لم يعد بإمكان زوج أو زوجة أو أطفال الاستفادة من حق التجمع العائلي في إسبانيا إلا بتوفر شروط وضمانات اعتبرها البعض جد تعجيزية ومجحفة،ومنها مثلا إلزام المهاجر الراغب في استقبال زوجته وطفلين بضرورة التوفر على أجر شهري يعدل على الأقل 1500 أورو، ومنزل يتوفر على ثلاث غرف نوم، وهو أمر تعجيزي بحكم الأزمة المالية التي ضربت إسبانيا ولا زالت ترخي بظلالها على الوضع الاقتصادي في شبه القارة الإيبيرية. و هذا نموذج لتعديل من ضمن تعديلات كثيرة أدخلتها الحكومة الإسبانية على قوانين الهجرة وقد دخلت حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يوليوز الجاري . التعديلات الجديدة والتي جاءت في ظرف سنتين شددت الخناق في الكثير من فصولها على جميع شرائح المهاجرين بدءا بالراغبين في الاستقطاب العائلي من خلال قانون «الاندماج الاجتماعي والعملي والعائلي»، والراغبين في الحصول على الجنسية، وكذا على الطلبة والراغبين في تجديد تراخيص العمل والإقامة بحيث فرضت الحكومة على طالبيها تأدية رسوم للدولة قبل القرار ، وإلا فالملف سيرفض أصلا أو يحفظ . وجاءت التعديلات بإجراءات جد صارمة يمكن لبعضها أن يمس المهاجرين المغاربة أكثر من غيرهم لذا وجب الانتباه إليها، فمثلا يمكن رفض تجديد بطاقة الإقامة لمهاجر يتنقل أكثر من مرتين بين بلده الأصلي وإسبانيا «فالمدة الزمنية يجب ألا تتعدى ستة أشهر خارج التراب الإسباني، كما أن مهاجرا ينتقل إلى المغرب ثلاث مرات في ستة أشهر يمكن أن يفقد بطاقة الإقامة أثناء تجديد الترخيص، لأن عملية حساب ستة أشهر تنطلق في جمع المدة التي قضاها المهاجر في ثلاث سفريات» . كما أن الطفل المزداد بإسبانيا من أبوين لا يقيمان بطريقة شرعية على التراب الاسباني لا يسوي وضعية والديه، والحالة الوحيدة التي تسوى فيها الوضعية هي إذا كان احد الوالدين إسباني الجنسية. وارتباطا بهذا القانون كانت الحكومة الاسبانية قد شجعت العودة الطوعية للمهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم، ومن بين الحوافزالتي عرضتها الحكومة أن تدفع للمهاجرين العاطلين عن العمل اعانات بطالة في بلدانهم الأصلية وجزءا من تكاليف رحلة عودتهم الى الوطن، وقد وصل عدد الراغبين في الاستفادة من هذا البرنامج إلى 30 ألف مهاجر. كما تُسوَق أيضا أن التعديلات الجديدة هي في صالح المهاجر كونها ستمنح الاستقرار ، وتحارب العمل غير الشرعي وعقود الشغل الوهمية وتتضمن كرامة المهاجر وأسرته . غير أن المهتمين بقضايا الهجرة و الجمعيات العاملة في المجال هاجمت التعديلات معتبرة أنه لا يمكن للمهاجرين وحدهم أن يؤدوا ثمن مخلفات الأزمة الإقتصادية العالمية وكأنهم من تسبب فيها,خصوصا وأن الكثير منهم تم استقدامهم من بلدانهم بعقود عمل وساهموا كل من جانبه فيما وصلت إليه إسبانيا من تقدم على كافة الأصعدة والمستويات.