عربي يستطيع إقناع شعبه بأن إسرائيل لا تشكل التهديد الأخطر». ويختلف «شياي فيلدمان» مدير «مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط» في جامعة «برانديس» في «ماساشوستس» مع من يرون أن إسرائيل ينبغي أن تعمل على تقليص الحضور الضاغط للصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي في المشهد السياسي للشرق الأوسط، قبل أن تعمل على نقل اهتمامها إلى إيران حيث يرى أن موضوع إيران في حد ذاته قد يؤدي لتغيير ذي دلالة في ديناميات المفاوضات المستقبلية في المنطقة. ولتوضيح فكرته يقول فيلدمان: «إن موضوع إيران سيكون بمثابة الحبل الذي يستعين به نتانياهو للهبوط من على قمة الشجرة كلما واجهه استحقاق من الاستحقاقات المعلقة»، ويضيف: «إن هذا التهديد المشترك يمكن أن يوفر سياقاً جديداً لما تحتاج إسرائيل إلى عمله من أجل التحرك إلى الأمام، مما يعني أن إسرائيل ستعمل من جانبها على جعله أكثر قبولا وأكثر قابلية للتسويق مقارنة بما كان عليه الأمر من قبل داخل الديناميات الإسرائيلية الداخلية». وفي حين لا يوجد لدى الفلسطينيين سوى القليل مما يمكن أن يقدموه للإسرائيليين مقابل موافقتهم على تجميد تطوير المستوطنات، فإن العرب لو عرضوا مساعدتهم في الموضوع الإيراني، فإن الآخرين سيشعرون حينئذ بأن هناك ما يمكن أن يكسبوه في مقابل تقديم تنازلات ملموسة. وفي مقابلة له مع صحيفة «التايمز» اللندنية منذ أيام، أكد العاهل الأردني عبدالله الثاني على أهمية تحقيق السلام مع الإسرائيليين في أسرع وقت ممكن، متنبئاً بأنه في حالة عدم حل الصراع، فستكون هناك حرب أخرى بين المسلمين وإسرائيل خلال فترة تتراوح ما بين 12 إلى18 شهراً. ويؤكد الملك عبدالله الذي كان أول زعيم عربي يقابل الرئيس الأميركي الجديد «أوباما» أنه ناقش خطة جديدة للسلام بين العرب والإسرائيليين، يتوقع أن يعلنها الرئيس الأميركي في الخطاب الذي سيلقيه من القاهرة في شهر يونيو المقبل، وهي خطة تقوم على السعي لحل صراع إسرائيل مع الفلسطينيين بالإضافة إلى حل موضوعاتها الأخرى الإقليمية مع لبنان وسوريا. وفي معرض دعوته لما يصفه بأنه سيكون أكبر محادثات سلام خلال عقد على الأقل، يعمل الملك الأردني على «حل السبع وخمسين دولة» وهو حل يقوم على جمع 57 دولة إسلامية للتباحث من أجل التوصل لاتفاقية مع إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية مقابل الاعتراف بوجود إسرائيل. ومع ذلك ربما يكون التفاؤل في المعسكرين الأميركي والأردني بشأن هذا الحل سابقاً لأوانه، كما يرى البروفسور «رايتش» الذي يقول: «لا أعتقد أن العرب والإسرائيليين والأميركيين سيتمكنون من التوصل إلى حل خلال هذا الإطار الزمني القصير الذي تتصوره إدارة أوباما، علاوة على أن الكثير من الإسرائيليين لا تزال لديهم هموم أمنية رئيسية». وليس من المتوقع أن يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي دعماً كبيراً لموقفه المتشدد ضد طهران في واشنطن كما يقول «تريتا بارسي» مؤلف كتاب: «تحالف الخيانة: التعاملات السرية لإسرائيل وإيرانوالولاياتالمتحدة». ذلك أن «إيران متواجدة في كل صراع من صراعات المنطقة وبالتالي سيكون من الصعوبة بمكان تحقيق أي تقدم بشأن أفغانستان أو بشأن الانسحاب من العراق دون التعاطي معها» حسب تعبيره. عن «كريستيان ساينس مونيتور» عن «كريستيان ساينس مونيتور»