جدد المغرب بمناسبة ذكرى استرجاع أقاليمه الجنوبية حرصه على المضي قدما في مسار الجهوية الموسعة الذي ارتضاه كخيار استراتيجي للتدبير الأمثل لمؤسساته المنتخبة ديمقراطيا . وشدد جلالة الملك في خطابه السامي إلى الأمة بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة أن الأقاليم الجنوبية ستمثل النموذج الأولي لتنفيذ مقتضيات الجهوية الموسعة ببلادنا بغض النظر عن تحفظات بعض الأطراف التي تحاول يائسة فرملة هذا المسار الإصلاحي الديمقراطي الجذري . وأكد جلالة الملك أن المغرب و من منطلق الإصلاحات العميقة التي أقدم عليها وقدرته على التفاعل الإيجابي مع التحولات الاقليمية والدولية أضحى في الوقت الراهن أكثر ثقة وعزما على مواصلة هذه المسيرة المتجددة، لتوطيد الوحدة الترابية وترسيخ دولة الحق والمؤسسات، والحكامة الجيدة بكل جهات المملكة. وفي مقدمتها أقاليمنا الصحراوية التي خصها الدستور الجديد بمكاسب ديمقراطية متقدمة. وشدد جلالته على أن الصحراء المغربية ستشكل نموذجا للجهوية الموسعة، بما تنطوي عليه من انتخاب ديمقراطي لهيآتها ومن تحويل واسع للسلطات والإمكانات من المركز إلى الجهات، وكذا من آليات التضامن الجهوي والوطني والتأهيل الاجتماعي والتنمية البشرية. وخلص الخطاب الملكي الى أن التحول الديمقراطي الكبير الذي أنجزه المغرب، في خضم متغيرات جهوية غير مسبوقة قد مكن من تعزيز موقف بلادنا ومصداقية مبادرتها للحكم الذاتي. وجدد جلالة الملك عزم المغرب على مواصلة التعاون مع الأممالمتحدة وكل الأطراف المعنية بالنزاع في الصحراء للمضي قدما في مسار المفاوضات وفق المقاربات الخلاقة التي طرحها المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي وعلى أساس مبادرة المغرب لتخويل سكان الإقليم حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية. ودعا خصوم الوحدة الترابية للمملكة الذين يعادون حقوقها السيادية على الأقاليم الصحراوية المسترجعة للكف عن «مناوراتهم» والاستجابة لدعوات مجلس الأمن الدولي والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإجراء إحصاء يضمن الحق الإنساني والطبيعي للصحراويين في منطقة (تندوف) فوق التراب الجزائري. وشدد الخطاب الملكي على حرص المغرب على التنفيذ التام لقرارت مجلس الأمن ذات الصلة، للتوصل إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، في إطار الوحدة الوطنية والترابية للمملكة. واعتبر أن إشراك الممثلين الحقيقيين لسكان أقاليمنا الجنوبية، ضمن دينامية جادة كفيل بوضع حد نهائي، لمزاعم الذين ينصبون أنفسهم ممثلين حصريين لساكنة المنطقة، في محاولة يائسة منهم، لإخفاء غياب أي سند قانوني، أو دعم شعبي، أو شرعية ديمقراطية، لتمثيلهم للساكنة الصحراوية. وشدد جلالة الملك في هذا الصدد على أن « إنجاح هذه الدينامية من شأنه أن يمكن إخواننا في مخيمات تندوف، من التمتع بنفس الحقوق والفرص والآفاق، المفتوحة أمام إخوانهم في أقاليمنا الجنوبية، ضمن مغرب موحد ديمقراطي وتنموي للجهات، محتضن لكل أبنائه». ويذكر أن المغرب يحاول بصدق وتوجه نحو المستقبل تفعيل هذه الدينامية البناءة، فلا يزال مواطنوه في مخيمات تندوف، يعانون، في منطقة معزولة ومغلقة، أبشع أساليب الحرمان والقمع والإهانة، في تنكر لكرامتهم وحقوقهم الأساسية المشروعة، وقد جدد جلالة الملك رفض المغرب لهذا الوضع غير الإنساني المهين، وللمناورات السياسوية الدنيئة، لخصوم وحدتنا الترابية، الذين يتجاهلون، بشكل سافر، كل النداءات الدولية.