سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هيئات المحامين عاجزة عن مراقبة سلامة الترشيحات لمنصب النقيب وعضوية مجالسها أي دور لمديريتي الشؤون المدنية والجنائية والعفو بوزارة العدل في تخليق المهن القضائية؟
... منذ مدة ونحن نؤكد بالواضح والمرموز على أهمية دور مديرية الشؤون المدنية ومديرية الشؤون الجنائية والعفو التابعتين لوزارة العدل، للتدخل من أجل المساهمة الفعّالة في تخليق المهن القضائية التي تشمل جميع مساعدي القضاء، وهي مسؤولية بالتبعية موضوعة على كاهل وزير العدل، باعتباره رئيسا للنيابة العامة، التي تعد تشريعيا طرفا رئيسيا لتفعيل مقتضيات قانون المحاماة. إن التخليق الذي نتحدث عنه لا يقتصر فقط على الاحصائيات المعلن عنها رسميا والممثلة في عدد حالات العزل والتوقيف والتوبيخ والإحالة على الجهة القضائية ،وإنما تمتد لتشمل التعاون مع الهيئات المهنية لتمكينها من المعطيات والملفات بحكم تمركز المعلومة بوزارة العدل، والتي في غياب توفرها يصعب حتى على النيابة العامة في كل دائرة استئنافية ممارسة مهامها وفق القانون فبالأحرى القطاعات المهنية ومجالسها من خبراء وعدول ومحامين وتراجمة ونساخ ... إلخ. وإذا ما حصرنا الموضوع في هذه المسألة دون سواها فإننا نود أن نتساءل عن الاجراءات العملية المتخذة في أفق الانتخابات المهنية للمحاماة في نهاية سنة 2011 والتي تشمل 17 هيئة تضم آلاف المحامين. في هذا السياق يطرح سؤال عريض حول مدى تفعيل منطوق المادتين 88 و89 من قانون المحاماة رقم 28/2008 المؤرخ في 20 أكتوبر 2008، خاصة أن الأمر يتعلق بتدابير قبل عملية الاقتراع بشأن انتخاب النقاب وأعضاء مجالس الهيئات؟ وللإشارة فقد اشترطت المادة 88 من قانون المحاماة في العضو المرشح لعضوية مجلس الهيئة «أن لا يكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية، وأن لا يكون محكُوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف والمروءة»، وعليه كيف لنقباء ومجالس هيئات المحامين أن يتوفروا على المعطيات الضرورية لمعرفة سوابق بعض المحامين للتحقق من الأهلية للترشح للانتخابات المهنية وممارسة حق الطعن ضد من ليست له الأهلية للترشح؟ بل كيف للنيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء مثلا أن تعرف أن محاميا داخل دائرة نفوذها متابع في ملف أو محكوم عليه من طرف المحكمة الابتدائية بخنيفرة أو محكمة الاستئناف بطنجة أو محكمة الاستئناف بالعيون بحكم بات، أو أن النازلة المتابع فيها تم حفظها أو لا تزال رائجة، وبالتالي من أين للمحامي المعني بعملية الانتخابات أن يعرف داخل هيئته مثل هذه المعلومة لممارسة حقه والعمل على تطهير وصيانة مهنة المحاماة من كل الشوائب وعمليات الإفساد في ظل الحديث عن التواصل والشفافية والحكامة القضائية والتعاطي المعلوماتي... إذا لم تتوفر شروط ومستلزمات المادتين 88 و89. أما النقطة الثانية من تساؤلنا فتهم مطالبة المشرع مجالس هيئات المحامين بإصدار مقرر خلال النصف الأول من شهر أكتوبر من السنة التي تجري فيها الانتخابات يُحدّد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشح لمنصب النقيب ولعضوية المجلس مع مراعاة شروط الأهلية المنصوص