تتيح فترة الانتخابات فرصة الوقوف عند بعض العادات الانتخابية السيئة التي أصبحت تُؤَثِّث المشهد السياسي. من هذه العادات السيئة التي عرفتها انتخابات سابقة، نذكر : شراء الذمم واستعمال المال السائب، وكراء الوجوه(الْحَيّاحة) إلى جانب ترحيل مستشارين جماعيين إلى مدن بعيدة عن مدنهم ، واحتجازهم في غرف بفنادق كبيرة وفي فيلات فخمة ، وإحضارهم يوم الاقتراع . بالطبع للعملية مقابل مادي أو منح امتيازات ... وبما أن كل شيء يتغير ، فإن التغيير مَسَّ أيضا العادات الانتخابية ، لكن بِسٌوء، لتصبح أسوأ. آخر«الابتكارات» ولن تكون الأخيرة في هذا المجال، سرقة شعارات وأدبيات ومفاهيم أحزاب أخرى ، أو لنقل بلغة الحاسوب«نَقْل ولصق»(copier, coller ). تجد حزبا من أحزاب «الصولد» التي تظهر في المناسبات وتختفي باختفائها، وقد وضع يده، بكل وقاحة، على رصيد أحزاب وطنية أصيلة متأصِّلة، فترى هذا النوع من الأحزاب يحث على ضرورة نهج أسلوب النقد الذاتي بكل شجاعة بين«مناضليه» من أجل بناء حزب قوي يتمكن من مواجهة التحديات .. ويدعو إلى تبنِّي الاختيار الديموقراطي كوسيلة ناجعة للنضال من أجل أن يتبوّأ الحزب مكانة تليق به على الساحة، ويصر، في خطاباته، على المنهجية الديموقراطية في الحكم وعلى الحكامة الرشيدة.. وتعديل الدستور، وينادي باعتماد الشفافية الكاملة في جميع المجالات، وتخليق الحياة العامة.. ويلح على بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات ، ومجتمع العلم والمعرفة والحداثة والانفتاح والتعددية، ومحاربة الفساد والمحسوبية والانتهازية ، والتصدي لمقاومي التغيير، والابتعاد عن لغة الخشب، وضمان حرية التعبير ، وإفساح المجال للشباب والمرأة، و.....، و.... واكْ واكْ آعباد الله. أليست هذه سرقة موصوفة ؟ أحزاب توزع مواقع قياداتها بين الأهل والأحباب والأصدقاء والخِلاّن؛ تتأسس في جمع خاص وليس عام ، تُغْلَق خلاله الأبواب والنوافذ، ويُعْلَن عن خروجه إلى الوجود عبر ولادة قبل الأوان، في أيام عطلة أو بمناسبة قرب الانتخابات، فيكون الوليد مشوَّهاً ، غير مكتمل.. في مثل هذه الأجواء والظروف تختلط المفاهيم ويتشابه البقر كما لو أننا في سوق يجمع في لحظة ما ، ومن دون اتفاق، أولاد الحلال وأولاد الحرام.. هذا الاختلاط أو الخلط أدّى، إلى جانب أشياء أخرى، إلى تمييع المشهد السياسي بشكل مقيت ، وإلى التيئيس من العمل السياسي بشكل مقزّز. وبالفعل، انطلت اللعبة على بعض الشباب لدرجة جعلتهم عدميين لن يقتنعوا بأي شيء ولو أُنْزِلَت لهم مائدة من السماء أو حُوِّلَت لهم الشوارع إلى مجاري من عسل. حين يصل الأمرإلى هذا الحد ، فاعلم أنه يلزمك وقت ثمين، وجهد كبير، ونَفَس طويل من أجل الإقناع.. هنا بالضبط تعيث أحزاب «الصولد» فسادا باستغلالها أيّ شيء، وبِالسّطْوِ ( طريقة نَقْل ولَصْق) على ما لدى الآخر. هذا هو الحق الذي يٌراد به الباطل..... باسم التعددية.