أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها قدمت اعتذار رسميا لمصر عن قتل جنود مصريين برصاص القوات الإسرائيلية على الحدود خلال شهر غشت الماضي. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مساء الثلاثاء أن إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي هو من تقدم بالإعتذار. وأشارت الصحيفة إلى أن الإعتذار جاء بعد انتهاء التحقيقات المشتركة بين الجانبين المصري والإسرائيلي . وأكدت الصحيفة أن تعتيما فرض على تفاصيل ونتائج التحقيقات . وتعقيبا عن الحدث قال خبراء دبلوماسيون وسياسيون إن الإعتذار الإسرائيلي لمصر عن مقتل الجنود المصريين على الحدود يأتي في إطار صفقة متبادلة بين البلدين تتضمن عدة نقاط مهمة تتعلق بالإفراج عن السجناء المصريين، ووضع السفارة الإسرائيلية في القاهرة. وقال السفير حسن عيسى، مدير إدارة إسرائيل الأسبق بوزارة الخارجية، إن الإعتذار الإسرائيلي لمصر جاء في إطار إتمام صفقة الجندي جلعاد شاليط، ويقضي بأن تكتفي مصر بالإعتذار الإسرائيلي مقابل تجاهل إسرائيل موضوع الإعتداء على سفارتها في القاهرة، مع عدم إثارة الأمر دولياً. وحول الإعتذار الإسرائيلي عن الحادث الذي لم يمر عليه سوى شهرين، مقابل مماطلتها مع تركيا وعدم تقديم أي اعتذار عن الإعتداء على أسطول الحرية والسفينة مرمره، قال عيسى إن العلاقات المصرية الإسرائيلية تتمتع بخصوصية معينة وتختلف عن علاقة إسرائيل بأي دولة أخرى في العالم، ويظهر ذلك جليا في سرعة اعتذار إسرائيل لمصر، بل إنها ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك وهو تشكيل لجنة إسرائيلية للتحقيق في الواقعة تحت إشراف قضائي وبمشاركة مصرية. وحول كيفية استثمار الإعتذار في تحقيق مكاسب أو طلب تعويضات، شكك عيسى في إمكانية قيام مصر بطلب تعويضات مادية عن مقتل الجنود، وأنها ستكتفي بالإعتذار، أما عن تعديل اتفاقية السلام فقد تم بالفعل عندما وافقت إسرائيل على دخول ألف جندي مصري إلى سيناء، وحول تعديل اتفاق تصدير الغاز فإن الحكومتين المصرية والإسرائيلية، ليست لهما علاقة مباشرة بهذا الموضوع، فهو بين الحكومة المصرية من جهة، وشركة شرق البحر المتوسط المملوكة لحسين سالم من جهة أخرى. وقال الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن اعتذار وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، لا يعتبر نجاحاً بالنسبة لمصر مقارنة بعدم تقديم إسرائيل اعتذاراً لتركيا عن مهاجمة أسطول الحرية، ولكن هذا الإعتذار هو ثمن لدور مصر في إتمام صفقة الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس «شاليط»، والإعتذار من شأنه إغلاق ملف الجنود المصريين، الذي كان من المفترض أن يتم التحقيق فيه. وأشار جاد إلى أن المجلس العسكري حاول تحسين صورته أمام الولاياتالمتحدة والعالم الخارجي، خاصة بعد أحداث ماسبيرو ليثبت قدرته على إقامة علاقات واتفاقيات خارجية، وتحسين صورته في الخارج ليظهر أنه يؤدي دوراً إقليمياً لخدمة السياسة الأمريكية. وتساءل جاد: لماذا يقدم الإعتذار في هذا التوقيت تحديداً؟، مشيراً إلى أن من شأنه حدوث هدوء في العلاقات المصرية الإسرائيلية، ويعيد العلاقات مرة أخرى، بالإضافة إلى إمكانية عودة السفير الإسرائيلي إلى مصر بمقر جديد للسفارة. وأشار حسن أبو طالب، مدير معهد الأهرام للصحافة، إلى أن مصر استطاعت خلال الأيام القليلة الماضية الحصول على الإعتذار الإسرائيلي عن مقتل الجنود المصريين على الحدود، واعتبره تطوراً إيجابياً، خاصة أن إسرائيل لا تعتذر مطلقاً عن أخطائها في حق العرب، وعندما تقدم الإعتذار فهذا تحول كبير. وأكد أبو طالب حرص إسرائيل على عدم تدهور علاقتها مع مصر كما حدث في علاقة إسرائيل مع تركيا، مشيرا إلى حصول مصر على موافقة إسرائيل على نشر كتيبة من الجنود المصريين في المنطقة «ج» في سيناء، وهي قريبة من الحدود الإسرائيلية، وهذا الإتفاق يعكس تأثير سياسات مثل الضغط السياسي والمعنوي والحوار والتواصل الدائم، ورفض الضغوط الأمريكية من الجانب المصري. وحول إمكانية المشاورات بين الجانبين المصري والإسرائيلي بشأن تعويضات للجنود الضحايا، وتعديل إتفاقيتي السلام وتصدير الغاز، أشار أبو طالب إلى إمكانية وجود حوار بين الجهات الرسمية المصرية والإسرائيلية حول هذه الموضوعات، خاصة أن هناك بعض الشركات الإسرائيلية المرتبطة بعملية تصدير الغاز المصري لإسرائيل تطالب بمحاكمة مصر، بسبب قطع تصدير الغاز عدة مرات بعد التفجيرات التي وقعت في محطات الغاز في شمال سيناء. وأشار أبو طالب إلى أن مثل هذه القضايا المتشعبة في العلاقة بين مصر وإسرائيل تتطلب استخدام كل الأدوات المتاحة من سياسة وإعلام وضغط شعبي حتى تحقق مصر ما يتعلق بمصالحها العليا. كانت القاهرة قد أدانت قتل جنود إسرائيل ل 5 جنود مصريين على الحدود مع إسرائيل وطالبت إسرائيل بتقديم اعتذار رسمي.