عليه في المادة 88 ، والعمل على إصدار هذه اللائحة قبل إجراء انتخابات جزئية بشهرين على الأقل حسب منطوق المادة 89 من نفس القانون. وزيادة في التوضيح أشارت نفس المادة الى حق كل محام لم يرد اسمه في مُقرّر المجلس أن يرفع أولا الأمر إلى النقيب (نقيب الهيئة) قصد تدارك الإغفال داخل ثمانية أيام من تاريخ تعليق اللائحة، وثانيا أنه في حالة عدم الاستجابة للطلب داخل الآجال يحق للمتضرر التقدم بطعن أمام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف التي تبت في مقرر غير قابل لأي طعن داخل ثمانية أيام من إيداع العريضة بكتابة الضبط لدى المحكمة المختصة. وعليه هل احترمت مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 89 التي حددت لمجالس الهيئات تعليق لوائح المؤهلين للترشح إبان النصف الأول من شهر أكتوبر، وذلك قبل إجراء الإنتخابات الجزئية بشهرين على الأقل؟ وماهي الآثار القانونية في حالة عدم احترامها؟ وماذا عن الآجال المنصوص عليها؟ وهل يجوز تعليق اللوائح دون غربلتها اعتمادا فقط على جدول هيئات المحامين؟ وهل بُلغت هذه اللوائح للنيابة العامة لدراستها محليا، أم بتنسيق مع مديريتي الشؤون المدنية والشؤون الجنائية والعفو؟ وما جدوى التنصيص على مقتضيات قانونية دون تفعيلها أو ترجمة جزء منها؟ ومَنْ يتحمل مسؤولية تعطيل مقتضى قانوني، إلى غير ذلك من الأسئلة الحارقة أمام تأكيد وزير العدل محمد الطيب الناصري على أن إصلاح القضاء، الذي يهم جميع مكونات العدالة، يُعتبر حجر الزاوية لدولة الحق والأمن القضائي وأن تفعيل هذه الإصلاحات انطلق خلال شهر سبتمبر الفائت، مشددا على محاربة الفساد المالي والإداري من طرف أية جهة. في هذا الصدد أفاد مصدر أن عددا من الهيئات ليست قادرة على ترجمة مقتضيات المادتين 88 و 89 عمليا وأن تفعيل المادة الأخيرة يستوجب تبليغ اللوائح التي أعدتها مجالس الهيئات الى الوكلاء العامين للملك ليقوموا بدراستها بتنسيق مع المديريتين المعنيتين بالشؤون المهنية بوزارة العدل، وإذا ما ظهرت حالات يفتقد أصحابها لأهلية الترشح تقوم النيابة العامة بالطعن في أحقية زيد أو عمر، وليس مقبولا انتظار انتهاء العملية الانتخابية للطعن في فوز المرشحين غير المؤهلين الذين يفسدون بترشيحهم العملية الانتخابية من أصلها، أي أن وزارة العدل ليست طرفا محايدا سلبيا في الانتخابات المهنية، وأن دور النيابة العامة أساسي في تفعيل القانون، مما يعني تغيير التعامل والتعاطي مع العملية الانتخابية للمهن القضائية، إضافة إلى وضع آجال معقولة للفصل في الطعون الانتخابية وتوحيد عمل القضاء في تفسير المواد القانونية، لأنه لا فائدة من صدور حكم قضائي نهائي عند انتهاء أو قرب انتهاء ولاية مجلس هيئة، وبالتالي ماذا عن طبيعة القرارات المتخذة من طرف أعضاء مجلس هيئة قال القضاء مثلا بأنهم يفتقدون للأهلية بعد سنتين أو ما يزيد عن انتخابهم؟ ثم ماذا عن الأشخاص المتابعين أمام المجلس الأعلى للحسابات في قضايا تمس بالشرف أو المروءة في الانتخابات العامة والمهنية والتي لاتكتسي صبغة جنائية يعود فيها اختصاص تحريك الدعوى العمومية لوزير العدل. هذه بعض الأسئلة التي ارتأينا إثارتها في أفق الانتخابات المهنية للمحاماة.