هل ستختفي الجرائد الورقية في يوم ما من عالم الصحافة؟ وهل سينخفض عدد الصحف الورقية تدريجيا وينتهي عصرها ليبدأ عصر آخر هو عصر الصحافة الإلكترونية؟ واصبح بالامكان الان أستقبال الصحف على شاشات رقيقة، أصغر بكثير من صفحة الجريدة الورقية، ولهذه الشاشات قابليات كثيرة، كأستقبال أكثر من صحيفة، أضافة إلى البريد الالكتروني والتواصل عبره مع محرري الصحيفة وأبداء أراءهم فيما ينشر، ويمكنهم عمل شات (حديث) متواصل مع المشرف على موقع الصحيفة الألكتروني !! وستتغير ملامح ما نعرفه اليوم عن الصحافة اليومية، بوضع جديد وآليات وقوانين جديدة لحكم المشهد بأكمله، وسيكون متصفح الجريدة مشاركا في تحريرها، فهناك صفحات يحررها القراء بأنفسهم، وفيها يكتبون أنتقاداتهم للسياسيين وللمفكرين، ولكل ما تعني لهم الكتابة فيه من الشؤون. وتشكل تكنولوجيا الاتصال الحديثة حجر الزاوية في الثورة التي تشهدها وسائل الاعلام الجماهيري في الوقت الراهن، حيث يعود الفضل الى هذه التكنلوجيات في حالة التزاوج التي شهدتها الوسائل الاعلامية لأول مرة في التاريخ الانساني بين الوسائل المطبوعة ،والوسائل المسموعة و المرئية، الامر الذي انعكس على شكل الاتصال و محتواه و أساليب انتاجه و تمثلت هذه الثورة في أنها مكنت الاشخاص و المؤسسات و الدول من ارسال و استقبال المعلومات عبر اى مسافة، و في أي وقت و مكان، ويشار الى الصحافة الالكترونية في الدراسات العربية بمسميات عدة منها (الصحافة الفورية، النسخ الالكترونية، الصحف الرقمية، الصحف اللاورقية، الصحف التفاعلية ). فالصحيفة الالكترونية هي عملية اتصال صحفي عبر شبكة الانترنيت تتم من خلال وسائط الكترونية متعددة، مستفيدة مما تقدمه شبكة الانترنيت من مزايا تكنولوجية، و تصدر بشكل دوري، و لها موقع محدد على الشبكة، و تعتمد على تكنولوجيات الحاسب الالي في تحليل و صياغة محتويات الصحيفة و تقديمها الى القارئ عبر الانترنيت، لخلق جو من التفاعل معه، وفي ظل هذه الثورة حرصت غالبية المؤسسات الصحفية على انشاء مواقع إلكترونية لصحفها على الشبكة، و في هذا الاطار ظهرت الصحف الالكترونية التي تقوم على تعدد الوسائط و التي تتيح لمستخدميها إمكانية البحث داخلها، وحفظ و طباعة صفحاتها، والصحيفة الالكترونية غالبا ما تكون مرتبطة بصحيفة مطبوعة وقد لا يتم و ضع ترقيم للصحيفة الالكترونية و خاصة عندما يتم تحديث محتواها كل فترة زمنية متقاربة تصل بالنسبة لخدمة (cnn, the new york times)الى 10 دقائق لكنها تشير الى تاريخ و ساعة اخر تعديل لما تنشره، والعديد منها تحتفظ بارشيف للموضوعات السابق نشرها بحيث يمكن استدعاؤها من قبل القراء إذ ارادوا ذلك. فالفروقات بين الصحيفة المطبوعة والصحيفة الالكترونية أنها غيّرت من شكل القوالب الصحفية المعتادة وجمعت بين أكثر من وسيلة داخلها، فهي تستخدم النص والصورة والفيديو والتسجيلات السمعية مما يدعم مصداقية الخبر، السرعة في تلقي الأخبارالعاجلة، سرعة وسهولة تداول البيانات على الإنترنت بفارق كبير عن الصحافة الورقية التي يجب أن تقوم بانتظارها حتى صباح اليوم التالي، حدوث تفاعل مباشر بين القارئ والكاتب حيث يمكنهما أن يلتقيا في التو واللحظة معاً، وأتاحت الصحافةالإلكترونية إمكانية مشاركة مباشرة للقارئ في عملية التحريرمن خلال التعليقات التي توفرها الكثير من الصحف التكاليف المالية الضخمة عند الرغبة في إصدار صحيفة ورقية بدءاً من الحصول علىترخيص مروراً بالإجراءات الرسمية والتنظيمية، بينما الوضع في الصحافة الإلكترونية مختلف تماماً حيث لا يستلزم الأمر سوى مبالغ مالية قليلة لتصدر الصحيفة الإلكترونية بعدها بكل سهولة، وكذلك ارتفاع تكاليف الورق الذي يكبد الصحف الورقية مشقة مالية يومياً، ولا يحتاج من يرغب التعامل مع الصحافة الإلكترونية سوى لجهاز كمبيوتر ومجموعة من البرامج التي يتم تركيبها لمرة واحدة وعدم حاجة الصحف الإلكترونية إلى مقر موحد لجميع العاملين إنما يمكن إصدار الصحف الإلكترونية بفريق عمل متفرق في أنحاء العالم. اذن فنلاحظ ان المنافس الجديد للصحافة المكتوبة، هو اخطر المنافسين السابقين قاطبة فهو أخطر من الاذاعة التي هددت أنتشار الصحافة المطبوعة وأيضا أكثر تأثيرا حتى من التلفزيون الذي نافس الصحافة الورقية في سرعة بثه للخبر ومتابعته للخبر بالنقل الصوري والسمعي المباشر من واقع الحدث وتتميز بأنها جمعت جميع مميزات وسائل الإعلام السابقة، بعد هذا كله نعود ونسأل هذه السؤال الذي أترك إجابته لكم: الصحافة الإلكترونية هل هي بديل للصحافة الورقية أم منافس لها ؟ ولمن ستكون الغلبة ؟